الرئيسية / مقالات رأي / الحرب الأوكرانيّة في مرحلة هي الأخطر

الحرب الأوكرانيّة في مرحلة هي الأخطر

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي

الشرق اليوم- مع تفجير جسر كيريتش بين روسيا والقرم، والرد الروسي بقصف مدن أوكرانية بينها كييف بالصواريخ، دخلت الحرب مرحلتها الأخطر التي تمضي وفق مسارها الحالي إلى تصعيد كارثي، ليس أقله نشوب صدام مباشر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي، وتآكل الخطوط الحمر التي كانت تحول منذ 70 عاماً دون استخدام السلاح النووي.

معادلة صعبة أرستها روسيا بضم 4 مناطق أوكرانية إلى أراضيها. وفي وقت يتراجع جيشها على الأرض، فإنها تعيد التذكير يومياً بأنها قد تلجأ إلى استخدام السلاح النووي إذا تعرضت مصالحها الأمنية الجوهوية للخطر.

وأوكرانيا بدورها أرست معادلة صعبة. ففي وقت يتقدم جيشها على الأرض داحراً الجيش الروسي عن مناطق أوكرانية شاسعة كان يحتلها، ينتقل النزاع خطوة أعمق نحو روسيا بتفجير جسر كيريتش، وبإعلان فولوديمير زيلينسكي المأخوذ بنشوة الانتصارات الأخيرة لقواته، أنه لن يفاوض روسيا ما دام الرئيس فلاديمير بوتين على رأس السلطة، ويحض الغرب على توجيه ضربات استباقية لروسيا، كي لا تعاود في يومٍ من الأيام غزو دولة مجاورة.   

روسيا لا تتراجع رغم خسائرها الميدانية، وتعرض التفاوض بشروط لا تقبل بها كييف ولا الغرب الذي يدعمها بالسلاح والأموال، وتعلن تعبئة 300 ألف من قوات الاحتياط تحسباً لحرب طويلة وللدفاع عن المناطق المضمومة مجدداً إلى روسيا.

الموقفان الروسي والأوكراني ينبئان بحرب استنزاف طويلة. بيد أن استمرار الحرب لن يضمن بقاءها محصورة ضمن النطاق الأوكراني، بل ثمة أكثر من مؤشر إلى أنها يمكن أن تتمدد إلى دول أخرى. وحادث تفجير خطي أنابيب الغاز “نورد ستريم 1” و”نورد ستريم 2″، مثال ساطع على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال استمرار الحرب.  

هذه معطيات لا تقود إلا إلى الاستنتاج بأن الحرب تمضي نحو مرحلة خطيرة جداً، لا سيما أن قنوات الحوار غائبة تماماً. ويكاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يكون الزعيم الوحيد الذي ما فتئ يدعو إلى نهاية تفاوضية للحرب تجنباً للأسوأ. وكان لافتاً أن يطرح الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عبر “تويتر” قبل أيام مبادرة للسلام، سارع زيلينسكي إلى التنديد بها بسبب الدعوة إلى التنازل لروسيا عن القرم.  

ولا يرى زيلينسكي نهاية للحرب إلا بانتصار أوكراني كامل يعيد لأوكرانيا كامل الأراضي التي احتلتها روسيا ومن ضمنها شبه جزيرة القرم. لكن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى مقومات تسليحية ومالية كبيرة. وفي الوقت نفسه لن تقف روسيا صامتة بينما جيشها يتعرض لهزائم متتالية تؤثر في معنويات الروس، وتثير أكثر من تساؤل في أوساط قريبة حتى من بوتين نفسه، عن الأسباب التي آلت إلى هذا الإخفاق الكبير في تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب، رغم مرور سبعة أشهر عليها.  

على أن بوتين لا يزال يملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تقلب المشهد. هل هذا يستدعي مقاربة أخرى للحرب من جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن؟ سؤال بات مشروعاً في ضوء اتجاه الجميع نحو الكارثة، وليس ما يضمن أن لا تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة مباشرة في أتون الحرب، علماً أن الرئيس بايدن تعهد أن لا يزج الولايات المتحدة مباشرة بها، رغم إغداقه المساعدات الاقتصادية والعسكرية على كييف، ما مكّنها من تحدي روسيا والانتقال إلى موقع الهجوم.  

لكن هل من مصلحة أمريكا التورط المباشر في حرب قد لا تبقى محصورة ضمن الأطر التقليدية وقد تنفجر صراعاً نووياً يحرق العالم بأكمله في أي لحظة؟ من المشكوك فيه أن يصل التعاطف الأميركي مع كييف إلى حد المخاطرة بخوض صراع نووي، من أجل أوكرانيا.

مستشعراً بالأخطار الكارثية المحدقة بالعالم، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأسبوع الماضي، إنه “حان الوقت للتراجع عن حافة الهاوية”.

شاهد أيضاً

مرحى… اتفاق تاريخي بين العراق وتركيا حول المياه لكن أين هو؟

 قلم: باسل سواري – النهار العربي الشرق اليوم- مع إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع …