الرئيسية / مقالات رأي / الكرة في ملعب الغرب

الكرة في ملعب الغرب

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – بعد أن كشفت روسيا كل أوراقها في الأزمة الأوكرانية وحددت مواقفها وشروطها المتمثلة في عدم توسع حلف «الناتو» شرقاً، أي عدم ضم أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف، والتوقف عن تزويد دول أوروبا الشرقية بأسلحة متطورة، أو نشر قوات أجنبية على أراضيها في إطار الأمن المتبادل داخل أوروبا، ووضع ذلك في صيغة قانونية من خلال الحوار بين الطرفين، ثم إقدام موسكو على سحب جزء من قواتها على الحدود الأوكرانية كخطوة من جانب واحد لوقف التصعيد، ثم إعلان الرئيس فلاديمير بوتين أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولف شولتز بأن «روسيا لا تريد الحرب»، وأن الفرص الدبلوماسية لا تزال متاحة لحل الأزمة، بعد ذلك يتوجب على التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة أن يتخذ من جانبه خطوة شجاعة تقتضي التوقف عن عملية التضخيم والتهويل بشأن الاستعدادات العسكرية الروسية لغزو أوكرانيا، بشكل بدا وكأن ما يجري «هستيريا إعلامية» مخطط لها لخلق رأي عام معادٍ لروسيا لها أبعاد استراتيجية فيما يتعلق بإثارة غبار في ساحة المعركة قبل أن تبدأ.

كما أن حلف «الناتو» مطالب بخلق بيئة أوروبية قادرة على التعايش، وقبول هواجس الآخر الأمنية، وأن يأخذ حسابات روسيا وقلقها بعين الاعتبار، إضافة إلى التوازنات الاستراتيجية التي لم تعد تحتمل أن يكون يكون هناك أمن لطرف على حساب طرف آخر. 

من الواضح حتى الآن أن هناك إهداراً كبيراً لمبادئ التوازن الجيوسياسي في منطقة شرق أوروبا التي يعتبرها عالم الجغرافيا السياسية هالفورد ماكيندر «من أخطر مناطق العالم لناحية النفوذ الجيوسياسي»، الأمر الذي يتوجب على «الناتو» والدول الغربية مراجعة سياساتها والقبول بالهواجس الروسية، إذا كانت هناك نوايا إيجابية للتوصل إلى حلول سياسية مقبولة، خصوصاً أن مطالب موسكو ليست مستحيلة أو صعبة، وهي تخدم في نهاية المطاف أمن القارة الأوروبية ككل، وتوفر بيئة للتعاون تخدم كل الأطراف.

قد يعتقد البعض أن الأزمة الحالية قد برزت فجأة، وأن مخاوف موسكو الأمنية مستجدة، وهذا غير صحيح، ذلك أن الرئيس بوتين كان قد حذر في خطابه له أمام مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007 من «استمرار تمدد حلف الناتو شرقاً»، وحمّل الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة، مسؤولية محاولة فرض معايير خاصة بها على الدول الأخرى، مشدداً على ضرورة أن يكون ميثاق الأمم المتحدة هو الآلية الوحيدة لتبني قرارات بشأن استخدام القوة العسكرية، ثم كرر ذلك في عام 2008 خلال قمة حلف الناتو التي انعقدت في بوخاريست وشارك فيها كضيف. وفي 18 نوفمبر (تشرين الثاني ) الماضي أعلن بوتين من مقر وزارة الخارجية«مبادرة الضمانات الأمنية» تدعو إلى ضمانات أمنية طويلة الأمد في أوروبا.

إذاً، هناك مبادرات سياسية ودبلوماسية ووسائل إلى الحل متوفرة، إذا كان«الناتو» مستعداً لملاقاة روسيا في منتصف الطريق.

شاهد أيضاً

عن الاحتجاجات الطلابيّة في الغرب وعن حدودها

بقلم: حازم صاغية – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ينتظر كثيرون من خصوم الاحتجاجات الطلاّبيّة …