الرئيسية / مقالات رأي / ماذا بعد أن تشخص النّساء بالسّرطان؟

ماذا بعد أن تشخص النّساء بالسّرطان؟

بقلم: العنود المهيري- النهار العربي
الشرق اليوم– في نيسان (أبريل) الماضي، انتشرت كالنار في الهشيم “الانترنتي” قصة امرأة تشارك في ماراثون لندن بهدف دعم الأبحاث حول سرطان الدماغ، والمدهش كان اعتراف دانييل إبستين بأنها هجرت عشيقها الذي قضت معه سنتين، بعد إصابته بالمرض نفسه! هنا، تحوّلت أقسام التعليقات في صحف “ذا تلغراف” و”أندبندنت” وغيرها إلى حفلات لشتم إبستين، ورشقها بالطماطم الافتراضية.

وشعرت بأني وحدي بين آلاف القرّاء الغربيين التي لم تُفاجأ بالمقالة، فالتجربة المريعة التي قاساها ييلا فريسين – العشيق المنكوب – بدت لي مألوفة للغاية كامرأة عربية.

ليس ثمة نقص من حولنا في حملات توعية النساء بأمراض السرطان، خصوصاً سرطان الثدي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. نجد النساء العربيات المُصابات يتناقلن خبراتهن أكثر من أي وقت مضى، ويشددن من أزر بعضهن بعضاً، كما يبددن التصورات المغلوطة حول المرض. ولكن لا يبدو أن أحداً يتكلم عن التبعات العاطفية أو الزوجية المحتملة للتشخيص.

مبدئياً، فقد توصّل مركز “فريد هتشنسون لأبحاث السرطان” إلى أن النساء أكثر عرضة بـ6 مرات من الرجال للتعرض إلى الانفصال أو الطلاق في حال تشخيصهن بالمرض الخبيث. وكلما كانت المريضة أكبر سناً، ارتفعت أيضاً احتمالية هجرانها. وعزت الدراسة هذا التباين بين مريضات السرطان ومرضاه إلى أن الرجال عموماً أقل قدرة على الالتزام بتقديم الرعاية الصحية لشريكاتهم، والتكفل ببقية الأعباء العاطفية والعائلية والمنزلية.

لا أزعم بأنها ظاهرة عربية إذاً، ولكن لـ”ييلا” آلاف النظيرات في عالمنا العربي، وقصصهن التي تدمي القلوب “على قفا من يشيل”، وإن لم تجد طريقها إلى “ذا ديلي ميل” و”نيويورك بوست”.

تفُجع العديد من النساء العربيات بيمين الطلاق مع تشخيصهن بالسرطان، أو بتوجّه أزواجهن شبه الفوري إلى ممارسة التعدد. والمريع حقاً أن هذا “الغدر” المتجرد من الإنسانية والأخلاق والاحترام والتعاطف، والمتستر بغطاء الشرعية و”ما أحل الله”، كثيراً ما يأتي بإيعاز من ذوي الزوج وعائلته، والذين لا يرون في الزوجة المصابة سوى بضاعة معطوبة يُفضّل التخلص منها، أو استبدالها، عوضاً عن استنزاف الجهد والأمل في إصلاحها. وأعرف شخصياً رجلاً اضطر إلى “التعهّد” لوالدته بأن السرطان لن يعاود زوجته وإلا ما توقفت عن بحثها عن “البديلة”.

وبعد الشروع في العلاج من السرطان، من المتوقع – بطبيعة الحال – أن توهن طاقة المريضة، وتتراجع صحتها، ويتغيّر مظهرها، ويتناقص حتى وقتها المخصص للاهتمام بالزوج، والاعتناء به، وتلبية رغباته الجنسية، فيصبح للطلاق والتعدد بعد جلسات الكيماوي والإشعاعي، وعمليات الاستئصال، مبرراتهما “القوية”.

وحبذا لو تلاشت خصوبة الزوجة أيضاً بفعل المرض، فحينها يصبح “مضطراً” إلى خيانتها للحفاظ على سلالته المقدسة.

وكأنما لم يكن يكفي مريضات بالسرطان القلق من التشخيص، والعلاج ومضاعفاته، وتكاليفه، وفرص نجاتهن، واحتمالية نقل جيناتهن إلى بناتهن، فكان لا بد من أن يقلقن أيضاً من سحب بساط الاستقرار العائلي من تحت أقدامهن. والله المستعان.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …