الرئيسية / مقالات رأي / إنهم يقتلون النّظام

إنهم يقتلون النّظام

بقلم: حسین عابديني – النهار العربي

الشرق اليوم– طوال أکثر من 44 عاماً، بذل القادة والمسٶولون في النظام الإيراني جهوداً واسعة النطاق وبمختلف الاتجاهات من أجل جعل الشعب الايراني لا يتقبل فقط، بل يستوعب الأساس الديني لهذا النظام المبني على أساس نظرية ولاية الفقيه. الشعب الإيراني يتميز بالتزامه الديني واحترامه وإجلاله للشعائر الدينية، وهذا ما استغله التيار الديني المتشدد في الثورة الإيرانية بزعامة الخميني، حينما أوحى بمختلف الطرق أن الثورة الإيرانية هي ذات طابع ديني محض، وبذلك تم التمهيد للقضاء، أو على الأقل، إقصاء کل التيارات السياسية الوطنية الأخرى وفرض دکتاتورية استبدادية قائمة على أساس نظرية ولاية الفقيه التي تعتبر نظرية غريبة وطارئة، وحتى لا يعتد بها کما يسعى النظام إلى ذلك.

مقتل عضو مجلس الخبراء في النظام الإيراني عباس سليماني، والذي کان بمثابة صفعة شعبية قوية بوجه النظام، إذ لفتت الأنظار بقوة إلى أن مرحلة کراهية رجال الدين ورفضهم قد انتهت وبدأت مرحلة قتلهم، کما اعترفت بذلك صحيفة “همدلي” في عددها الصادر في 30 من شهر نيسان (أبريل) المنصرم من خلال تقرير بهذا الصدد قائلة: “لقد زاد عنف الشارع ضد رجال الدين والطلبة الدينيين. الهجوم على رجال الدين جدير بالاهتمام، بخاصة أن هذا العنف تجاوز العنف اللفظي وأصبح جسدياً لدرجة القتل”.

رجل الدين جواد علوي بروجردي، أحد المحاضرين في حوزة قم الدينية، سلط بدوره الضوء على الهجمات الجارية ضد رجال الدين في سائر أرجاء إيران، واعترف بأنه لا “أمن” لهم في العديد من مدن إيران وهم لا يجرؤون على مغادرة منازلهم. وأضاف في کلمة ألقاها في مدينة قم وهو يشير إلى مدى تزايد مشاعر کراهية رجال الدين في إيران: “لم يكن لدينا مثل هذا الوقت ليدهسوا الملالي بسيارة في قم مركز الحوزة العلمية وفي شارع، حيث جميع مكاتب رجال الدين والرجال العظماء، ثم التأكد من تعرضهم للضرب، ينزلون ويكملون طعنهم بسكين. هل هكذا كانت رؤية الناس حيالنا؟”.

وکما يبدو واضحاً فإن هذا المحاضر ومن قبله صحيفة “همدلي” يتحاشيان الإشارة إلى أن حوادث التّعرض لرجال الدين وحتى طلبة العلوم الدينية، إنما ترتبط ونابعة من الأساس من کراهية ليس النظام فقط، بل حتى نظرية ولاية الفقيه ذاتها!

المشکلة ليست فجوة قائمة بين رجال الدين والشعب الإيراني، کما يحاول المحاضر بروجردي الإيحاء بذلك، ويجب إصلاحها، بل إنها حالة من العداء والقطيعة الکاملة بين الشعب والنظام نفسه، ورفض تلك النظرية الدينية الاستبدادية التي تمنح الشرعية للدکتاتورية، وهذا هو أساس المشکلة وجوهر القضية.

الغطاء الديني الذي جهد هذا النظام للاختفاء خلفه، لم يعد ينفع، ولا سيما منذ اندلاع انتفاضة 16 أيلول (سبتمبر) 2022، التي کانت بمثابة المارسيليز الشعبي الإيراني بخصوص رفض نظرية ولاية الفقيه جملة وتفصيلاً، ولعل وزير مخابرات النظام الإيراني الأسبق، فلاحي، أکد هذه الحقيقة عندما قال: “على أئمة الجمعة أن يتعلموا الدفاع عن النفس ولا يغفلوا عن العدو”، وهذا ما يٶکد أن العداء بين النظام والشعب في ما يتعلق بغطائه الديني المزعوم قد صار مکشوفاً وصريحاً.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …