الرئيسية / الرئيسية / العملات الرقمية والحروب.. هل تُسهّل اندلاعها

العملات الرقمية والحروب.. هل تُسهّل اندلاعها

الشرق اليوم – اقترنت عبارة “الإنترنت سلاح ذو حدّين” باستخدامه منذ أن أصبح متاحا للجميع.. إلا أن كل شيء في عالمنا يعد ذو حدين بناءً على طريقة استخدامه.. واليوم في ظل التطور الهائل الذي جعل العالم ربما “شارعا صغيرا” وليس قرية كما يقال، تحتل أخبار العملات الرقمية “المشفرة” معظم صفحات مواقع الأخبار ووكالات الأنباء.

فبحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في شهر مايو 2021، فإن قيمة العملات الرقمية المتداولة حالياً قفزت إلى حوالي 2.4 تريليون دولار من حوالي 200 مليار دولار قبل عامين.

ماهية العملات الرقمية 

تُعد عملة “البيتكوين” الأشهر، وهي عملة رقمية “افتراضية” بدأت عام 2009، من قبل شخص يدعى ساتوشي ناكاموتو. 

وهي ليست عملة تقليدية؛ لأنها غير صادرة عن بنك مركزي أو دولة أو هيئة تنظمها وتدعمها.

ونشأت عملة “بيتكوين” عبر عملية حاسوبية معقدة، ثم جرت مراقبتها بعد ذلك من جانب شبكة حواسيب حول العالم. وهناك العديد من العملات الرقمية أبرزها: “بيتكوين” و”إيثريوم” و”كاردانو” و”لايت كوين” وغيرها.

شرعنة العملات الرقمية أم محاربتها

منذ بداية ظهور العملات الرقمية كان التوجه العام للدول يقضي بحظرها ومنع تعدينها لما لها من آثار كبيرة على الاقتصاد والاستقرار المالي.

ولكن السلفادور هي الدولة الوحيدة التي تعترف بالبيتكوين كعملة رسمية، وتعتبر الولايات المتحدة وكندا هذه العملات قانونية، أما بقية الدول فإما تفرض قيودا على شرائها وبيعها أو تسن قوانينا للتحكم فيها أو تمنع التعامل بها كليا، واتجهت بعض الدول لتحريمها من ناحية دينية.

وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الدول لمحاربة العملات الرقمية أبرزها: أن التعامل والتداول بالأصول الافتراضية ينطوي على مخاطر متعددة كازدياد فرص التعرض للجرائم الإلكترونية، إضافة إلى التفاوت السريع في قيمتها كونها عملة افتراضية غير مربوطة بأصول فعلية.

جائحة “كورونا” ورقمنة العملات الوطنية 

من جانب آخر تتجه العديد من دول العالم لرقمنة عملتها الوطنية، ولاسيما في ظل جائحة كورونا، حيث عززت الجائحة قناعات البنوك المركزية بالاتجاه نحو الرقمنة خشية تفشي الفيروس من خلال تداول النقد المادي.

وفي أكتوبر الماضي صدّق المسؤولون الماليون في مجموعة السبع الكبرى G7 على 13 مبدأ للسياسة العامة بخصوص العملات الرقمية التي يمكن للبنوك المركزية إصدارها، قائلين “إن مثل هذه العملات يجب أن تستند إلى الشفافية وسيادة القانون والحوكمة الاقتصادية السليمة”.

وشدد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية بالمجموعة في بيان آنذاك، على أن أي عملة رقمية يصدرها بنك مركزي لا بد وأن تدعم ولا تضر قدرته على الوفاء بتفويضه الخاص بالاستقرار النقدي والمالي.

وفي تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” خلص إلى أن إصدار عملات البنك المركزي الرقمية أمر لا مفر منه.

وقالت الصحيفة إن الصين قد أمضت حتى الآن 7 أعوام في العمل على هذه الإستراتيجية ولديها برامج تجريبية لليوان الرقمي. 

ومن جهته، يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى إصدار عملة رقمية بحلول عام 2025.

العملات الرقمية وتمويل الحروب 

وفي ظل الأزمة التي يشهدها العالم والمتمثلة بالحرب الروسية الأوكرانية يتم توظيف العملات الرقمية في دعم الجيوش، حيث تتلقى القوات الأوكرانية تمويلا بالعملات الرقمية “البتكوين” والعملات الأخرى من جميع أنحاء العالم.

حيث نشر موقع Oil Price الأميركي، تقريرا مفاده أن أكثر من 570 ألف دولار من العملات الرقمية قد تدفقت على المنظمات التطوعية والمنظمات غير الحكومية في أوكرانيا؛ للمساعدة في تزويد الجيش بالمعدات العسكرية والإمدادات الطبية والطائرات المُسيّرة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن شركة “إيليبتيك”.

وبحسب كبير العلماء في الشركة، توم روبنسون، “باتت العملات الرقمية تستخدم بشكل متزايد، ومصدرا لتمويل الحروب الجماعية بموافقة ضمنية من الحكومات” بما في ذلك أوكرانيا، ويضيف أن “العملات الرقمية مناسبة بشكل خاص لجمع التبرعات الدولية لأنها لا تخضع للرقابة وقوانين الحدود الوطنية، ولا توجد سلطة مركزية يمكنها منع المعاملات، مثلما هو الحال في سياق العقوبات”.

هذا وتحظى العملات الرقمية حاليا بإقبال شعبي كبير في أوكرانيا في ظل سماح الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، للبنك المركزي بإصدار عملة رقمية، وعمل أيضا مع الحكومة لإضفاء الشرعية على العملات الرقمية وتنظيمها حتى يسهل على الشركات تداولها.

هذا وقد تلقت منظمة “الاتحاد الأوكراني السيبراني” تمويلا بـ100 ألف دولار لدعم هجماتها الإلكترونية على القوات الروسية في السنوات الأخيرة.

ووفقا لشركة تحليلات “blockchain Elliptic” فقد تم جمع 130 عملة بتكوين تعادل قيمتها 5.1 ملايين دولار، في محفظة العملات المشفرة التابعة لمؤسسة “Come Back Alive” ومقرها كييف -تعمل على جمع الأموال لتوفير الإمدادات والمعدات العسكرية للجيش الأوكراني- لصالح القوات المسلحة الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي للبلاد.

وبدأت “Come Back Alive” التي تأسست في 2014 في قبول التبرعات بالعملات الرقمية منذ عام 2018، وتلقت حوالي 200 ألف دولار في النصف الثاني من عام 2021.

شاهد أيضاً

من هم المسيحيّون؟ رحلة عبر الطّوائف والانقسامات

بقلم: حسن إسميك- النهار العربيالشرق اليوم– “المسيحي”، بأسط التعريفات، هو أي شخص يؤمن بأن يسوع …