الرئيسية / مقالات رأي / إذا تفكّكت إثيوبيا… هل ينجو الجوار؟

إذا تفكّكت إثيوبيا… هل ينجو الجوار؟

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي 

الشرق اليوم – رسمت مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، صورة قاتمة لمستقبل إثيوبيا، عندما تساءلت في مقالة لها تعليقاً على الحرب الأهلية الدائرة الآن: هل تنجو البلاد من التفكك؟ 

سؤال، لا شك، يعني الدول المحيطة بإثيوبيا بقدر ما يعني إثيوبيا نفسها. إذ ما مصير القرن الأفريقي برمّته إذا ما تفككت أكبر دوله، سكاناً ومساحة، على أساس عرقي، وذهبت كل عرقية في سبيلها، من الأمهرة إلى الأورومو إلى التيغراي إلى بقية العرقيات التي يصل تعدادها إلى نحو 80 عرقية يتشكل منها الإتحاد الفدرالي الإثيوبي، الذي أظهر تماسكاً حتى اليوم، على رغم اختباره حروباً أهلية من قبل. 

في مجتمع فسيفسائي التركيب، تنفجر الأزمات عندما تقرر عرقية ما، مهما كبرت أو صغرت، أن تطغى على الأقليات الأخرى. بعد إسقاط ديكتاتورية منغستو هيلا مريام الماركسية أوائل التسعينات بعد حرب عصابات استمرت 8 سنوات، قادت القومية التيغرانية، على رغم أنها أقلية لا يتجاوز تعدادها نسبة 6 في المئة من العدد الإجمالي للسكان، الائتلاف الحاكم حتى عام 2018. وسقطت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي تقود التمرد اليوم ضد حكومة آبي أحمد، لأنها تصرفت كما تصرف الأخير، عندما قرر إخضاع الجبهة بالقوة فأعلن الحرب على تيغراي قبل عام من الآن، من دون أن يدري أنه كان يؤسس لحرب أهلية أخرى، قد تطيحه هو نفسه في نهاية المطاف. 

اليوم، تزحف الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، متحالفة مع 8 حركات متمردة أخرى، أبرزها جيش تحرير أورومو، نحو العاصمة أديس أبابا. وأبي أحمد الحائز جائزة نوبل للسلام قبل عامين، يهدد المتمردين بـ”الدفن تحت عظامنا ودمائنا”، ويصرح بالفم الملآن: “إننا نخوض حرب وجود”، ويعلن حال الطوارئ ويستدعي قوات الاحتياط. وتشن الشرطة حملة تفتيش من منزل إلى منزل في العاصمة بحثاً عن أشخاص من القومية التيغرانية، للاشتباه في احتمال تعاونهم مع المتمردين.

ولم يعد السؤال: هل يصل المتمردون إلى أديس أبابا خلال أسابيع أو خلال أشهر؟ بل بات السؤال: كيف ستخرج إثيوبيا من هذه الحرب وبأي صيغة؟ هل تتفكك إلى دول على أساس عرقي كما تساءلت “الفورين أفيرز”؟ أم هل تستطيع قومية ما إخضاع باقي القوميات لحكمها؟ أم هل لا يزال ثمة من مجال لقيام إثيوبيا موحدة ولو بفدرالية فضفاضة تتيح لكل قومية قدراً أكبر من الاستقلال بشؤونها إلى حد عدم الشعور بطغيان قومية أخرى عليها؟ 

الوضع المتفجر في إثيوبيا يعنى المنطقة بكاملها، وأي نتيجة للحرب الدائرة ستنعكس على الجوار، من جيبوتي إلى كينيا وأريتريا و”أرض الصومال”. واستمرار الحرب يعني تدفق مئات آلاف اللاجئين إلى الدول المجاورة، وما سيترتب على ذلك من أعباء على هذه الدول، بينما استيقاظ نزعة القوميات سيكون له انعكاسات في القرن الأفريقي الذي يعيش تاريخياً على حافة الفوضى والاضطراب، كونه ممراً استراتيجياً لقوى كبرى، طالما اتخذت منه قاعدة لتنازع المصالح.   

الخطر الإثيوبي الذي يهدد بالتمدد إلى الجوار، دفع المبعوث الأميركي إلى القرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى زيارة أديس أبابا على عجل، وهو الذي لا يزال منهمكاً في معالجة ذيول الانقلاب الذي نفذه قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. 

القرن الأفريقي الذي يعيش منذ عامين أزمة سد النهضة على النيل الأزرق، بسبب إصرار آبي أحمد على تعبئة السد من دون اتفاق مسبق مع السودان ومصر، تنفجر فيه الآن أزمة أخطر بكثير، لا يمكن التنبؤ بمآلاتها.

شاهد أيضاً

لبنان- إسرائيل: لا عودة الى ما قبل “طوفان الأقصى”

بقلم: علي حمادة- النهار العربيالشرق اليوم– تسربت معلومات دبلوماسية غربية الى مسؤولين لبنانيين كبار تشير …