الرئيسية / مقالات رأي / التحالف الروسي الصـــيني المنتظــــر

التحالف الروسي الصـــيني المنتظــــر

بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – لم تحمل التصريحات المشتركة لوزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف والصيني وانغ يي، ما يسر الحلفاء الغربيين، الذين ينتظرون منذ تفجر الأزمة الأوكرانية أن تلتحق بكين بحملة العقوبات القاسية على موسكو؛ لكن ذلك لم يحصل راهناً، ولن يحصل في المستقبل بالنظر إلى المواقف الروسية الصينية المتناغمة حيال العالم الذي يتشكل وفق تصورات جديدة، لا يمكن الرجوع عنها.

ما أكده لافروف ووانغ يي في مدينة تونشي، يستكمل التعهدات التي قطعها زعيما البلدين فلاديمير بوتين وشي جين بيغ بداية الشهر الماضي، كما يقطع الطريق على محاولات إبقاء الوضع العالمي على أسسه القديمة، وهو ما تحاول القوى الغربية الاستماتة من أجله، وتفعل كل ما تستطيع من عقوبات ومضايقات وتسليح في سبيل إفشال التحرك الروسي في أوكرانيا حتى لا تحقق موسكو أي نصر سياسي. ولكن يبدو أن الطرف المستهدف قد تجهز مبكراً لهذه المعركة التي تعد أوكرانيا جبهة من جبهاتها. وكل من ينخرط في هذه الأزمة يعي ما يفعل، ويدرك أن اللحظة مصيرية، ويستعد لصراع طويل قد يمتد لسنوات وربما لعقود، وسيتخذ طرقاً وأساليب مختلفة، وسيكون العالم كله مسرحاً للعمليات.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، اعترف صراحة، بأن ما يجري في أوكرانيا هو جزء من «معركة عظيمة من أجل الحرية»، منسجماً في ذلك مع التيمة التقليدية التي تعلقها واشنطن مع حلفائها الغربيين عندما يخوضون معركة بهذا التحدي. والرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أقر أيضاً بأن الحرب التي تخوضها روسيا ستغير العالم، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لا يقطع اتصالاته الهاتفية مع بوتين، يشعر بإحباط كبير، ويخشى من تغيرات زلزالية في عموم أوروبا من جرّاء الأزمة الراهنة. أما على الجهة المقابلة، فهناك أغلبية صامتة من الدول الكبرى والمتوسطة والصغرى تراقب ما يجري، وتتحفز لاستثمار أولى النتائج، فيما تبدو أن روسيا والصين تصممان على قيادة الجبهة المناوئة للقوى الغربية، وهي جبهة ستحمل الكثير من المفاجآت المدوية سواء من ناحية الدول التي ستنضم إليها أم آليات عملها وتسميتها وخطوطها الحمر.

يقول المسؤولون الروس والصينيون إن العلاقات بين بلديهما اجتازت الاختبارات الأصعب، ودخلت مرحلة الإنجاز والتنفيذ، ويتجهان إلى تحالف وثيق في رسم أُطر جديدة للعلاقات الدولية؛ أساسها «نظام عالمي متعدد الأقطاب وعادل وديمقراطي». وبالمقابل تستنفر القوى الغربية كل قواها لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، لحرمانها من تحقيق النصر في أوكرانيا ولقطع الطريق أمام تحالفها المتنامي مع الصين. ومما يلاحظ أن الغرب يبالغ كثيراً في الحديث عن العقوبات، والإمعان في اتخاذها لا يخرج عن سببين، إما لقناعة بأن تأثيراتها قادرة على تحقيق الأهداف المعلنة، وإما أنها دليل عجز أمام حتمية تغير النظام العالمي ومحاولة مقاومة ذلك تفادياً للأسوأ وهو الانخراط في حرب عالمية ثالثة لا نتيجة لها غير الهزيمة الشاملة للجميع.

بعد أكثر من شهر من الحرب في أوكرانيا يتبين أن جوهر الأزمة أبعد من أوكرانيا، وأن الصراع الدائر بدأ ينخرط في تحالفات معلنة وما زال في مراحله الجنينية، وسيتطور بفعل تفاعلات وأزمات حتى تحين ساعة ولادة العالم الجديد.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …