الرئيسية / مقالات رأي / برلمان الجزائر

برلمان الجزائر

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم- جاء حزب جبهة التحرير في صدارة القوى السياسية الممثلة داخل البرلمان الجزائري، إذ حصل على 105 مقاعد من أصل 407، وجاء المستقلون في المرتبة الثانية وحصلوا على 78 مقعدًا، ثم حزب مجتمع السلم الإسلامي وحصل على 64 مقعدًا، وتوزعت باقي المقاعد على أحزاب صغيرة مختلفة، وبلغت نسبة المشاركة حوالي 23% ووصفها البعض بأنها الأدنى في تاريخ الجزائر.

والحقيقة أن ميزة هذه الانتخابات أنها كاشفة للمرحلة الحرجة التي تمر بها الجزائر منذ نجاح حراكها الشعبي في إجبار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على التنحي، والبدء في مسار سيأسي جديد بدأ بانتخاب رئيس مدني إصلاحي من داخل المنظومة القديمة (عبد المجيد تبون)، وهو في ذاته خطوة كبيرة على طريق بناء دولة القانون، واختلف عن مسار الثورة التونسية (يواجه تحديات أكبر من الجزائر) في رهانه على الإصلاح التدريجي من داخل النظام.

وقد دعا الرئيس الجزائري عقب انتخابه إلى استفتاء لتعديل الدستور، أجريَ في شهر نوفمبر من العام الماضي، ووافق عليه الشعب، وبنسبة مشاركة ضعيفة (بلغت أيضًا حوالي 23%)، ثم أجريت الانتخابات التشريعية التي حسنت من المشهد القديم دون أن تصلحه جذريا، كما يطالب الحراك الشعبي، وفي نفس الوقت حمى النهج الذى اختاره الرئيس الجزائري البلاد من السقوط في خطر الفوضى أو الديكتاتورية.

صحيح أن نسبة المشاركة في انتخابات البرلمان ضعيفة، إلا أن هذه النسبة حقيقية ولم تتلاعب بها السلطة التنفيذية، كما جرى في انتخابات سابقة.

والمؤكد أن المشهد السياسي الجزائري يقول إن هناك نسبة يعتد بها مؤمنة بالمسار السياسي الحالي، ونسبة أخرى لم تخرج عن السلبية المعتادة التي يعرفها كثير من البلاد العربية، والتي يرى فيها قطاع من الناس عدم جدوى المشاركة في أي استحقاق انتخابي لأنه لن يغير في واقعهم شيئًا، وأخيرًا هناك تيار ثالث دعا للمقاطعة وأسس موقفه على رؤية سياسية تطالب بإسقاط المنظومة القديمة وكل رموزها، ووضع دستور جديد، واعتمد هذا الفريق على الشارع والأداة الاحتجاجية للتعبير عن موقفه، ولم يهتم ببناء بديل حزبي وسياسي يزيد تأثيره مع الوقت، فطالما تمسك الجميع بدولة القانون ومسار الانتقال الديمقراطي والإصلاح التدريجي، فإن فرص «الإصلاح الآمن» بين قوى الحراك والقوى المحافظة تظل راجحة. خطورة استمرار الحراك كمجرد صوت احتجاجي لا يبنى بديلا سياسيا وحزبيا أنه لا يعكس فقط خلافًا بين ثوريين وإصلاحيين (وهو طبيعي)، إنما يضعف من قوة العملية السياسية برمتها لصالح الفوضى أو الفراغ الذي سيملؤه الجيش الشعبي الجزائري بعد كسر شوكة قوى التطرف الإسلامي.

خطت الجزائر خطوات على الطريق الصحيح، ومطلوب دمج مزيد من قوى الحراك المدنية في المسار السياسي الحالي، وبناء بدائل سياسية وحزبية تضاعف من فرص الإصلاح السياسي والاقتصادي.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …