الرئيسية / مقالات رأي / لقد عاد ترامب سواء كان العالم مستعداً أم لا…

لقد عاد ترامب سواء كان العالم مستعداً أم لا…

بقلم: جو معكرون- النهار العربي
الشرق اليوم– المشهد الأميركي هذه الأيام شاشة منقسمة الى قسمين: اسم دونالد ترامب في المحكمة وفي صناديق الاقتراع. ما يخسره في المحكمة يكسبه في السياسة بحيث أصبحت مشاكله القانونية رافعة لشعبيته بين القاعدة المحافظة ومنجم تمويل لحملته الانتخابية. هي الصورة التي يريدها، صورة المضطهد من النظام القائم في واشنطن الذي يدعي ترامب انه سرق فوزه في الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

أشهر فاصلة في الحزب الجمهوري لتحديد هوية المرشح الذي سيواجه الرئيس جو بايدن في الخريف المقبل. ينافس ترامب مرشحين يخرجان من الموجة المحافظة التي أطلقها قبل حوالي ثماني سنوات، وهما الحاكم الحالي لولاية فلوريدا رون ديسانتيس وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة والسفيرة الاميركية السابقة لدى الامم المتحدة نيكي هايلي. في أول اختبار في الانتخابات التمهيدية في ولاية ايوا، حصل ترامب على 51 بالمئة مقابل 21.2 بالمئة لديسانتيس و19.1 بالمئة لهايلي. ديسانتيس، الذي حاول التموضع على يمين ترامب، بدأ يعطي مؤشرات انسحاب من السباق، لا سيما أن أرقامه متواضعة في الانتخابات التالية في ولايتي نيو هامبشير وكارولينا الجنوبية. تبقى هايلي العائق الاخير الذي يمنع فوز ترامب الحتمي في الانتخابات التمهيدية، لكن التحدي الذي يواجهها بأنها تحاول الجمع بين محاكاة كل من القاعدة المحافظة والمعتدلة عبر التسويق بأنها بديل عقلاني لترامب. لكن مهما حاولت هايلي التسويق لصورتها هذه، لا يمكنها منافسته على القاعدة المحافظة واذا حاولت التماهي مع الجمهوريين المعتدلين يضعها ترامب في قالب ليبرالي. مع انها قادرة على تحقيق نتيجة جيدة أمام ترامب في ولاية نيوهامبشير هذا الاسبوع، لحظة الحقيقة لهايلي ستكون انتخابات كارولينا الجنوبية في 24 شباط(فبراير) المقبل. وفي حال خسارتها في معقلها الانتخابي في هذه الولاية، سيكون من الصعب عليها إقناع الناخبين والمتمولين بأنها قادرة على الاستمرار في سباق الانتخابات التمهيدية حتى شهر حزيران(يونيو) المقبل.

توقيت محاكمة ترامب قد تتزامن مع الحملات الرئاسية بحيث قد يتنقل بين قاعات المحكمة والمهرجانات الانتخابية، وبالتالي سيستخدم هذا الامر لتجييش قاعدته فيما يستخدمه فريق بايدن للتحذير من مخاطر عودة ترامب الى السلطة ولتمويل حملة الرئيس الحالي. يقول مناصرو ترامب في استطلاعات الرأي ان مشاكله القانونية ليست مصدر قلق بالنسبة لهم، بل أولوياتهم هي الاقتصاد والهجرة. ترامب لا يزال يواجه المشكلة نفسها وهي سقف 40 الى 45 بالمئة من التأييد المحافظ في استطلاعات الرأي، بحيث لا يتمتع بدعم كافي من المستقلين ومن الجمهوريين المعتدلين ليتفوق حسابياً في الانتخابات العامة. فرص ترامب للفوز تعتمد الى حد كبير على نسبة الاقبال على التصويت بين الديموقراطيين والمستقلين، لا سيما الشباب الذين ليست لديهم حماسة انتخابية لبايدن، وبالتالي قد يتمكن ترامب من الفوز في هذا السيناريو من تراجع الاقبال مع حد أدنى من الاصوات المحافظة المؤيدة له. بعد تبلور عودة ترامب، بدأت قيادات محافظة بارزة تخرج عن صمتها وتحارب خصومه نيابة عنه في الحملات الانتخابية فيما ترامب منشغل في محاكمته، ما يعكس مدى ثقة حملة ترامب بامكانات فوزها في الانتخابات التمهيدية. تسعى تلك القيادات المحافظة في الكونغرس وخارجه الى حجز مناصب لها في ادارة ترامب في حال فوزه، لا سيما منصب نائب الرئيس. ليس هناك شك، الحزب الجمهوري لا يزال حزب ترامب حتى إشعار آخر.

سيبدأ ترامب بتحدي ادارة بايدن كلما اقترب من الفوز بالانتخابات التمهيدية، هو تعهد بانهاء النزاع في أوكرانيا خلال 24 ساعة في حال فوزه نتيجة علاقته الشخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما إدارة بايدن تحاول تخصيص المزيد من الاموال في الكونغرس للحكومة الاوكرانية، وبالتالي تراجع الجمهوريون في الكونغرس الموالون لترامب عن هذا التمويل لكييف لتفادي إغضاب المرشح الرئاسي الجمهوري. هذا الامر قد يجمد السياسة الاميركية حيال أوكرانيا لما بعد نتائج الانتخابات الرئاسية العامة اي حتى العام المقبل. هذا ينسحب على ملفات أخرى في الكونغرس قد تجمد أولويات الادارة في العام الاخير من ولاية بايدن الرئاسية.
هذه الهيمنة لترامب على الانتخابات التمهيدية تذكر بعودته المحتومة الى المشهد العام بعدما اعاد إحياء حملته الانتخابية التي كانت مترنحة على وقع الاتهامات القانونية التي تمكن من تحويلها من نقطة ضعف الى سردية حول ما يصفه بالاضطهاد السياسي الذي يطاله. عاد ترامب مجدداً يملي شروطه في واشنطن حيث يحدد شروط التفاوض مع البيت الابيض. أجندة الجمهوريين في الكونغرس باتت تتمحور حول كيفية مساعدة ترامب للفوز بالرئاسة مجددا، وهذا نفوذ غير مسبوق لرئيس اميركي سابق. هناك قلق أوروبي من تداعيات عودته الى البيت الابيض، وتساؤلات من الصين الى الشرق الأوسط حول شكل ومضمون السياسة الاميركية في حال فوزه. هل ستكون ولايته الثانية انتقاماً من كل من تخلوا عنه في أميركا والخارج، منهم رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو؟ هل سيعود ترامب بحثاً عن صلاحيات بدون رقابة ويعود معه الاضطراب السياسي الى واشنطن؟ من المبكر الحديث عن فرص ترامب للفوز، اذا جرت الانتخابات العامة اليوم سيخسر حتما أمام بايدن، لكن هناك عوامل كثيرة قد تتغير حتى يوم الانتخابات في 5 تشرين الثاني(نوفمبر) المقبل.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …