الرئيسية / مقالات رأي / تمييز نووي

تمييز نووي

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – الدعوة التي صدرت قبل أيام عن الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين لتجنب اندلاع حرب نووية، والالتزام مستقبلاً بالنزع الكامل للأسلحة النووية، خطوة جيدة لكنها لا تكفي، إذ إن هذا التعهد يحتاج إلى تنفيذ على الأرض، والاكتفاء بالبيانات لا يطمئن من عدم نشوب نزاع نووي في لحظة ما. ثم إنّ هناك دولاً أخرى خارج النادي النووي الرسمي تمتلك أسلحة نووية ولم تنضم إلى معاهدة حظر هذه الأسلحة مثل الهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية، وكلها تشكل تهديداً للأمن والسلام العالميين.

فالصين التي شاركت في هذا التعهد، أعلنت أنها ستواصل «تحديث» ترسانتها النووية، لكن وزير خارجيتها وانغ بي، حثّ الولايات المتحدة وروسيا على خفض ترسانتهما النووية لأن «أي تخفيضات جديدة في ترسانة البلدين النووية ستساعد في نزع السلاح النووي متعدد الأطراف». فالصين تشكو من التمييز عندما تتم مطالبتها بالمشاركة في الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وروسيا بشأن الأسلحة النووية، لأن ما تمتلكه من هذا السلاح وهو بحدود 270 سلاحاً لا يقارن بما تمتلكه الولايات المتحدة وهو بحدود 6800 سلاح، ولدى روسيا نحو 7000 سلاح، لذلك هي تدعو إلى توازن نووي، إما بالتخلص من فائض الأسلحة النووية، وإما بنزع السلاح النووي بالكامل.

إذاً، فإن التعهد بعدم نشوب مواجهة نووية هو من الناحية العملية تعهد نظري، ما دام هذا السلاح يشكل عامل تهديد للعالم، حتى ولو كان من باب «الردع»، طالما أن الأزمات في العالم تشهد تصاعداً، ووتيرة التهديدات تأخذ أشكالاً من الاستنفار والمناورات والتجارب على أحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً ومن بينها تحديث الأسلحة النووية وأسلحة الذكاء الاصطناعي، ورصد مليارات الدولارات على ذلك. 

ثم من يضمن أن لا تستخدم الدول غير الموقعة على اتفاقية حظر الأسلحة النووية وترفض تفتيش منشآتها النووية من قبل وكالة الطاقة الذرية، أسلحتها النووية ضد الدول الأخرى في حال تعرض أمنها لخطر جدّي؟

هذا شكل آخر من أشكال التمييز النووي الذي يتم التغاضي عنه لأسباب سياسية لها علاقة بالمصالح الاستراتيجية للدول الكبرى، بل إنها ترفض حتى الحديث عنه كما هو حال السلاح النووي الإسرائيلي الذي يهدد كل الدول العربية التي عرضت منذ سنوات أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، كما هو حال مناطق أخرى في العالم. وفي هذا الإطار تجري المفاوضات في فيينا بشأن الملف النووي الإيراني لضمان التزام طهران بسلمية برنامجها النووي وعدم انخراط المنطقة في سباق نووي مدمر.

العالم يحتاج إلى الأمن والسلام الفعليين، لمواجهة ما يتعرض له من تحديات بيئية وصحية في ظل جائحة كورونا التي تحولت إلى «تسونامي» قاتل على مستوى العالم، إضافة إلى تغير المناخ العالمي الذي يؤدي إلى كوارث، ما يقتضي الالتزام بالعمل المشترك لإنقاذ العالم من الفواجع المتوقعة، وخلق عالم بلا أسلحة نووية مدمرة.

شاهد أيضاً

إسرائيل تختار الصفقة بدلاً من الرد الاستعراضي

بقلم: علي حمادة – صحيفة النهار العربي الشرق اليوم– تجنبت ايران رداً إسرائيلياً استعراضياً يفرغ …