الرئيسية / مقالات رأي / ليبيا.. ماذا بعد؟

ليبيا.. ماذا بعد؟

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – بعد أن منح البرلمان الليبي يوم الثلاثاء الماضي حكومة فتحي باشاغا الثقة بأكثرية 92 صوتاً من أصل 101 نائب حضروا الجلسة التي لم تستغرق أكثر من نصف ساعة، بعد أن كان تعذر انعقادها في اليوم السابق لعدم توفر النصاب، فإن ليبيا بات لديها حكومتان، واحدة جديدة برئاسة باشاغا وأخرى انتهى مفعولها برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة لرئيس الحكومة الجديدة.

جاء اختيار باشاغا بعدما اعتمد مجلس النواب خلال الأسابيع القليلة الماضية خارطة طريق جديدة، يتم بموجبها إعادة تشكيل الحكومة، وإجراء انتخابات في غضون 24 شهراً كحد أقصى، الأمر الذي رفضه الدبيبة الذي اعتبر نفسه رئيس الحكومة الشرعي، وأنه لن يسلم مهامه إلا لسلطة منتخبة، واعتبر عملية التصويت «تأكيداً لاستمرار رئاسة البرلمان في انتهاج التزوير لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية»، وقال: «الحكومة (يعني حكومته) لن تعبأ بهذا العبث، وستركز جهودها في إنجاز الانتخابات في وقتها خلال شهر يونيو (جزيران) المقبل». كما انضم مجلس الدولة الليبي الذي يترأسه خالد المشري المقرب من «الإخوان» إلى الدبيبة، معتبراً أن منح الثقة لحكومة جديدة «مخالف للاتفاق السياسي»، في حين أن باشاغا أكد من جانبه أن ما حدث في البرلمان يعتبر «عملية ديمقراطية نزيهة وواضحة وبإرادة ليبية»، وتعهد في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي بأن حكومته سوف تسعى للمصالحة الوطنية والمشاركة والاستقرار والانطلاق نحو الازدهار والنماء، وأكد التزامه بإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة بحسب خارطة الطريق، وقال: ما جئت للانتقام وتصفية الحسابات.

لكن، إذا استمر الدبيبة على موقفه، ورفض كل الوساطات التي تحاول إقناعه بتسليم السلطة إلى حكومة باشاغا، فهذا يعني أن ليبيا ستكون أمام حكومتين مع ما يمكن أن يستتبع ذلك من نتائج وتداعيات لن تكون في مصلحة ليبيا والشعب الليبي، إذ إن الانقسام سوف يتعزز على كل المستويات السياسية والأمنية، ويصعب معها إيجاد الحلول السياسية.

التخوف يسود مختلف الأوساط الليبية التي تعيش حالة من الترقب والقلق مما قد تحمله الأيام المقبلة، مع معاناة شديدة الصعوبة عاشها الشعب الليبي خلال السنوات التي تلت الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.

حالة القلق سببها الخوف من تجدد الصراع العسكري، كما حدث قبل نحو ثماني سنوات بوجود رأسين تنفيذيين، واحد في الشرق وآخر في الغرب، مع وجود قوات أجنبية ومرتزقة وميليشيات محلية فشلت الأطراف الليبية والمجتمع الدولي في إخراجها من البلاد أو حلها ودمجها في القوات المسلحة بعد توحيدها.

أيام قليلة ويتضح المشهد الليبي، فإما ولوج طريق الحل السياسي بتسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة، أو تكريس الانقسام الذي قد يصل إلى حدود التصعيد المسلح الذي كان هدد به الدبيبة في أكثر من مناسبة.

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …