الرئيسية / مقالات رأي / أوروبا ودورها في حفظ السلام العالمي

أوروبا ودورها في حفظ السلام العالمي

بقلم: خافيير سولانا – صحيفة “البيان”

الشرق اليوم – لم يعد خطر نشوب حرب عالمية ثالثة في حكم المستحيل. فالآن، هناك حرب على بعد كيلومترات فقط من حدود منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ونظراً إلى عدم القدرة على التنبؤ بما هو آت، فلا يجوز لنا أن نستبعد إمكانية وقوع مواجهة مباشرة بين روسيا والحلف. وهذا من شأنه أن يثير احتمالية يكاد يكون من المستحيل تصورها، تتمثل في اندلاع صراع نووي، وهو الأمر الذي يجب أن يتجنبه قادتنا.

لأن روسيا وأوروبا، تشكلان جزءاً من كتلة غير منقطعة من اليابسة، فإن الاستقرار على حافة القارة، يشكل عنصراً أساسياً لترسيخ السلام الإقليمي. لكن الحواجز الدبلوماسية بين روسيا والناتو تتكاثر. نادراً ما كانت المنظمات الدولية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، غائبة عن المشهد، أو حتى عاجزة، إلى هذا الحد، في مواجهة أي صراع. وحتى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تأسست بهدف ضمان الاستقرار بين روسيا، والولايات المتحدة، وأوروبا، أثبتت كونها غير ملائمة لتحدي اليوم.

يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعمل على توسيع قدراته الأمنية والدفاعية، ويجب أن تعمل «البوصلة الاستراتيجية» التي تُـصاغ الآن، على توجيه السياسة في هذا المجال. في حين يتعين على أوروبا بوضوح، أن تستثمر في قدراتها، فإن هذا لا يعني زيادة إنفاق الأموال فحسب، بل وأيضاً بذل مثل هذه الجهود كأوروبيين، وليس كدول منفردة. وفقاً لوكالة الدفاع الأوروبية، تنفق دول الاتحاد الأوروبي في المجمل نحو 200 مليار يورو (221 مليار دولار أمريكي) سنوياً على الدفاع، وهذا أكثر مما تنفقه الهند وروسيا والمملكة المتحدة مجتمعة. تتلخص المهمة الآن، في تحسين الكفاءة، بدلاً من الاكتفاء بزيادة الإنفاق العسكري على المستوى الوطني. وهذا يتطلب تبني رؤية أوروبية في التخطيط العسكري الوطني.

ثانياً، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر في اعتماده على روسيا في مجال الطاقة. كانت أوروبا تعتمد على الغاز الروسي لفترة طويلة للغاية، وقد تضطر إلى دفع ثمن إغلاق هذا الصنبور، كما بدأت ألمانيا تفعل، بتعليق العمل في خط أنابيب نورد ستريم 2. كما تقول ناتالي توتشي من معهد الشؤون الدولية، لا ينبغي لأي حسابات اقتصادية، أن تتفوق على ما هو مطلوب لتحقيق الوحدة الأوروبية.

ثالثاً، يتعين على أوروبا أن تعمل على تطوير سياسة مشتركة في التعامل مع قضية الهجرة، مع تقسيم المسؤولية جغرافياً عن قبول اللاجئين من جوارنا إلى الشرق أو الجنوب. بدءاً من عام 2015، قبلت المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، من جانب واحد، مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، في حين نظرت بقية أوروبا في الاتجاه الآخر غالباً. اليوم، يتعين على دول الاتحاد الأوروبي، أن تُـظـهِـر الإرادة المشتركة لمساعدة الفارين من الحرب.

أخيراً، يتعين على أوروبا أن تساعد في التخفيف من الآثار التي تخلفها الحرب على الأمن الغذائي العالمي. لأن أوكرانيا وروسيا توفران معاً 19 % من الشعير، و14 % من القمح، و4 % من الذرة على مستوى العالم، فإن الصراع يؤثر أيضاً على اقتصادات أخرى عديدة. على سبيل المثال، تُـدَبِّـر كينيا، التي يماثل عدد سكانها نظيره في أوكرانيا تقريباً، نصف وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا. ومع معاناة 276 مليون إنسان على مستوى العالم من الجوع الشديد، فسوف تعاني المناطق الأكثر فقراً على وجه الخصوص، نتيجة للصراع الحالي.

بينما يتعامل الاتحاد الأوروبي مع هذه الأولويات العاجلة، يجب أن تظل المهمة التأسيسية للاتحاد، والمتمثلة في بناء السلام ومنع الحرب في جوهره. إن العالم الذي لا يزال يعاني من جائحة كوفيد 19 وتداعياتها، والذي يبدو حالياً غير قادر على عكس عواقب تغير المناخ، لا يملك ترف التسامح مع صراع من هذا القبيل.

لذا، يتعين على أوروبا أن تستخدم الوسائل المتاحة تحت تصرفها، لمعالجة الحرب ووقفها. وفي المقام الأول من الأهمية، يتعين عليها أن تضطلع بدور أساسي في منع الآثار الخطرة.

من المرجح أن يكون دور الصين حاسماً في تجنب صراع عالمي.

إن هناك ضرورة عالمية للحفاظ على التوازن الحالي في العلاقات الدولية. وأوروبا قادرة على فعل كل شيءـ ويتعين عليها أن تفعل ذلك ــ للاضطلاع بدور في السعي إلى التوصل إلى نهاية تفاوضية للصراع في أوكرانيا. لتحقيق هذه الغاية، من الأهمية بمكان، ألا تبدو الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والناتو، في مظهر الضعيف المنقسم، سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية.

شاهد أيضاً

الأردن: معركة محور التّطرف!

بقلم: محمد صلاح – النهار العربي الشرق اليوم- ليس سراً أن مصر والأردن خسرا كثيراً …