الرئيسية / مقالات رأي / Middle East Eye: هجمات 11 سبتمبر.. لماذا لن تنتهي الحرب على الإرهاب

Middle East Eye: هجمات 11 سبتمبر.. لماذا لن تنتهي الحرب على الإرهاب

BY: David Hearst

الشرق اليوم – إن أكثر ما يدعو للحزن بعد 20 سنة من حرب “عقيمة” على الإرهاب، قُتل فيها مليون شخص، هو أنه ما من أحد -على ما يبدو- قد تعلم شيئا منها.

إن الرعب الذي استبد بالنفوس يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 ما لبث أن تحول إلى يد عسكرية باطشة أزهقت أرواح أبرياء كثر.

ولعل من أبرز ملامح الحرب على الإرهاب طوال تلك السنوات التي تلت أحداث ذلك اليوم هي المحاولات “المنسقة” من قبل الحكومات المشاركة في الصراع لإخفاء الحقيقة بشأن ضحايا تلك الحرب الذين يُعدون بمئات الآلاف من أناس أبرياء مثلهم مثل ركاب الطائرات الأربع التي استولى عليها خاطفون وصدموا بها ناطحتي سحاب في نيويورك.

وقد استمرت تلك المحاولات حتى الأيام الأخيرة من الاحتلال الأميركي لأفغانستان، عندما فجر “انتحاري” من تنظيم الدولة الإسلامية نفسه عند بوابات مطار كابل مما أسفر عن مصرع أكثر من 170 شخصا.

كافة وسائل الإعلام صدقت الرواية التي تزعم أن أولئك القتلى سقطوا جراء التفجير الانتحاري وحده، ما عدا سكوندر كرماني مراسل قناة “بي بي سي” (BBC) البريطانية الذي كتب -في تغريدة على تويتر- أن “العديد ممن تحدثت معهم -بمن فيهم شهود عيان- قالوا إن أعدادا كبيرة من الناس تعرضوا لإطلاق نار من قوات أميركية في لحظة الهرج والمرج التي أعقبت الانفجار”.

فكم من الأفغان قُتلوا في تبادل لإطلاق النار عقب الحادث بينما كانوا يصطفون للدخول إلى المطار؟ لا أحد من الصحفيين تتبع الأمر في تقاريره!!

وبالمثل، فقد ادعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها أصابت بضربة عسكرية “دفاعية” الهدف الصحيح، ودمرت سيارة مفخخة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية -فرع ولاية خراسان- كانت على وشك التوجه نحو المطار.

وعندما اتضح أن 10 أفراد من أسرة واحدة -من بينهم 7 أطفال- لقوا حتفهم في الانفجار، قال البنتاغون إنهم قُتلوا في انفجارات تلت الانفجار الأول.

إن القتلى ليسوا ضحايا حرب، بل سياسة متعمدة في الحرب على الإرهاب لتزوير الأرقام.

وبحسب “مشروع تكاليف الحرب” التابع لجامعة براون الأميركية، فإن زهاء مليون شخص فقدوا أرواحهم في الحرب على الإرهاب، وأن ما يقدر بنحو 37 مليون شخص نزحوا من مناطقهم.

إن الحرب على الإرهاب -التي لم يتم تحديد أهدافها قط، والتي طالت دولا إسلامية فقيرة غير قادرة على الدفاع عن أنفسها- دمرت منطقة بأسرها في غرب آسيا.

وثمة تقرير آخر -بالكاد حُظي بالتعليق عليه- صادر من مصدر أميركي رسمي وهو المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان خلص إلى نتائج “مروعة”. فكل هدف إستراتيجي كان يضمر في ثناياه بطلانه، فقد أرادت الولايات المتحدة استئصال شأفة الفساد، لكنها عملت أيضا على تنشيط الاقتصاد بضخ مليارات الدولارات فيه. وأرادت أن تقضي على ثقافة الإفلات من العقاب، لكنها سعت أيضا إلى الحفاظ على الأمن، حتى وإن كان ذلك يعني التمكين للفاسدين أو الجهات التي تمارس السلب والنهب والسرقة.

كما أرادت الحد من زراعة الخشخاش، لكن بدون حرمان المزارعين من مصادر دخلهم، وهكذا. غير أن تلك الإستراتيجية تحولت إلى “تدمير متبادل مؤكد”.

وقد افتقرت أميركا إلى المعلومات الاستخبارية والدراية بطبيعة السكان المحليين، مما حدا بوزير الخارجية الإيراني المنصرف محمد جواد ظريف إلى وصف عجز الغرب عن قراءة العالم الإسلامي بــ”التنافر المعرفي”.

إن هذا الوصف “طريقة مهذبة” لقول إن الغرب يعيش في عالم مختلف.

ثمة ملمحا آخر للحرب على الإرهاب -بمعزل عن طولها والخسائر المروعة والأكاذيب- يتجلى في أن ما من مسؤول عن تأجيجها خضع للمساءلة، أو أبدى رغبة في الاعتذار عن القرارات التي اتخذها.

ورغم أن أفغانستان نفسها هي للغرب “قضية خاسرة”، فإن الحصانة التي مُنحت للضربات الجوية على أهداف بعينها لن تتعرض للمحاسبة وسيتواصل الإفلات من العقاب.

كما أن غزو أفغانستان قبل 20 سنة لم يؤثر بشكل ملموس على قدرة تنظيم القاعدة العملياتية في شن هجمات على أهداف غربية. فـ”الإرهاب” الذي قيل إنه تم باسم تنظيم الدولة الإسلامية أو تحت رايته في أوروبا أصبح محلي النشأة إلى حد كبير.

الحرب على الإرهاب لم يخسرها الغرب أمام عدو محدد يمتلك مهارات فائقة، “بل كانت هزيمة بهدف عكسي في مرماه”.  تلك الحرب كانت “أسمى تجسيد” لقيادة العالم، وللتفوق التقني و”الأخلاقي” لحضارة تصرفت كأنها “سادنة القيم الديمقراطية الوحيدة”، ولهذا استحقت أن تكون شرطة العالم.

وإذا كان من دروس مستفادة من “هذا الفشل الذريع”، الذي دفع ثمنه الملايين من دمائهم، فينبغي أن تقود إلى نبذ أحاديث القرن 19 عن مناطق نفوذ، أو عن العقلية الاستعمارية التي تؤمن بصراعات الحضارات والقيم.

أميركا ورثت -منذ تفكك الاتحاد السوفياتي وحتى الآن- 3 دول بشعوبها إما بانهيار تلك الدول أو بغزوها، وهي روسيا وأفغانستان والعراق.

إن شعوب تلك الدول كانت مؤيدة للغرب بأغلبية ساحقة، لكن الولايات المتحدة حولتها إلى أمم عدوانية “بشكل ضمني أو صريح”، كما أن العراق سيكون الدولة القادمة التي ستطرد الجنود الأميركيين.

أميركا هزمت نفسها في كل تلك الدول الثلاث “التي كانت تسرح وتمرح فيها”، وحركة طالبان وتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية كانوا بواعث انهيارها.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

بصمة غزّية في بريطانيا

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت الحرب الإسرائيلية على غزة نفسها على …