الرئيسية / مقالات رأي / الغذاء كسلاح

الغذاء كسلاح

الشرق اليوم- برنامج الغذاء العالمي يحذر في أحدث تقرير له من أزمة مجاعة على مستوى العالم جراء نقص الحبوب بسبب الحرب الأوكرانية. ورئيس البنك الدولي ديفيد ماتياس يحذر من كارثة إنسانية، فيما حذرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) من أن نحو 220 مليون شخص سيواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي خلال العام الجاري مع استمرار الحرب الأوكرانية وظهور تداعياتها على سوق الغذاء العالمي. كما حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من مجاعة عالمية قد تستمر لسنوات.

 سلة الغذاء العالمية كانت تواجه العديد من الأزمات خلال تفشي وباء كورونا، وهي تزداد تفاقماً مع الحرب الأوكرانية جراء عدم القدرة على توفير سلاسل لتوريد القمح وأنواع الحبوب الأخرى، حيث تزود روسيا وأوكرانيا العالم بنحو 30 في المئة من القمح، بسبب انقطاع خطوط الملاحة عبر البحر الأسود وعدم قدرة الموانئ على العمل، لكن الأزمة الحقيقية تكمن في العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها أوروبا الغربية والولايات المتحدة على روسيا، وحالت دون قدرتها على تزويد العالم بالقمح والذرة والأسمدة الضرورية للزراعة، أي أن الحبوب تحولت إلى سلاح في المعركة ضد روسيا.

 تشكل العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، مثلها مثل تزويد كييف بالسلاح المتطور، وسيلة للضغط عليها بهدف تركيعها، الأمر الذي أدى إلى نتائج عكسية، حيث تفاقمت أزمة الغذاء العالمية، وسجلت أسعار السلع الأساسية أرقاماً قياسية جراء صعوبات في التوريد والإمدادات ، وتحولت العقوبات إلى وسيلة لتركيع العالم.

 الدول الغربية تتهم روسيا بتجويع العالم، في حين أن الأخيرة ترد بأن العقوبات هي السبب، وعندما ترفع العقوبات يمكن بكل سهولة استئناف التصدير بكل سلاسة. وقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده لا تقف عائقاً في طريق صادرات الحبوب، وقال: “نحن لا نمنع تصدير الحبوب الأوكرانية، ويمكن تصديرها عبر الموانئ التي تخضع لأوكرانيا”، وأشار إلى أن روسيا “لم تضع الألغام في الطرق المؤدية إلى الموانئ”.

 الحقيقة أنه عندما يدخل رغيف الخبز في المعركة كسلاح، فإن الأمن الغذائي العالمي يصبح في خطر حقيقي، وتصبح السياسة مصطلحاً بلا أخلاق، وتنعدم الروح الإنسانية التي تسقط تحت نوازع القوة والجشع والسيطرة والهيمنة، وبعدها لا أحد يسأل أين الضمير والمسؤولية الأخلاقية.

 لقد سبق للولايات المتحدة أن استخدمت العقوبات الاقتصادية ضد العديد من الدول خلال العقود الماضية وطالت تداعياتها ملايين البشر من دون أن تؤثر في الأنظمة، لكن العقوبات الحالية على روسيا مختلفة تماماً لأنها تطال العالم بأسره، فهي تمس قطاعات اقتصادية مهمة يحتاج إليها العالم يومياً مثل الحبوب والنفط والغاز، لذلك فإن آثارها ستكون واسعة وتطال المليارات من البشر، ومن ضمنهم شعوب الدول الغربية التي تشارك في العقوبات.

 الأمم المتحدة تحذر من مجاعة عالمية، وكلما طال أمد الحرب فإن الوضع سيزداد سوءاً.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …