الرئيسية / مقالات رأي / “سلّة خبزنا” الأوكرانية في براثن “الدب الروسي”

“سلّة خبزنا” الأوكرانية في براثن “الدب الروسي”

بقلم: فارس خشان – النهار العربي 

الشرق اليوم – لن تكون تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا  التي تبدو، وفق معطيات اليومين الأخيرين، كأنّها وشيكة، جيو بوليتكية فحسب بل مالية-اقتصادية-اجتماعية أيضاً، وسوف يشعر بها حتى أكثر الناس ابتعاداً عن هموم السياسة وشجون الحروب في العالم.

لماذا؟

لأنّ أوكرانيا هي فعلاً “سلّة الخبز” لعدد كبير من الدول سواء في أوروبا أو في الشرق الأوسط، وتالياً فإنّ الحرب عليها من شأنها أن تلحق أضراراً كبيرة بجميع هؤلاء الذين يمدّون أيديهم إلى هذه “السلّة”، ليسدّوا جوعهم.  

ووفق التقارير ذات الصدقية العالية، فإنّ أوكرانيا توفّر، في الوقت الراهن، ما يوازي نصف كمية الذرة للدول الأوروبية، وخمسة وعشرين في المائة من وارداتها الأخرى من الحبوب والزيوت النباتية.

ووفقاً لهذه التقارير المستندة إلى معطيات صادرة عن المرجعيات المختصة في عدد من الدول، فإنّ أوكرانيا التي تحاول عبثاً تحرير نفسها من براثن “الدب الروسي”، تلعب دوراً أساسياً في توفير الأمن الغذائي في الشرق الأوسط.

ذلك أنّ هذه الدولة ، بالإستناد إلى أرقام العام ٢٠٢٠، وفّرت لدول الشرق الأوسط 40 في المئة من طحين القمح و نصف إنتاجها من الشعير.

وهذه ليست مجرّد أرقام يضعها أصحاب العقول الباردة، بل هي ترجمة لما يمكن أن تعاني منه الشعوب ولا سيّما منها تلك التي تعاني أساساً من الكوارث على مستوى الأمن الغذائي، كما هي عليه حال لبنان.

وتفيد التقارير أنّ أوكرانيا توفّر للبنان ما نسبته خمسة وخمسين بالمائة من القمح الذي  يستهلكهووو.

وتعدّ مصر من كبار مستهلكي القمح الأوكراني، وقد استوردت وحدها في العام ٢٠٢٠ ما نسبته 14 في المئة من إنتاج أوكرانيا من القمح. 

وفي إسرائيل يشكّل الاستيراد من أوكرانيا ما يوازي الـ 50 في المائة من استهلاك القمح والحبوب الأخرى.

وتعتمد ليبيا على أوكرانيا لتوفير ثلاثة وأربعين في المائة من استهلاكها للقمح.

ولتركيا توفّر أوكرانيا ربع استهلاك القمح الأوكراني.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت أوكرانيا مصدراً مهماً لسداد حاجات السعودية من القمح.

وكانت التوترات الأوكرانية الروسية التي أثارت المخاوف من وقوع حرب قد ساهمت،منذ بدئها، في رفع أسعار السلع في العالم بما نسبته 10 في المائة، ولهذا فإنّ المخاوف من حصول الحرب لا تقتصر على ارتفاع أكبر في الأسعار فحسب، بل تتجاوزها، أيضاً إلى إمكان أن تتوقّف أوكرانيا عن تزويد الدول بما تعتمد به عليها، الأمر الذي ستكون له ارتدادات عنيفة حيث أكبر نسبة الفقراء، لأنّ تزاحم الدول على توفير البدائل سيرفع الأسعار الى مستويات خطرة للغاية لتضاف إلى المصاعب الحياتية الناجمة  عن ارتفاع أسعار النفط وتأثيراته على أسعار كثير من السلع الأساسية التي تشكّل “السلّة الغذائية”. 

إنّ الدول الغنيّة أو المتوسّطة الحال، يمكنها، بما تملكه من علاقات دولية ومن احتياطات مالية، أن تتجاوز تداعيات الأزمة الأوكرانية وحتى لو تحوّلت، بإرادة “القيصر الروسي” إلى حرب، بينما الدول الفقيرة في علاقاتها الدبلوماسية وفي احتياطاتها المالية، كما هي عليه حال لبنان، فهي على موعد محتمل جداً مع كارثة جديدة سوف تضاف إلى كارثتها الأصلية، ولن يستطيع ضجيج الطيران وصخب الشعارات أن يُلهِيا، هذه المرّة، البطون…الجائعة.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …