الرئيسية / مقالات رأي / تصعيد في أفق أوكرانيا

تصعيد في أفق أوكرانيا

الشرق اليوم- تتوالى التحذيرات الروسية من ازدياد التورط الغربي في الأزمة الأوكرانية، بعد البيانات المتوالية عن إمداد أوكرانيا بأسلحة متطورة، من دبابات وصواريخ ومقاتلات وقنابل فتاكة، والتي ستؤدي إلى تأجيج أتون الصراع، وتخلف أعداداً إضافية من الضحايا، وتعمّق المآسي الإنسانية، من دون أن تكون قادرة على حسم المعركة أو تقود إلى السلام المنشود.

ميدان المعركة في أوكرانيا متحرك، وتغلب عليه الدعايات الإعلامية أكثر من الحقائق العسكرية، فالهجوم المضاد، الذي بدأته كييف منذ ثلاثة أشهر، ما زال يراوح مكانه، ولم يحقق إنجازات، غير الخسائر البشرية الفادحة، والتدمير الكبير الذي طال العتاد والبنى التحتية. وبينما تحاول القوات الأوكرانية شن هجمات على محاور متعددة، تكتفي نظيرتها الروسية بالأعمال الدفاعية، بعد أن حصنت مواقعها التي سيطرت عليها في بداية الأزمة.

وما يثير القلق، في هذه المرحلة، أن تكثيف الدعم الغربي، وزيادة جرأة القوات الأوكرانية على الأراضي الروسية، ومنها الاستهداف اليومي لموسكو بالمسيّرات، محدودة الفاعلية، ربما سيدفع القيادات العسكرية الروسية إلى ردود فعل قوية، قد تكون هجوماً واسع النطاق. وباعتراف كييف، فإن موسكو تستعد لاستئناف عمليات هجومية نشطة، بعد أن جهزت ألوية وفرقاً تشكلت حديثاً، وأصدر الرئيس فلاديمير بوتين مرسوماً يُلزم عناصر المجموعات المسلحة، بأداء قسم اليمين مثلما يفعل جنود الجيش؛ وذلك بعد أيام قليلة من مصرع قائد مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين في حادث تحطم طائرته شمال موسكو.

وتتزامن هذه الإجراءات مع زيادة التحذيرات إلى الغرب من تجاهل الإشارات الروسية بأن الوضع مقبل على مرحلة جديدة. وهناك خلف الكواليس ما يؤكد أن هناك تصعيداً في الأفق، يتمثل بإشارات في التغييرات التي شملت قيادات عسكرية روسية، واجتماعات خاصة عقدها بوتين مع مسؤولي المناطق الأوكرانية التي ضمتها بلاده، وحتى مصرع بريغوجين في حادث الطائرة الغامض، لا يبتعد كثيراً عن مجريات الحرب.

بعض التقارير الغربية، التي يسمح بتسليط الضوء عليها، لتضاربها مع أهداف قادة الولايات المتحدة وأوروبا، تستشرف وضعاً غير مريح لكييف وحلفائها في الأشهر المقبلة، من ذلك أن الحرب أصبحت الآن حرب استنزاف، وتتم بشروط لمصلحة موسكو بشكل متزايد، في الوقت الذي تخشى فيه كييف من “نفاد الرجال”، بسبب محدودية القوى البشرية القادرة على القتال. أما الدعم الغربي، فيواجه مشكلات عدة، ولم يعد كالسابق. وفي ظل عدم تحقيق كييف إنجازات باهرة، على الرغم مما تلقته من أسلحة متطورة، فإن ذلك سيضع القوى الغربية أمام خيارين، إما الاستسلام أمام هذا الوضع، وإما الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، وكلا الخيارين مر، وهو ما يصل بالأزمة إلى النقطة الحرجة.

تجنب التصعيد لا يمكن إلا بتفعيل الآليات الدبلوماسية، بحثاً عن حل سلمي. وعلى الرغم من الدخان الهائل المتصاعد من أرض المعركة، فإن ذلك لا يحجب احتمالات الإعلان عن مفاوضات مفاجئة، أو مبادرات جادة. وما ألمحت إليه رئيسة المجر كاتالينا نوفاك عن “تغييرات وشيكة” في عملية التسوية للأزمة الأوكرانية، ربما يكون مؤشراً على الحلحلة المطلوبة، تجنباً للسيناريو الأسوأ والتصعيد المدمر.

شاهد أيضاً

وجوه جديدة لأزمة اللاجئين

بقلم: وليد عثمان – صحيفة  الخليج الشرق اليوم- على ضفاف الأزمات التي تتفاقم في المنطقة، …