الرئيسية / مقالات رأي / قمة “حواجز الأمان”

قمة “حواجز الأمان”

الشرق اليوم- بعدما بلغ التوتر بين الولايات المتحدة والصين حداً يهدد بمواجهة غير محسوبة، عرضية أو نتيجة سوء فهم وتقدير، على خلفية الصراع حول عدد من الملفات، خصوصاً حول تايوان والحرب التجارية وحقوق الإنسان، فقد كان من الضروري عقد لقاء بين قمتي الهرم في البلدين لتدارك الوضع والعمل على تبريد الأجواء، وإبقاء الصراع في حدود التنافس.

لهذا السبب عقدت القمة الافتراضية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والزعيم الصيني شي جي بينج، في لقاء هو الثالث بعد الاتصالين الهاتفيين السابقين بينهما.

ورغم أن الآمال كانت ضئيلة في أن يتمكن بايدن وشي من ردم الهوة بين بلديهما نظراً لتشابك ملفات الصراع، واختلاف الاستراتيجيات الإقليمية والدولية بينهما، إلا أنه كان من الواضح أن الزعيمين أبديا رغبة شديدة في إبقاء الخلافات بينهما في حدود مسؤولياتهما الدولية، وفي إطار “من الاحترام المتبادل” وفق تعبير الرئيس شي، و”إعادة العلاقات الصينية – الأمريكية إلى الطريق الصحيح من أجل تطور سليم ومستقر”، وفق وزارة الخارجية الصينية. في حين أكد البيت الأبيض أن المحادثات هدفها “ضمان المنافسة بأن لا تقود إلى نزاع”، مضيفاً “نريد ضمانات مشتركة لتجنب أي خطأ في الحكم، وأي سوء تفاهم”.

إذاً، القمة تعقد لهدف محدد، هو العمل على ضبط العلاقات والحؤول دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، أي وضع “حواجز أمان” للحؤول دون ذلك، كما أكد الرئيس بايدن، وهو ما يلقى موافقة صينية بالتأكيد، خصوصاً بعد تبادل الكثير من التهديدات بين مسؤولي البلدين في الفترة الأخيرة على خلفية قضية تايوان، حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن قلقه إزاء الضغوط العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية المتواصلة لجمهورية الصين الشعبية ضد تايوان، في حين حذر وزير الخارجية الصيني وانغ من خطورة التصرفات الأمريكية الداعمة لاستقلال تايون، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.

وقد كثفت الصين في الآونة الأخيرة من نشاطها العسكري حول الجزيرة وفي بحر الصين الجنوبي، في حين عمدت الولايات المتحدة إلى تقديم الأسلحة إلى تايوان، كما أقدمت على نشر بوارج عسكرية في المنطقة، ما زاد من حدة التوتر بين البلدين، خصوصاً أن واشنطن تبدي ريبة وقلقاً من تعاظم الترسانة العسكرية الصينية البرية والبحرية والصاروخية بشكل بات يهدد التفوق الاستراتيجي العسكري الأمريكي.

مع ذلك، وجد الزعيمان مساحة للعمل المشترك، من خلال التشديد على التعاون لإيجاد حلول فعالة للتحديات العالمية مثل المناخ ووباء كورونا، وأن لا ينحرف التنافس بين البلدين باتجاه تصادمي، والعمل مع بعضهما، والتعايش في سلام.

من الواضح أن اللقاء الافتراضي الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات تميز بالود والاحترام المتبادل، خصوصاً أن الزعيم الصيني وصف بايدن ب”الصديق القديم”، ما أعطى أملاً بأن هناك قادة يدركون أن العالم يحتاج إلى مزيد من الأمن والسلام والاستقرار، وإبعاده عن مخاطر الصراع ونتائجه الكارثية.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مرحى… اتفاق تاريخي بين العراق وتركيا حول المياه لكن أين هو؟

 قلم: باسل سواري – النهار العربي الشرق اليوم- مع إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع …