الرئيسية / مقالات رأي / الدعم المشروط

الدعم المشروط

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – طالب الاتحاد التونسي للشغل رئيس الجمهورية بوضع سقف زمني لإجراءاته الاستثنائية، مطالبًا إياه بالبدء في استحقاقات المرحلة الثانية الأصعب، أي تقديم بديل للمنظومة السياسية القديمة التي رفضها بقراراته الجريئة، وبمشاركة الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين بجانب شرائح مختلفة من الشعب التونسي.
والحقيقة أن أهم ما ميّز الخبرة السياسية التونسية في السنوات العشر الأخيرة أنها لم تسمح بوجود لاعب واحد في الساحة السياسية، فحتى الرئيس الذي اتخذ إجراءات استثنائية فردية فإنها ظلت حتى اللحظة مدعومة من غالبية الشعب، وحتى مَن أيّدوها من القوى السياسية والنقابية والاجتماعية لم يقدموا كما قال رئيس الاتحاد التونسى للشغل «صكًّا على بياض لأى ما كان»، بما يعنى أن المؤسسة العمالية والنقابية الكبرى في تونس، والتى تمثل حجر زاوية في مواجهة حركة النهضة، والداعمة لقرارات قيس سعيد، احتفظت بهامش استقلالية جعل لها مصداقية شعبية حقيقية، مقارنة بكثير من الاتحادات الرسمية في العالم العربي، وهو ما حمى البلاد من حكم الفرد ومخاطر الفراغ السياسي.
والحقيقة أن مَن يتابع مجلة الشعب التي يصدرها الاتحاد التونسي للشغل سيندهش من أنها تنطلق من موقف مؤيد لقرارات الرئيس رغم خطها النقدي، فقد عنونت صفحتها الأولى من عدد الخميس الماضي بالقول:
«تغييب الأحزاب سيُدخل البلاد في متاهات الفوضى» وأن إقصاء مشهد بكامله يؤسس للفراغ وينبئ بالانهيار واعتبرت «أنه لا مجال لحوار وطني دون مشاركة الأطراف الاجتماعية»، وذلك في معرض ردها على إعلان الرئيس إعداد منصة للحوار الوطني الشامل مع الشعب التونسي، وخاصة الشباب، يتحاور فيها بشكل مباشر مع الشعب، وتُنقل بعدها مخرجات الحوار إلى القيادة السياسية، في تجاهل للمؤسسات الوسيطة الموجودة من نقابات عمالية واتحادات مهنية وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني.
والحقيقة أن هذا الدعم المشروط، أو كما سماه أحد شباب الباحثين التونسيين المتميزين (أحمد نظيف)، «المساندة المشروطة»، والذي أيد قرارات الرئيس في مواجهة حركة النهضة، وتجديد المنظومة السياسية، ولكن معظم ما يكتبه حاليًا فيه نقد لكثير من سياسات الرئيس بغرض تصويب الأداء والوصول إلى هدف تعديل الدستور وتجديد النظام السياسي.
هذه البيئة المحيطة بالرئيس التونسي جعلته يتراجع عن بعض القرارات ويصوب أخرى، صحيح أن هناك تيارًا في تونس لا يؤمن بالديمقراطية التمثيلية، ويعتبر أنها سبب المشاكل، لكنه إذا قرر أن يحول أفكاره إلى مشروع سياسي منظم فحتمًا سيؤطِّرها في حزب أو جمعية أو داخل نقابة، بما يعني أنه ليس أمامه إلا الديمقراطية التمثيلية بكل عيوبها لكي يطرح من خلالها أفكاره على الشعب.
من المتوقَّع أن يتحاور الرئيس التونسي مباشرة مع قطاعات من الشعب، وبفضل الدعم المشروط لقوى كثيرة، سيتحاور أيضًا مع النقابات والأحزاب السياسية من أجل بناء نظام رئاسى ديمقراطي جديد.

شاهد أيضاً

مرحى… اتفاق تاريخي بين العراق وتركيا حول المياه لكن أين هو؟

 قلم: باسل سواري – النهار العربي الشرق اليوم- مع إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع …