الرئيسية / مقالات رأي / The National Interest: ما أهمية أوكرانيا بالنسبة للولايات المتحدة؟

The National Interest: ما أهمية أوكرانيا بالنسبة للولايات المتحدة؟

بقلم: جوزيف ليبرمان

الشرق اليوم- إن الأزمة الراهنة في أوروبا الشرقية لا تتعلق فقط بمدى قدرة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) على منع روسيا من غزو أوكرانيا رغم أهمية هذه المسألة.

فالأزمة تتعلق كذلك بقضايا أكبر تتمثل في الحرية الشخصية وإتاحة الفرص “التي نعتز بها كثيرا، نحن الأمريكيين والأوروبيين”.

التاريخ الحديث يعلمنا أننا إذا ما سمحنا لحاكم متسلط ذي نزعة توسعية كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يفرض إرادته بالقوة على دولة مثل أوكرانيا، فإن حرية وأمن معظم أجزاء أوروبا المتبقية ستكون معرضة في نهاية المطاف للخطر، ومن المحتمل أن ننجر مرة أخرى لحرب أكبر وأشد فتكا وأكثر كلفة. ولهذا، من الأهمية بمكان منع بوتين من ذلك الآن.

مما يثلج الصدر في هذا الوقت أن غالبية أعضاء الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في الكونغرس يتفهمون تلك الدروس من التاريخ لسياسات قوية كتلك التي شرعت إدارة الرئيس جو بايدن في طرحها لإبعاد القوات الروسية عن أوكرانيا.

لكن هناك “جوقة نشاز” من الانعزاليين من أقصى يسار الحزب الديمقراطي وأقصى يمين الحزب الجمهوري ممن يجادلون بأن الأمر لا يهم الولايات المتحدة إذا غزت روسيا أوكرانيا وسيطرت عليها، على حد تعبير ليبرمان.

إذ إن من هم “تقدميون داخل الكونغرس”، يبدون انزعاجا بشأن الإساءة لروسيا أكثر من قلقهم على حرية الشعب الأوكراني وسيادته.

ويقول (التقدميون) إنهم ينشدون حلا دبلوماسيا عبر المفاوضات والتسويات، ويحذرون من أن أي نشر جديد للقوات وفرض عقوبات عشوائية وغزارة الأسلحة الفتاكة ستزيد من حدة التوترات، ليس إلا.

وعلى أقصى يمين الحزب الجمهوري، كان الانعزاليون أكثر وضوحا؛ إذ يقول عضوهم في مجلس النواب بول غوسار “ليس لدينا مصلحة في القتال”، بل ذهب المذيع في شبكة “فوكس نيوز” (Fox News)، تاكر كارلسون، إلى أبعد من ذلك متسائلا “لماذا علينا أن ننحاز إلى جانب أوكرانيا وليس إلى جانب روسيا؟”

إذا لا يمكن التغاضي عن نداءات الانعزاليين من الحزبين وإلا فإن التأييد لهم سيزداد، لافتا إلى أنه لا بد من تذكير المدافعين عنهم بدروس التاريخ ومواجهتهم بحقيقة أن القيم الأميركية الراسخة المتعلقة بالحرية والفرص المتساوية التي يتبنونها هم أنفسهم “بحماس متقد” ستتقوض بشدة “إذا لم نقم بأي عمل وسمحنا لروسيا بغزو أوكرانيا”.

وإن بعضا من دروس التاريخ ربما تساعد في هذا الأمر، مشيرا إلى أن بعض الانعزاليين  تخلوا سابقا عن مواقفهم، ومنهم السيناتور الجمهوري السابق آرثر فاندنبيرغ -الذي صوّت في ثلاثينيات القرن الماضي ضد أي تورط لبلاده في العدوان الذي كان قد بدأ في أوروبا وآسيا آنذاك- لكنه تخلى عن موقفه ذاك، عقب الغارة الجوية التي شنتها اليابان ديسمبر/كانون الأول 1941 على الأسطول الأميركي في قاعدته البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي.

وأكد فاندنبيرغ حينذاك أن النزعة الانعزالية قد ماتت لدى كل إنسان واقعي، وهذا ما حدا به أن يؤيد بشدة مشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية.

كما أن الرئيسين السابقين جون كينيدي ورونالد ريغان انبريا للدفاع عن قيم الحرية إبان الحرب الباردة، بل إن كينيدي بعث برسالة مباشرة إلى موسكو جاء فيها “سندفع أي ثمن، ونتحمل أي عبء، ونواجه أي صعاب، وندعم أي صديق، ونعارض أي عدو، من أجل ضمان بقاء الحرية ونجاحها”.

أما ريغان، فقد ندد في مؤتمر صحفي عام 1981 بزعماء الاتحاد السوفياتي لسعيهم إلى إقامة “دولة اشتراكية شيوعية عالمية واحدة”، معلنا -في كلمة ألقاها أمام البرلمان البريطاني- يونيو/حزيران 1982 أن “مسيرة الحرية والديمقراطية ستلقي بالماركسية اللينينية في مزبلة التاريخ، مثلما ألقت بطغاة آخرين، لقمعهم الحريات والشعوب”. وفي وقت لاحق، أطلق ريغان على الاتحاد السوفياتي وصف “إمبراطورية الشر”.

إذا فإن روسيا تحت حكم بوتين لم تعد رسميا دولة شيوعية، إلا أنها تمارس القمع السياسي واقتصادها تسيطر عليه الدولة، وتوسع هذه النزعة على نحو إستراتيجي مثلما كان عليه الحال إبان الاتحاد السوفياتي السابق.

وإن الرئيس بايدن كان محقا حينما صرح مؤخرا بأن غزو روسيا لأوكرانيا “من شأنه أن يغير العالم”. وإذا ما قُدِّر للرئيس الأمريكي -بدعم من غالبية أعضاء الكونغرس من الحزبين- أن يدرأ غزوا من هذا القبيل من دون الرضوخ لروسيا، فإن ذلك سيحسن من نظرة العالم له ولأمريكا “التي أضعفها الانسحاب المشؤوم من أفغانستان، وبالأخص في بكين وطهران وبيونغ يانغ”.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …