الرئيسية / مقالات رأي / انتخابات على ظهور المهاجرين

انتخابات على ظهور المهاجرين

بقلم: كمال بالهادي – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – مع كلّ موعد انتخابي جديد في أوروبا، تطفو قضيّة المهاجرين كقضية تنافسية حادّة؛ حيث تغذّي أحزاب اليمين من التصعيد الخطابي ضدّ الوافدين على تلك الدول، ويتبارز المرشحون في الإعلان عن الإجراءات الأكثر تشدداً في حقّ المهاجرين.

الانتخابات الفرنسية التي بدأت حملاتها الانتخابية تستعر مع الاقتراب التدريجي من يوم الاقتراع، وعلى الرغم من أنّ استطلاعات الرأي تعطي الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون أسبقية على منافسيه، فإنّ بقيّة المتنافسين لم يجدوا من موضوع يجذبون به الناخبين غير قضية المهاجرين.

ففي إطار حملتها للانتخابات الرئاسية الفرنسية، عقدت مرشحة حزب «الجمهوريين» اليميني فاليري بيكريس أول وأكبر تجمع انتخابي لها في باريس أمام الآلاف من أنصارها. وفي خطابها الذي استمر لأكثر من ساعة، بدت بيكريس حازمة للغاية تجاه الرئيس إيمانويل ماكرون ومرشح اليمين المتطرف إيريك زامور الذي اعتبر أنها «ليست يمينية». وأكدت مرشحة حزب الجمهوريين «نحن عند مفترق الطرق، لكن لا يوجد استبدال كبير» في إشارة إلى نظرية يمينية متطرفة حول استبدال المواطنين بالمهاجرين، وأردفت: «أنا أدافع عن الهوية الفرنسية الحقيقية». وفي ما يبدو أنه إصرار على اتخاذ موضوع المهاجرين «طبقاً» مغرياً في الحملات الانتخابية، حذرت مرشحة حزب «الجمهوريين» من «الخطر القادم» إلى أوروبا والمتمثل في المهاجرين. وقالت رداً على سؤال طرحته صحفية في برنامج تلفزيوني (C dans l’air)، حيال رأيها في بناء جدران على الحدود الأوروبية، إن «كل عام» يدخل «عشرات ملايين المهاجرين» إلى الاتحاد الأوروبي بشكل غير شرعي. 

أما زامور اليميني المتطرف والذي تمت إدانته قبل أشهر بتهمة التحريض على الكراهية، فإنّ حملته الانتخابية لم تخل من التحريض والهجوم على المهاجرين وآخرها كان على 1200 طبيب جزائري فازوا بعقود عمل في فرنسا، وقال: إنه عند انتخابه رئيساً لفرنسا فإن بلاده ستستغني عن الأطباء الجزائريين لأن بلدهم يحتاج إليهم وفق تعبيره. ووعد زامور بوضع حد للمسابقة التي تهدف إلى جلب أطباء أجانب مضيفاً: نذهب منذ 30 عاماً لاستقدام أطباء من الجزائر، بينما نمنع الشباب الفرنسي من التخصص في هذا المجال بسبب ربع نقطة. وكان زامور قد تعهّد في بداية حملته الانتخابية في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أمام أنصاره بالمضي نحو «استرداد» فرنسا ودعاهم إلى «تغيير مجرى التاريخ»،. ورفض توصيفه بـ«اليميني المتطرف».

الثابت أن الفرنسيين وعلى الرغم من وجود شق متطرف يرفض الأمواج البشرية القادمة إلى فرنسا وإلى أوروبا عموماً من جنوبي البحر المتوسط، فإنّهم لا يضعون ثقتهم في مرشحي الأحزاب المتطرفة على الرغم من أنّ هذه الأخيرة حققت نتائج قوية في الانتخابات الماضية، سواء المحلية أو الجهوية أو حتى البرلمانية والرئاسية.

ولكن فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي عموماً، لا يمكنها التخلي عن المهاجرين الذين يمثلون موارد بشرية وطاقات إنتاجية هائلة تحتاج إليها عدة قطاعات وخاصة الزراعة والبناء، وأثبتت عدة تقارير أنّ أوروبا تحتاج خلال العقود القادمة إلى ما لا يقل عن خمسين مليون مهاجر جديد في جميع الاختصاصات، وخاصة في القطاعات التي لا يقبل عليها الشبان الأوروبيون.

وعليه فإنّ حملات التصعيد ضد المهاجرين لن تزيد أوروبا سوى عزلة عن محيطها الإقليمي؛ ذلك أن هناك وجهات أكثر جذباً باتت تحوز اهتمام الشباب من ذوي المهارات الفائقة. فهناك على سبيل المثال منطقة أمريكا الشمالية والخليج العربي وحتى شرقي آسيا وإفريقيا، صارت تمثل حلماً لكلّ شاب راغب في ضمان مستقبله، وهذه الوجهات، تقدم مغريات أكثر من تلك التي تعرضها الدول الأوروبية. إن من يريد الوصول إلى السلطة عليه أن يتخلى عن فكرة الوصول إليها عبر ظهور المهاجرين، لأنّه طريق أثبت في كل مرّة أنه خاطئ؛ بل ومدمّر للمستقبل السياسي لكل مرشّح ذهب فيه.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …