الرئيسية / الرئيسية / Washington Post: ما الدرس الذي يجب أن يتعلمه قادة اليوم من آخر رئيس للاتحاد السوفياتي؟

Washington Post: ما الدرس الذي يجب أن يتعلمه قادة اليوم من آخر رئيس للاتحاد السوفياتي؟

بقلم: بريت باير

الشرق اليوم– إن الدرس الأكثر قيمة الذي يمكن أن نستخلصه من حياة آخر رئيس للاتحاد السوفياتي السابق، الراحل ميخائيل غورباتشوف، هو أنه حتى أقوى القادة وأكثرهم نفوذا لن يستطيعوا تغيير التاريخ بمفردهم.

وفي حالة غورباتشوف، لم تكن أي من الكتابات الإيجابية التي كُتبت عنه اليوم ممكنة لولا نظيره الأمريكي الأسبق رونالد ريغان. فقد كانت الشراكة الفريدة بينهما، واستعداد كل منهما للحوار حتى مع ألد أعدائه، هي التي مكنتهما من إعادة توجيه مصير العالم.

تولى ريغان منصبه عام 1980 وهو عدو معلن للاتحاد السوفياتي، وأطلق عليه اسم “إمبراطورية الشر” وتوقع انهياره، وكان خطابه مثيرا للفتن والتوتر بين الناس. لكن ذلك تغيّر عام 1985 مع وصول غورباتشوف.

إمبراطورية الشر

قبل غورباتشوف، لم يكن هناك ما يشير إلى أن الاتحاد السوفياتي لن يكون أبدا سوى “إمبراطورية الشر” في خطابات ريغان. وعندما أصبح غورباتشوف زعيما هناك، لم يكن هناك أي ادعاء بأن الاتحاد السوفياتي كان هو الذي تصوره ثوار روسيا الأصليون. وكان لديه الشجاعة للتغيير، وقد تولى القيادة في وقت كان فيه نظيره في أميركا على استعداد للتحدث، وتحدثا بالفعل.

بدأ غورباتشوف وريغان تعاونهما بشعور مشترك بالإلحاح بشأن تهديد الحرب النووية. وقد تمتعا بكيمياء نادرة. المرة الأولى التي التقيا فيها، في مؤتمر بالقرب من جنيف، حكى ريغان لغورباتشوف نكتة “التقى أميركي وروسي. يقول الأميركي: بلدي هو الأفضل لأنني أستطيع أن أدخل البيت الأبيض وأخبر الرئيس أنه يقوم بعمل رديء. فرد الروسي: يمكنني الذهاب إلى الكرملين وإخبار غورباتشوف بالشيء نفسه، ريغان يقوم بعمل رديء”. ابتسم غورباتشوف قليلا، ولم يعرف كيف يرد. لكنه سرعان ما اعتاد على ريغان الذي عقد العزم على أن تصبح لقاءاته مع جورباتشوف إنسانية أيضا وليس سياسية فقط.

دافع كل منهما عن رؤياه

قد يكون ريغان قاسيا أيضا، وخلال سنوات من المؤتمرات تنازع الرئيسان حول الرؤى المختلفة لبلديهما للعالم. اتخذ غورباتشوف موقف الحزب بعناد بشأن القضايا الرئيسية، وفي بعض الأحيان توقفت المفاوضات. بقمة عام 1986 في ريكيافيك (أيسلندا) أصيب ريغان بالإحباط الشديد من عناد غورباتشوف لدرجة أنه انسحب من المفاوضات.

لكن، لم تكن هذه هي النهاية. فقد أعاد الجانبان تنظيم صفوفهما وأبقيا القمم مستمرة. وببطء، تحركا نحو اتفاقات للحد من التهديد النووي.

في ديسمبر/كانون الأول 1987، جاء غورباتشوف وزوجته رايسا إلى واشنطن، حيث وقع مع ريغان معاهدة للحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى. بالنسبة للأمريكيين، كان غورباتشوف، نجم موسيقى الروك، زعيما سوفياتيا غربيا يتمتع بالكاريزما.

ورغم شهرة غورباتشوف بالولايات المتحدة، فإنه لم يحصل على نفس الجوائز في الوطن. (اعتاد هو وريغان المزاح على أن كلا منهما كان أكثر شعبية في بلد الآخر). وبحلول مايو/أيار 1988، كان غورباتشوف على وشك الانهيار، وواجهت إصلاحاته الداخلية مقاومة شديدة. في تلك العاصفة، جاء ريغان وزوجته نانسي في زيارة غير مسبوقة إلى موسكو.

من وراء الكواليس

كانت الصورة الثابتة للزيارة هي أن ريغان يسير مع غورباتشوف في الساحة الحمراء، لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات فقط. ووراء الكواليس، كان ريغان يدفع غورباتشوف بشدة بشأن حقوق الإنسان وغيرها من الأشياء التي لا يمكن ذكرها.

شعر غورباتشوف بأن في بلاده كانت هناك حدود لقبوله للمبادئ الغربية وسلطته. ومع ذلك، فقد سمح لريغان بإلقاء خطاب عام في قاعة مزدحمة بجامعة موسكو الحكومية، حيث أثار الرئيس حيرة الطلاب بصور الحرية التي يمكن أن تكون لهم.

بقيادة غورباتشوف، بدأ الناس في الاتحاد السوفياتي يسيرون ببطء للخروج مما اعترف به الزعيم السوفياتي الأخير لاحقا بأنه “وضع سياسي مسدود”. وكان ريغان يعرف دائما أن أنصاف الإجراءات لن تنقذ الاتحاد السوفياتي من الفساد في جوهره. وعندما غادر البيت الأبيض وتولى بوش الأب منصب الرئاسة، كانت الإمبراطورية السوفياتية تتفكك بالفعل.

في أوقات مثل اليوم، عندما يبدو الحوار مستحيلا، وعندما يبدو أن الظروف قد تدهورت إلى حد بعيد جدا بالنسبة للنقاش، قد يكون أفضل تقدير لغورباتشوف أن يأخذ القادة هذا الدرس على محمل الجد.

شاهد أيضاً

كيسنجر يطارد بلينكن

بقلم: غسان شربل – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ذهب أنتوني بلينكن إلى جامعة هارفارد. …