الرئيسية / اقتصاد / الدولار كسلاح

الدولار كسلاح

الشرق اليوم- منذ اتفاقية “بريتون وودز” عام 1944 هيمنت الولايات المتحدة على النظام المالي العالمي، وبدأت في استخدام الدولار كسلاح ضمن أدوات صراعها من خلال فرض عقوبات اقتصادية ومالية على الدول التي تناهضها لفرض تغيير في سلوكها بما يتناسب مع سياساتها.

  خلال العقود الماضية لجأت الولايات المتحدة إلى هذا السلاح ضد عشرات الدول في مختلف القارات، وكان آخرها ضد روسيا، والصين، وسوريا، وإيران، وفنزويلا، وكوريا الشمالية.

  لم يكن بمقدور الولايات المتحدة اللجوء إلى هذا السلاح لولا ما تملكه من هيمنة على النظام المالي العالمي. وبفضل هذه الهيمنة استطاعت استخدام هذا السلاح بشكل واسع رغم أنه يتعارض مع القانون الدولي، بفرض قوانينها على العالم بقوةِ ما تملكه من سطوة وتأثير؛ إذ تصبح العقوبات ذات عواقب مدمرة اقتصادياً واجتماعياً على الدول التي تتعرّض للعقوبات؛ لأن هذه الدول لا تستطيع الوصول إلى النظام المصرفي الدولي في تبادلاتها التجارية؛ إذ يتمتع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة المالية الأمريكية بسلطات هائلة لمنع تحويل الأموال إلى البلدان، أو المجموعات، أو الأشخاص الخاضعين للعقوبات. ووفقاً لوثيقة صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية تم فرض 9421 عقوبة منذ عام 2021. ومع بدء الحرب الأوكرانية، ومع تصعيد المواجهة مع الصين تم فرض مئات العقوبات المالية والاقتصادية على البلدين، كما تم مصادرة أصول مالية بمليارات الدولارات.

  لم ينتظر العالم طويلاً البقاء تحت رحمة الدولار كسيف مسلط على رقاب الدول، ومع بدء الحرب الأوكرانية، وإطلاق موجة عارمة من العقوبات الغربية على روسيا، وتصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان، وإطلاق حرب تجارية واسعة ضد بكين؛ فقد بدأ العد العكسي للانتقال إلى نظام دولي جديد بديلاً للنظام الأحادي الأمريكي، خصوصاً أن معظم دول العالم ضاقت ذرعاً بالسلوك الأمريكي القائم على الهيمنة والقوة والتهديد، وبدأت تنطلق في سياساتها وفقاً لمصالحها مع بروز قُوى دولية أخرى  بدأت تشق طريقها دون التدخل في شؤون الدول الأخرى.

   صحيفة “الفيغارو” الفرنسية سلطت الضوء على هذه التحولات وخصوصاً بالنسبة للدولار؛ إذ يقول المحلل الفرنسي رينود جيرار في مقال له: “استخدم الأمريكيون عملتهم أداة للضغط السياسي على دول أخرى؛ الأمر الذي دفع إلى حركة عالمية للإطاحة بالدولار”. ويضيف: “إن نزع الدولار والتخلي عنه عملية لا رجعة عنها”. ولفت جيرار إلى “خطط دول البريكس لإنشاء عملتها الخاصة بها للتجارة الخاضع ل”سويفت”، كما نوه بنظام التسوية الإلكترونية بين البنوك الصينية، الذي ينافس النظام المالي الغربي”. كذلك أعلنت البرازيل والصين الاتفاق على استخدام عملتيهما المحليتين في التبادل التجاري، وهذه خطوة مهمة على طريق التخلي عن الدولار باعتبار الصين هي ثاني أكبر اقتصاد عالمي، فيما تعد البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية.

  يُذكر أن الصين وروسيا تخلّيتا عن الدولار في تعاملهما التجاري وتستخدمان بدلاً منه الروبل واليوان.

  مع بداية تراجع الولايات المتحدة عن قمة النظام العالمي يتراجع الدولار أيضاً عن هيمنته، وإن كان ذلك يحتاج إلى بعض الوقت.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

فيما ثرواته تُنهب العراق يجوع

بقلم: فاروق يوسف – النهار العربي الشرق اليوم- “ما مر عام والعراق ليس فيه جوع”، …