الرئيسية / مقالات رأي / العراق بين “الأغلبية” و”التوافق”

العراق بين “الأغلبية” و”التوافق”

بقلم: يونس السيد –صحيفة الخليج

الشرق اليوم– إخفاق البرلمان العراقي، للمرة الثانية، في انتخاب رئيس جديد للبلاد، فتح الباب على مصراعيه أمام سيناريوهات متعددة، بعد أن انفضّ مشهد جلسته الأخيرة عن انقسام القوى السياسية إلى معسكرين واضحي المعالم، بات من الصعب أن يلتقيا إلا إذا تم تقديم تنازلات من كلا الطرفين أو عودة الجميع إلى المربع الأول والذهاب إلى انتخابات تشريعية جديدة.

 صحيح أن المأزق الحالي، ناجم عن انقسام القوى السياسية العميق حول نهجين مختلفين، أحدهما يلتف حول تشكيل حكومة “الأغلبية الوطنية” التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أي حكومة الفائزين في الانتخابات وإقصاء الخاسرين، والآخر يتمسك بحكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة. إلا أن هناك مشكلة دستورية أيضاً تتعلق بتفسير المحكمة الاتحادية للدستور، واشتراطها حضور ثلثي أعضاء البرلمان لعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهي مسألة غير مألوفة في البرلمانات الأخرى، حيث يمكن تقييد انتخاب رئيس الدولة بحصوله على أصوات ثلثي الأعضاء وليس عقد الجلسة.

 النهج الأول الذي تبلور في تحالف ثلاثي تحت اسم “إنقاذ وطن” وضمّ إلى جانب التيار الصدري تحالف “السيادة” بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان وخميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني، وعدد من المستقلين، تمكن من حشد 202 نائب من أصل 329 نائباً عدد أعضاء البرلمان، فيما تمكن النهج الآخر المؤلف من تحالف قوى “الإطار التنسيقي” بزعامة نوري المالكي، وتحالف “عزم” بزعامة مثنى السامرائي وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، وبعض المستقلين، من حشد نحو 126 نائباً، ما يعني امتلاكه لما يسمى “الثلث المعطل” والحيلولة دون اكتمال النصاب لعقد الجلسة.

 وعلى الرغم من تحديد موعد جلسة ثالثة وأخيرة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، فإنّ كلا الفريقين لا يزال يتمسك بموقفه، ما أدى إلى حالة “الانسداد السياسي” التي باتت تتمحور حول عنوانين عريضين هما “الأغلبية” مقابل “التوافق”، فيما تذهب المؤشرات نحو تعقيد أكثر للمشهد السياسي. إذ بناء على ما نقل عن زعيم التيار الصدر فإنه أغلق باب الحوار مع “الإطار التنسيقي” وأن الجهود تنصبّ حول استقطاب المستقلين لبرنامج “الأغلبية الوطنية” لاستكمال النصاب والحصول على “الكتلة الأكبر” وانتخاب رئيس جديد وبالتالي تعيين رئيس جديد للوزراء وتشكيل الحكومة، وبالمقابل، يسعى الطرف الآخر للحفاظ على المستقلين الذين منحوه “الثلث المعطل”.

 بهذا المعني، فإن المستقلين، تحولوا إلى “بيضة القبان” في حسم الصراع بين المعسكرين، ولكن ماذا لو لم يتم التوصل إلى تفاهم قبل جلسة البرلمان، وماذا لو أخفق البرلمان في الانعقاد وانتخاب رئيس جديد، عندها قد لا يكون هناك من خيار سوى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات تشريعية جديدة، ما لم تكن هناك تفسيرات أخرى لدى المحكمة الاتحادية التي سيتم اللجوء إليها بالتأكيد.

 وبالمحصلة، لا يزال العراق، بعد أكثر من خمسة أشهر على الانتخابات البرلمانية، يقف على مفترق طرق خطير يأمل الجميع ألا يتحول هذا المأزق إلى الاحتكام للسلاح والعنف بديلاً للحوار والتفاهم.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …