الرئيسية / مقالات رأي / لبنان والاستحقاق الرئاسي

لبنان والاستحقاق الرئاسي

الشرق اليوم– يدخل لبنان بعد يومين المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون، وهي المهلة التي تبدأ في الأول من سبتمبر، مع تحول مجلس النواب إلى مجلس انتخابي بدلاً من تشريعي، وتستمر حتى 31 أكتوبر المقبل.

 وخلال هذه الفترة، يفترض أن يتم انتخاب رئيس جديد، بحيث يتم تسليم وتسلّم السلطة بشكل سلس، يجنّب البلاد الدخول في حالة فراغ رئاسي، ويقطع الطريق على كل التفسيرات والشائعات التي تتردد، منذ الآن، حول شرعية انتقال سلطات رئيس البلاد إلى حكومة تصريف الأعمال، من عدمها، على الرغم من أن الدستور اللبناني لا يحدد مواصفات الحكومة التي ستؤول إليها سلطات الرئيس، إن كانت حكومة أصيلة حظيت بثقة البرلمان، أو حكومة تصريف أعمال. غير أن المعضلة تكمن في عدم وجود توافق حتى الآن حول شخصية الرئيس العتيد، وإن كان هناك نوع من التوافق حول مواصفاته إلى حد ما، وهي مسألة غالباً ما تتداخل معها عوامل داخلية وخارجية. كما أنه في ظل برلمان مشتت، لا توجد كتلة برلمانية بعينها قادرة على تشكيل أغلبية، وبالتالي حسم الاستحقاق الرئاسي لمصلحة الموالاة، أوالمعارضة.

 المسألة الأخرى، هي أن فشل عملية “التأليف” الحكومي، بغضّ النظر عن الأسباب التي يسوقها هذا الطرف، أو ذاك، سيبقي على حكومة تصريف الأعمال كما هي، اعتباراً من الأول من سبتمبر، ولن يسمح بتغييرها إلا مع بداية العهد الجديد في حال انتخاب رئيس جديد للبلاد. أما في حال انتهاء المهلة الدستورية، من دون انتخاب رئيس جديد، وحدوث “فراغ رئاسي”، فإن البلاد قد تدخل نفقاً مظلماً يقود إلى حالة من الفوضى، لا أحد يمكنه التكهن بما ستؤول إليه، فضلاً عن سلسلة الانهيارات والأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تعانيها البلاد في السنوات الأخيرة، والتي تفوق قدرة اللبنانيين على احتمال المزيد منها.

 سيناريوهات كثيرة، في الواقع، يتردد الحديث عنها للتعامل مع المرحلة المقبلة، بعضها يصل إلى حد الانقلاب على الدستور، ضارباً عرض الحائط ب”الميثاقية” و”اتفاق الطائف”، ويفتح على أجواء شبيهة بالحرب الأهلية بين 1975 و1989، فيما لبنان، والشعب اللبناني، بحاجة ماسة لمن يخرجهما من قعر الهاوية التي يختلط فيها هوس السياسيين بالسلطة مع أنين المرضى وأوجاع الفقراء الذين يفتقرون إلى العلاج والدواء ولقمة العيش.

 لبنان، أحوج ما يكون الآن إلى توافق حول شخصية سياسية، تتمتع بالقدرة والكفاءة والنزاهة، وتكون فوق الطائفية السياسية بمثابة مرجعية، وحكم بين الجميع. وقبل هذا وذاك، قادرة على الحفاظ على سيادة وعروبة لبنان، وإقامة أفضل العلاقات مع عمقه العربي، على قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم الإساءة للدول العربية، أو الدخول

 في المحاور والصراعات الإقليمية، وعندها سيجد لبنان أن الجميع سيمدّ يده لمساعدته على النهوض من كبوته، وفي مقدمة هؤلاء أشقاؤه العرب، ثم المانحون، والمجتمع الدولي. لكن قبل ذلك، على لبنان أن يساعد نفسه أولاً.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …