الرئيسية / مقالات رأي / نعم… إنها الحرب العالمية الثالثة

نعم… إنها الحرب العالمية الثالثة

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم – يحذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن الهجوم الروسي على بلاده سيؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. لكن فعلياً هذه الحرب انطلقت منذ أخفقت الولايات المتحدة وروسيا في إقامة ترتيبات أمنية جديدة في أوروبا الشرقية، وليست الحرب في أوكرانيا إلا الترجمة الفعلية لانطلاق هذه الحرب.

أميركا وحلفاؤها يدافعون عن النظام العالمي الذي نجم عن سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي قبل 30 عاماً. وفي المقابل، تسعى روسيا إلى استعادة مكانتها الدولية كقطب مساوٍ للولايات المتحدة، ومنع حلف شمال الأطلسي من الزحف أكثر نحو الحدود الروسية.   

ولا تأخذ روسيا على محمل الجد الشعارات التي يطلقها الغربيون من أن تمدد الأطلسي هدفه حماية الديموقراطيات الناشئة في أوروبا الشرقية، وعلى أن الأمر لا ينطوي على أدنى تهديد لأمن روسيا. والسؤال الذي يطرحه الروس: من هو في نظر الولايات المتحدة الخطر الذي يهدد الديموقراطيات الناشئة في أوروبا الشرقية (وبالمناسبة كثير من هذه الأنظمة ينخرها الفساد حتى العظم)، إن لم تكن موسكو هي المقصودة ضمناً؟

وبعد انفجار الحرب في أوكرانيا، اتضح أن المواجهة الروسية – الغربية، لم تكن إلا صراع مؤجل في العقود الثلاثة الماضية. المساعدات العسكرية والمالية التي يغدقها الرئيس الأميركي جو بايدن وبريطانيا وكندا وأستراليا وحلفاء أوروبيون على أوكرانيا، ليس غرضها في المقام الأول الدفاع عن أوكرانيا، بقدر ما هي محاولة لاستنزاف روسيا عسكرياً واقتصادياً، والحؤول بينها وبين العودة دولة عظمى وقطباً عالمياً على قدم المساواة مع الولايات المتحدة.  

ثم أن توسع حلف شمال الاطلسي شرقاً لا يثير ريبة روسيا وحدها، وإنما أيضاً الصين، التي قال نائب وزير خارجيتها لي يو تشينغ قبل يومين، إن الحلف الغربي كان يجب أن يلاقي مصير حلف وارسو بعد انتهاء الحرب الباردة، لكن الذي حصل أن هذا الحلف لا يزال يتمدد ولو تسنى له ضم أوكرانيا، فإنه سيصل إلى “ضواحي موسكو”.  

كلام المسؤول الصيني، يأتي رداً على الضغوط الغربية التي تمارس على الصين من أجل فك ارتباطها بروسيا والانضمام إلى واشنطن في حملة العقوبات ضد روسيا والخروج من الموقف الحيادي، الذي يفسره الغرب على أنه انحياز إلى موسكو، ومن هنا سر التحذيرات الأميركية للرئيس الصيني شي جين بينغ من مغبة الإقدام على تقديم أي مساعدة عسكرية أو اقتصادية لروسيا يمكن أن تشكل لها متنفساً من العقوبات الغربية الخانقة.

وعندما يطالب الغرب الصين بالمساعدة في وقف الحرب في أوكرانيا، فإن بكين تذكّر بأحد الأسباب الجوهرية التي حملت روسيا على شن حربها، ألا وهو عدم حصولها على ضمانات خطية بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، لا سيما أن الوعود الشفوية التي أعطيت في أوائل التسعينات من القرن المنصرم للزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشيوف، بعدم توسع الحلف شرقاً في مقابل موافقة موسكو على توحيد ألمانيا، تبين أنها مجرد كلام.

القتال الدائر في أوكرانيا والحشد العسكري الأميركي في الدول الأعضاء في الحلف والمناورات العسكرية المشتركة على سواحل النروج، وتلك الجارية بين الأساطيل الأميركية والفرنسية والإيطالية في المتوسط والبحر الادرياتيكي والبحر الأسود، مع مضاعفة إمدادات السلاح للجيش الأوكراني، وزيادة الدول الأوروبية موازناتها الدفاعية، وخصوصاً ألمانيا، التي باتت موازنتها العسكرية ضعف الموازنة العسكرية لروسيا، فضلاً عن العقوبات الغربية غير المسبوقة الرامية إلى تدمير الاقتصاد الروسي، والذي سيتوج في الأشهر والسنوات المقبلة في استغناء أوروبا عن إمدادات النفط والغاز الروسيين، وتحذيرات أميركا للصين من انتهاز الانشغال الغربي بالحرب الأوكرانية للإقدام على غزو جزيرة تايوان، أليست كلها إثباتات على أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلاً؟!!

شاهد أيضاً

الخطوط الخلفية في الحرب على غزة

بقلم: جمال الكشكي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم– في تاريخ الحروب كثيراً ما تنشط …