الرئيسية / مقالات رأي / الردع الرقمي متعدد الطبقات

الردع الرقمي متعدد الطبقات

بقلم: أنجوس كينج – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم– الولايات المتحدة تتعرض لهجوم، وأرض المعركة واسعة النطاق لأبعد حد، ويمتد من أكبر مواقعنا العسكرية وشركات تشغيل شبكات الطاقة الهائلة إلى أصغر المتاجر وحتى الهواتف الذكية للأفراد. والقراصنة والمجرمون الآخرون والأجانب يسعون وراء أي نقطة ضعف رقمية لعرقلة حياتنا وتعطيل اقتصادنا ومنع إمكانية الدخول إلى المعلومات الحيوية. والجائحة أسرعت بخطى تحول كان يتقدم بالفعل نحو حياة يتزايد تركيزها حول العالم الرقمي. ولا شك في أن القدرة على الاتصال أنقذت أرواحاً وأبقت الاقتصاد قادراً على الاستمرار على مدار العامين الماضيين. لكن كان لهذا كلفة، تمثلت في نقاط ضعف هائلة قد تكون مدمرة في الأنظمة التي تدعم حياتنا اليومية.

فماذا يحدث إذا تم إخضاع هذه الشبكات؟ فقد أضرت هجمات في الآونة الأخيرة بقطاع الطاقة لدينا وأبطأت سلاسل إمداداتنا ودمرت مؤسسات حكومية، من وكالات اتحادية إلى إدارات المحليات. وما التأثير على المجتمع إذا توقفت شبكات الطاقة وأنظمة الاتصالات؟ وما التأثير على الأفراد إذا لم يعودوا قادرين على العمل أو التعلم عن بعد، أو على الحصول على وثائق طبية مهمة، أو الدخول إلى حساباتهم المصرفية؟

هذه الأسئلة الصعبة هي التي جعلت الكونجرس يقيم “لجنة غرفة الفضاء الرقمي الزجاجية” عام 2019 لإعادة النظر في موقفنا الأمني القومي في العصر الرقمي. واللجنة التي يشترك الكاتبان في رئاستها مؤلفة من زعماء من الحزبين في الكونجرس ومسؤولين من الفرع التنفيذي وخبراء من القطاع الخاص ومن مراكز ومؤسسات بحثية. وعقدت اللجنة نحو 50 اجتماعاً لبحث نقاط ضعف الولايات المتحدة في الفضاء الرقمي سعياً للتوصل إلى حلول. وتوصلنا إلى أن أمريكا غير مستعدة بشكل مروع للتهديدات الرقمية، التي تتطور حول العالم، لكن يمكننا تغيير هذا. ومع اختتام اللجنة جدول أعمالها هذا الشهر، تمت صياغة أكثر من 30 من توصياتها في صورة قانون. وهذه التوصيات تضمنت تعيين مدير رقمي قومي يقره الكونجرس لتنسيق جهود الحكومة الاتحادية في الفضاء الرقمي.

لكن مع بلوغ نهاية فترة ولاية لجنتنا، نعتقد أن هناك خطوات مهمة وبدهية تالية تستطيع المساعدة في حماية شبكات أميركا المحورية والشعب الذي يعتمد عليها. واستراتيجيتنا وهي “الردع الرقمي متعدد الطبقات” تقوم على فكرة الاعتماد على نهج متعدد الفروع- وليس الاعتماد على حل واحد- لمنع الهجمات قبل شنها والتصدي للهجمات التي تقع. ولتغيير حسابات أعدائنا، يتعين علينا أولاً تعضيد دفاعاتنا القومية وقدرتنا على الصمود. وإحدى الخطوات الرئيسية نحو تحقيق هذا الهدف هو تحسين علاقات العمل بين الحكومة والقطاع الخاص، وهو ما توصل فريق لجنتنا إلى أنه يسيطر على 80% من شبكاتنا المعرضة للخطر، بما في ذلك أنظمة الطاقة والأسواق المالية. ورغم أن هذه الأنظمة تحت السيطرة الاتحادية، لكن هجوماً عليها سيكون له تأثير مدمر على كل الأمريكيين.

ويتعين علينا جسر الفجوة بين القطاع العام والخاص بإقرار تشريع يؤمن بنيتنا التحتية القومية الحيوية ويُلزم الشركات الخاصة بالإبلاغ عن الحوادث الرقمية حتى تتحسن قدرة الحكومة الاتحادية على التعرف على المخاطر المحتملة على الأمن القومي والمساعدة في تقليص الضرر. وهذه الجهود مجتمعة حققت تقدماً كبيراً فيما يتعلق بتعزيز الوعي والشعور بالإلحاحية في الكونجرس العام الماضي. لكنها ليست كافية في النهاية، ويتعين علينا بذل المزيد.

واستراتيجية الردع الرقمي متعدد الطبقات تطالب الولايات المتحدة باتباع ممارسات في الفضاء الرقمي عبر العمل مع الشركاء والحلفاء. والأدوات غير العسكرية المتاحة لنا، وتتضمن إنفاذ القانون وفرض العقوبات والدبلوماسية، يمكنها وضع قواعد واضحة للمشاركة الرقمية والعواقب المحتملة لمن يخرجون عن النهج السليم. ويتعين أن نكون قادرين أيضاً على أن نكبد كل من ينتهك هذه الأعراف كلفة كبيرة حتى يعلم أعداؤنا- من الدول إلى المنظمات الإجرامية- أنهم إذا هاجمونا، سيتكبدون ثمناً لا يطيقونه. وأفضل هجوم رقمي هو الذي يتم منعه، وأفضل طريقة لمنع الهجمات هو وضع سياسة لا لبس فيها للردع.

وبعد سنوات من العمل، تختتم “لجنة غرفة الفضاء الرقمي الزجاجية” عملها، لكن أعضاء اللجنة لديهم عمل لم يتم، ولا نعتزم تركه، بل سنواصل عملنا من خلال وضع التشريعات والتفاوض والضغط، إذا لزم الأمر. وفي الوقت الذي تدافع فيه الولايات المتحدة عن مصالحها في البر والبحر والجو، يتعين علينا أن ندرك أن مصالح البلاد في مجال رابع، الفضاء الرقمي، محوري لأمن ورخاء البلاد على المدى الطويل. والتهديدات ستواصل تطورها لكن هذا تحد يمكننا، ويتعين علينا، التصدي له بالخيال والعزيمة والتعاون والمشاركة من أصغر جهاز الكمبيوتر في نهاية سلسلة الإمداد إلى أكبر منصب في المكتب البيضاوي، ومن كل مكان يقع بينهما.

شاهد أيضاً

مرحى… اتفاق تاريخي بين العراق وتركيا حول المياه لكن أين هو؟

 قلم: باسل سواري – النهار العربي الشرق اليوم- مع إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع …