الرئيسية / مقالات رأي / The Times: لماذا لايزال القادة الغربيون يبحثون عن مشورة كيسنجر؟

The Times: لماذا لايزال القادة الغربيون يبحثون عن مشورة كيسنجر؟

By: Roger Boys

الشرق اليوم – لقد بات في الـ98 من عمره، ولديه كتابان جديدان في الأسواق ولايزال رأيه مطلوبًا باعتباره المخطط الاستراتيجي الذي لا غنى عنه على ما يبدو في العصر الحالي، الشخص المقصود هنا هو هنري كيسنجر، الرجل الذي شغل منصب وزير الخارجية الأمريكي السابق.

وينظر البعض إلى كيسنجر باعتباره مجرم حرب وذلك بسبب دوره في قصف الهند الصينية، فيما يراه آخرون، بمن فيهم مجموعة من الرؤساء الأمريكيين السابقين، مشرفًا حكيمًا على السياسات الخارجية والأمنية للولايات المتحدة.

ولطالما كان سؤال: «ما رأى هنري في ذلك؟» مطروحًا في واشنطن منذ أن عُرض على كيسنجر تقديم المشورة للرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي في عام 1961، وغالبًا ما كان يتم الإجابة على هذا السؤال من خلال الاتصال به لسؤاله عن رأيه، إذ عمل كيسنجر مع ليندون جونسون، كما كان مستشارًا للأمن القومي، ثم وزيرًا للخارجية في عهد ريتشارد نيكسون، وكان جزءًا من المجلس الاستشاري للاستخبارات الخارجية للرئيس رونالد ريجان، وكان يلتقى الرئيس جورج دبليو بوش بانتظام لمناقشة الوضع في العراق، فيما تعتبره هيلاري كلينتون صديقًا مقربًا.

ومع انتقال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تواصل صهره جاريد كوشنر مع كيسنجر، ولم يكتف الأخير بتقديم النصيحة لكوشنر فحسب، بل ساعده على التعرف على بعض الشخصيات ذات الوزن الثقيل، إذ ساعده على مقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شى جين بينج عدة مرات، وذلك لأن اسم كيسنجر يفتح الأبواب المغلقة، لا سيما في الصين، إذ يقول الصينيون إن نظام شي كان ممتنًا لأنهم وجدوا في كوشنر شكلًا من أشكال الوصول المباشر إلى الرئيس الأمريكي.

والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان سيتم استدعاء كيسنجر لتقديم المشورة في البيت الأبيض ومساعدة الرئيس جو بايدن الذي يبدو من الواضح أنه يحتاج إلى المساعدة في صياغة سياسة خارجية متماسكة لا تصور أمريكا على أنها في حالة انحدار حاد، وذلك لأن الخروج الفاشل من أفغانستان، والمزيج الأخرق من التهديد والحوار الحذر مع بوتين في الوقت الذي تمارس فيه دباباته التصعيد حول أوكرانيا، وتصميم شي على جعل الصين القوة العظمى الأولى في العالم وواضعة القواعد والأعراف العالمية، كلها أشياء تشير إلى أنه بحاجة للمشورة.

ويعتبر بايدن أن سنواته الطويلة في مجلس الشيوخ قد منحته مصداقية دولية، ووفقًا لتقديره فإنه يرى أنه الأفضل تأهيلًا في الشؤون الخارجية بين جميع الرؤساء المعاصرين، ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن فهمه الاستراتيجي مشوشًا، كما تبدو لغته متخبطة في الأزمات التي تحتاج إلى الوضوح.

وفي حال اتبع بايدن إرشادات كيسنجر، فإنه سيتعين عليه التفكير خارج الصندوق، وإذا انتهت الأزمة الأوكرانية دون شن حرب أو توغل روسي في أراضي كييف، فقد يكون من الممكن معالجة استياء روسيا من كونها الخاسر المتصور في الحرب الباردة، إذ أنه لطالما كتب كيسنجر بلا تردد عن الحاجة إلى دمج الأعداء السابقين في النظام الجديد.

وتكمن المعضلة الأساسية في أن العديد من الأمريكيين ينظرون إلى أوكرانيا على أنها ليست ذات أهمية استراتيجية وأنها لا تستحق القتال من أجلها، في حين أن روسيا تعمل على خلق أزمة في كييف ستجعل موسكو أكثر ارتباطًا من الناحية الاستراتيجية بإدارة بايدن، إذ يقاتل بوتين أو يهدد بالقتال من أجل استعادة أوكرانيا كـ«منطقة نفوذ»، وهو يفعل ذلك لأنه يشعر بأنه قد تمت إزاحته بسبب تركيز بايدن الأحادى على التحدي العالمي للصين.

وصحيح أن بايدن لا يحب كيسنجر كثيرًا، ولكن من شبه المؤكد أنهما متفقان على أنه يتعين على أوكرانيا قبول خسارة شبه جزيرة القرم مقابل الوعود الروسية (المشكوك فيها) باحترام وحدة أراضيها، وسيكون هذا هو العرض المنطقي للسياسة الواقعية في رأى كيسنجر والذي ربما يعتمده بوتين، وصحيح أن تبنى هذا النهج سيجعل أوكرانيا تشعر بالخيانة، ولكن كل أزمة عالجها كيسنجر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، تركت وراءها خاسرين.

وبالنظر لأن شي وبوتين يتصرفان كما لو أنهما أصبحا صديقين حميمين، إذ دعم الأول طلب الثاني بألا تنضم أوكرانيا إلى الناتو أبدًا، كما سيحضر الرئيس الروسي حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين يوم 4 فبراير الجاري، ووفقًا لبعض التقارير، فإنه وعد بعدم القيام بعمل عسكري حتى تنتهي دورة الألعاب.

وربما ينصح كيسنجر بايدن بإيجاد طرق لدق إسفين بين روسيا والصين اللتين، رغم تقربهما من بعضهما البعض، تتنافسان على النفوذ في آسيا الوسطى، وهو الأمر الذي لن يكون سهلًا، وسيتطلب اهتمامًا أكبر مما قد يرغب بايدن في إيلاءه لهذه المسألة.

كما أنه يتعين على إدارته أن تكون أكثر وضوحًا في تحليلاتها، إذ أنها تعتقد أن الصين تطمح في إخراج أمريكا من سياسات المحيط الهادئ، كما تعتقد أن الهدف الروسي هو إخراج أمريكا من أوروبا الشرقية، وفي حال كان هذا صحيحًا، فإنه سيجمع بين مصير تايوان المدعومة من الولايات المتحدة والدعم الأمريكي (الفاتر) لأوكرانيا، وإذا كان هناك أي مؤشر على أن موسكو وبكين تتصرفان بشكل منسق بشأن هاتين المسألتين، فالغزوان يهدفان إلى إضعاف مكانة أمريكا، وهو ما ينذر بوجود مشكلة في المستقبل.

إذن ماذا كان سيفعل كيسنجر في هذه المسألة؟ أعتقد أنه كان سيحث المحللين على التركيز على الفرق بين بكين وموسكو، حيث إن الصين لن تستفيد شيئًا من خلال تعريض الولايات المتحدة لخطر صراع عسكري على جبهتين.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …