الرئيسية / مقالات رأي / The New York Times: هل فقد جو بايدن شعبيته؟

The New York Times: هل فقد جو بايدن شعبيته؟

BY: Jamelle Bouie

الشرق اليوم – تكشف استطلاعات الرأي عن تراجع مستويات التأييد لأسلوب أداء الرئيس بايدن لمهام منصبه. وبحلول صباح الجمعة الماضي، بلغ معدل تأييده 45.8 في المائة، بينما رفض أداءه 48.5 في المائة – وذلك بعد أن كان مستوى تأييده 54 في المائة، ومستوى رفضه 41 في المائة في نهاية أول 100 يوم له في الرئاسة.

وثمة قائمة طويلة من الأسباب وراء ذلك، والتي لا تقتصر على أن الولايات المتحدة لا تزال في قبضة الوباء، وإنما كذلك بسبب المتحور «دلتا» من فيروس كورونا الذي أدى إلى تسجيل إصابات ووفيات قياسية في فلوريدا وتكساس وولايات أخرى ذات معدلات تطعيم منخفضة نسبيا (وحيث عارض المسؤولون إجراءات تخفيف التدابير الاحترازية).

في الوقت نفسه الذي سيطر فيه المتحور «دلتا»، واجه بايدن كذلك رد فعل عنيفاً للغاية من الصحافة وخصومه الحزبيين بسبب الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والذي بدأ بطريقة فوضوية مع انهيار الجيش الوطني الأفغاني، والتقدم اللاحق لجماعة «طالبان» وبالطبع التفجير الانتحاري في كابول الذي أودى بحياة 13 جندياً أميركياً.

ومع ذلك، سرعان ما تكيفت الإدارة مع الفوضى، وبحلول الوقت الذي غادر فيه آخر الجنود الأميركيين، كان الجيش الأميركي وحلفاؤه قد أجلوا نحو 124000 شخص، بما في ذلك الآلاف من المواطنين الأميركيين وعشرات الآلاف من المواطنين الأفغان. بجانب ذلك، وكما رأينا في تقرير الوظائف الأخير الصادر عن مكتب إحصاءات العمل، فإن الاقتصاد ينمو بمعدل أبطأ مما كان عليه في بداية الصيف.

وبالنظر إلى هذه الأمور مجتمعة، يصبح لدينا تفسير منطقي للغاية لتراجع رضا الرأي العام عن بايدن بدرجة بالغة مما كان عليه في بداية العام.

ومع ذلك، هناك ديناميكية أخرى فاعلة يجب وضعها في الاعتبار لدى صياغة توقعاتنا حول مدى شعبية بايدن ومستوى الشعبية الذي قد يبلغه في يوم من الأيام. ببساطة، لا نزال في حالة استقطاب شديد.

وتتمثل واحدة من أكثر النتائج تكراراً خلال العشرين عاماً الماضية فيما يتعلق بأبحاث الرأي العام، في أن كل رئيس جديد أكثر إثارة للانقسام من السابق. كان جورج دبليو بوش أكثر إثارة للانقسام عن بيل كلينتون، وكان باراك أوباما أكثر إثارة للخلاف عن بوش. وبالمثل، كان دونالد ترامب أكثر إثارة للانقسام عن أوباما. وقد ينتهي الأمر ببايدن إلى أن يصبح مثيراً للانقسام أكثر عن ترامب، على الأقل من حيث معدل التأييد تبعاً للانتماء الحزبي.

ويعكس هذا بعض الظروف، والبعض الآخر يعكس الأفراد، لكن يبقى في معظمه نتيجة الاستقطاب الحزبي والآيديولوجي..

ويعد هذا تغييراً كبيراً عن السبعينات والثمانينات، عندما كان الجمهور أقل استقطاباً، ويمكن أن تتأرجح الأرقام من بداية الثلاثينات (حتى العشرينات) إلى الستينات وما بعدها. جدير بالذكر هنا، أنه في ذروة شعبيته، في أعقاب حرب الخليج عام 1991، حصل جورج إتش. دبليو. بوش على نسبة تأييد بلغت 89 في المائة، بما في ذلك 82 في المائة بين الديمقراطيين و88 في المائة بين المستقلين. اليوم، تبدو هذه الأرقام غير ممكنة في البيئة السياسية الراهنة.

ويبدو تراجع شعبية بايدن جدير بالملاحظة، لكنه أمر متوقع في ضوء الظروف الهيكلية للسياسة الأميركية في القرن الحادي والعشرين. إلا أن هذا التراجع يتعارض مع الافتراض غير المعلن بأن الرئيس يجب أن تكون نسبة تأييده أعلى عن 50 في المائة. في واقع الأمر، يعد هذا الافتراض، كما لاحظ سام غولدمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن «مثال آخر على كيف أننا اعتمدنا فترة منتصف القرن العشرين الاستثنائية للغاية كخط أساس لنا – ويرجع ذلك إلى أنها لا تزال تصوغ رؤيتنا للحياة الطبيعية؛ ولأن هذا الوقت الذي بدأت فيه البيانات الموثوقة في الظهور».

وتشير «فترة منتصف القرن الاستثنائية للغاية» إلى السنوات ما بين نهاية الحرب العالمية الثانية وانتخاب ريتشارد نيكسون عام 1968، وتعتبر هذه الفترة مصدر الكثير من فهمنا المعياري للسياسة الأميركية، رغم حقيقة أن ظروف هذه الفترة من المستحيل تكرارها. وعندما يتوق السياسيون والمراقبون السياسيون إلى عصر الشراكة بين الحزبين، فإنهم يتوقون إلى الخمسينات والستينات (وإلى حد ما السبعينات).

إذا نظرنا إلى الوراء بعيداً إلى أواخر القرن التاسع عشر، مثلاً، ربما نجد حقبة، على الرغم من كل ما فيها من غرابة، أقرب إلى عصرنا من حيث شكل وبنية سياساتها وحدة الاستقطاب الحزبي والتنافس الوثيق في الانتخابات الوطنية والتراجع الديمقراطي والقلق العميق بشأن الهجرة والتغيير الديموغرافي.

اليوم، لا تتوافر لدينا بيانات استطلاع رأي تخص الرئيس غروفر كليفلاند، لكننا نعلم أنه فاز في انتخابات عام 1884 بأغلبية 37 صوتاً داخل المجمع الانتخابي ونصف في المائة في التصويت الشعبي الوطني. أما خليفته، بنيامين هاريسون، فقد خسر التصويت الشعبي بنسبة تقل قليلاً عن 1 في المائة وفاز داخل المجمع الانتخابي بـ65 صوتاً. وتشير هذه النتائج الضيقة، في اعتقادي، إلى ضيق مماثل في معدلات التأييد الرئاسي.

في نهاية المطاف، نجحت السياسة الأميركية في الفكاك من حالة الاستقطاب الشديد والانتخابات المتنازع عليها بشدة والتي سادت أواخر القرن الـ19. في الانتخابات الرئاسية لعام 1896، أصبح ويليام ماكينلي أول مرشح منذ عقود يفوز بأكثر عن 50 في المائة من الأصوات الشعبية، متفوقاً بذلك على خصمه الديمقراطي، ويليام جينينغز بريان، بنسبة 4.3 في المائة. وبعد اغتياله في العام التالي، فاز خليفته، ثيودور روزفلت، عام 1904 بأكبر هامش منذ إعادة انتخاب أبراهام لنكولن عام 1864.

والسؤال هنا: ما الذي تغير في السياسة الأميركية لتحقيق انتصارات وطنية أكثر حسماً؟ حسناً، هذه ليست قصة سعيدة، فقد أدت القيود المفروضة على حق الاقتراع على المهاجرين في الشمال، وصعود جيم كرو في الجنوب، ونجاح رأس المال في قمع التمرد العمالي وصياغة شروط التنافس السياسي إلى إزاحة ملايين الأميركيين من الناخبين بحلول مطلع القرن العشرين. وتركزت السلطة السياسية وتوطدت في طبقة برجوازية (في الغالب) يمثلها الحزب الجمهوري والذي، باستثناء انتصار وودرو ويلسون عامي 1912 و1916، استحوذ على البيت الأبيض من عام 1897 إلى عام 1933. وتطلب الأمر كارثة كبرى، الكساد الكبير، لتغيير هذا المشهد.

أما عن القوة التكتونية التي قد تكسر الجمود الحزبي والآيديولوجي الراهن؟ يستحيل الإجابة عن ذلك، ففي كثير من فترات التاريخ، تبدو الأمور مستقرة إلى أن تصبح فجأة غير كذلك.

ترجمة: الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

إسرائيل تجرّ أمريكا إلى العزلة أيضاً

بقلم: سميح صعب – النهار العربي الشرق اليوم- يؤكّد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية …