الرئيسية / مقالات رأي / خطر نووي جاثم

خطر نووي جاثم

الشرق اليوم- يطغى التهديد النووي في منطقة زابوريجيا على مجريات الصراع في أوكرانيا، وما إعلان وكالة الطاقة الذرية عن إبقاء فريق من خبرائها في المنشآت النووية هناك، إلا دليل على أن الخطر جاثم، ويمكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه، في ظل استمرار التوتر المسلح واعتراف أوكرانيا بشنّ هجوم، وإعلان روسيا إحباطه.

التجاذب حول المنشآت النووية يمكن اعتباره لعبة خطرة ومقامرة غير محمودة النتائج، فأوكرانيا تريد أن تثير المشكلة النووية ليوظفها المجتمع الدولي ضد روسيا، على أمل دفعها إلى سحب قواتها وإعادة السيطرة العسكرية إلى سلطات كييف، بالمقابل تتصرف موسكو كدولة عظمى، وعملت منذ بداية الصراع على تأمين المنشآت النووية، وقدمت بذلك خدمة مبكرة في حماية تلك المنشآت الخطرة، وإن لم يعترف الغرب بذلك.

أما اليوم، وبعد أن تجاوزت الحرب نصف العام، ولم تتضح بعد مسارات نهايتها، فكل المفاجآت واردة وأسوأها حدوث كارثة نووية على غرار كارثة تشيرنوبل، التي حدث في أوكرانيا ذاتها قبل 36 عاماً، عندما كان الاتحاد السوفييتي يلفظ سنواته الأخيرة. والفرق بين ما حدث وما يمكن أن يحدث، أن الأول سببه تراكم أخطاء بشرية في أحد المفاعلات، أمّا ما يخشى وقوعه فيأتي في سياق صراع استقطب كل الدول الغربية لمواجهة روسيا في أوكرانيا، وأي خطأ في التقدير قد يؤدي إلى فرضيات ليست في الحسبان، فتكرار القصف حول المحطات النووية يشير إلى أن هناك نوايا غير طيبة، واعتراف كييف بأنها نفّذت قصفاً قرب إحدى المنشآت، يلزمها وحلفاءها بالعمل على إنهاء التوتر، والبحث عن صيغة مع الجانب الروسي تخرج كل المنشآت النووية من دائرة الصراع.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نجحت بلاده مع الأمم المتحدة في الوساطة بين موسكو وكييف لإنهاء أزمة شحنات القمح العالقة، عرض الوساطة للمساعدة على تسوية الأزمة حول منشآت زابوريجيا النووية، وهي خطوة باتت مطلوبة بشدة في هذا الظرف، وربما ستساهم تقارير وكالة الطاقة الذرية في بلورة شكل من المساعي الحميدة، من أجل نزع الفتيل النووي من هذه الحرب. ونجاح أي مسعى في هذا الاتجاه سيتوقف على الموضوعية وعدم الانحياز إلى أي طرف في الصراع، فالغرب مازال يصعّد من حملاته الإعلامية والدبلوماسية والروس يبدون غير عابئين بذلك، بل يؤكدون أن العملية العسكرية ماضية في تحقيق أهدافها كاملة.

الصراع في أوكرانيا سينتهي في يوم ما، لكن بعض الآراء تشير إلى أنه سينتهي بكارثة غير معروفة التفاصيل، والتوتر النووي ظل يواكب الأزمة منذ يومها الأول، عندما وضعت روسيا قواتها الاستراتيجية في أقصى درجات الاستنفار، ولوّح حلف “الناتو” بزعامة الولايات المتحدة بالرد على أي استفزاز.

وإذا كان الصراع النووي الواسع مستبعد وأشبه بالمستحيل، فإن مساعي إثارة “فضيحة نووية” لغايات سياسية واردة بقوة، وما التقارير عن بعض السيناريويات البيولوجية أو الكيماوية إلا دليل على ذلك وجرس إنذار مبكر لما قد تتدهور إليه الأوضاع.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات

بقلم: فيصل الشبول- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لأسباب وطنية وقومية، تاريخية وجغرافية وديموغرافية واستراتيجية، يعد الأردن …