الرئيسية / مقالات رأي / الدفاع عن الديمقراطية

الدفاع عن الديمقراطية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – سيظل الدفاع عن الديمقراطية ودولة القانون هدفًا نبيلًا ومُقدَّرًا في كل زمان ومكان، ولكن الدفاع عن هذا الهدف يجب ألا يكون فقط في مواجهة النظم الاستبدادية والشمولية، إنما أيضًا في وجه القوى والتيارات التي تجعل اختيار الشمولية حلًا لدى كثير من الناس، بعد أن فاض بهم الكيل من أداء الأحزاب ومن مشروعات التمكين والهيمنة التي تمارسها تيارات الإسلام السياسي.

ما جرى في تونس كاشف لما يجري في كثير من البلاد العربية، فالرئيس قيس سعيد اتخذ قرارات استثنائية ستبقى مشروعة لو كانت مؤقتة (كما نتوقع) وفتحت الباب لتجديد النظام السياسي وإجراء استفتاء على تعديل الدستور والذهاب نحو النظام الرئاسي الديمقراطي.

من حق البعض أن يرفض قرارات الرئيس التونسي، ولكن عليه أيضًا أن يرفض مشهد الفشل وسوء الأداء والفساد الذي ساد قبلها، ودفع قطاعًا واسعًا من الشعب التونسي إلى أن يرفض الاستمرار في لعبة ديمقراطية لا تحقق أيًا من طموحاته في التنمية والعدالة.

وقد قرر رئيس الحكومة (المعفي من منصبه)، هشام المشيشي، إجراء تعديل وزاري دون الرجوع إلى الرئيس، أقال فيه وزير الداخلية المقرب من قيس سعيد، وهو ما اعترض عليه الأخير، ورفض استقبال الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية وظل الأمر معلقًا حتى اندلاع الأزمة الأخيرة وإعفاء «المشيشي» من منصبه.

وقد شغل تفكير أعضاء حركة النهضة ومعهم أطراف داخل النخبة البرلمانية الحاكمة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية بدلًا من مواجهة تداعيات جائحة كورونا، وسعوا لإصدار قانون يجعل الدعوة إلى الاستفتاء والانتخابات من صلاحيات رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية، وهو يقضي على ما تبقى من الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية، ويعني عمليًا التحول نحو النظام البرلماني رغم أن رئيس الجمهورية منتخب مباشرة من الشعب، بما يعنى أنه يجب أن يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة كما في النظم الرئاسية الديمقراطية.

وأقدم رئيس الحكومة السابق على إقالة وزير الصحة ليس بسبب عدم كفاءته أو فشله في مواجهة جائحة كورونا، إنما لمكايدة رئيس الجمهورية، وقال «إن وزير الصحة اتخذ قرارات شعبوية وإجرامية».

إذا كانت هناك نخبة حزبية وسياسية اختيرت بآليات ديمقراطية، ولكنها كانت نموذجًا للفشل الاقتصادي والسياسي والصحي، فإن ذلك يدفع قطاعات واسعة من الناس إلى «الكفر» بالديمقراطية والأحزاب، وأن يكونوا مُرحِّبين بمَن يتصورون أنه سيُخلصهم من هذا الفشل بإجراءاته الاستثنائية غير الديمقراطية.

يقينًا النظام غير الديمقراطي ليس حلًا، والنظم الاستبدادية أسوأ أنواع النظم السياسية، لكن الدفاع عن الديمقراطية يبدأ برفض المنظومة السياسية الفاشلة، التي تبدو ديمقراطية لأنها هي التي تفتح الباب أمام النظم الشمولية لكي تحكم بدعم قطاع مؤثر من الشعب.

يقينًا أمام الرئيس قيس سعيد فرصة حقيقية للنجاح؛ بتحويل إجراءاته الاستثنائية إلى خريطة طريق تجدد المنظومة السياسية برمتها، وتضع تونس على الطريق الصحيح.

شاهد أيضاً

الخطوط الخلفية في الحرب على غزة

بقلم: جمال الكشكي – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم– في تاريخ الحروب كثيراً ما تنشط …