الرئيسية / مقالات رأي / إدارة بايدن .. تحديات دولية

إدارة بايدن .. تحديات دولية

بقلم: د.طارق فهمي – صحيفة “الاتحاد” 

الشرق اليوم – على الرغم أنه لا يزال من المبكر الحكم على مواقف وتوجهات الإدارة الأميركية، إلا أن كل الشواهد الإقليمية والدولية تؤكد على أن الإدارة الأميركية ستواجه بتحديات وإشكاليات حقيقية في إقرار توجهاتها المعلنة، والتي دخلت في مساحات متعددة ومسارات مختلفة خاصة وأن الإدارة تريد أن تؤكد قيمها وفكرها بالنسبة للديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان، كمقاربات حقيقية في الطرح والتعامل مع استمرار التأكيد على دخولها في محاولات جديدة لتغيير سلوك الدول.
ولكن الإشكالية الحقيقية التي ستواجه الإدارة هي التعامل مع سياسات دول راسخة لا تسعى لعلاقات جيدة مع الإدارة الأميركية، أو على الأقل الحفاظ على شكل العلاقات القائمة، وهو ما ينطبق على دول مثل الصين وروسيا، بل ومع دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشير إلى أن الولايات المتحدة عليها إعادة ترتيب حساباتها وفق معايير مستجدة وليست نظرية، فكثيراً ما تباهت الإدارات المحافظة بأنها تملك رؤية أكثر وضوحاً وقيادة كاملة للعالم.
هناك فارق كبير بين رؤيتي بوش الابن للعالم ورؤية بايدن – التي تحاول أن تحاكيها- خاصة وأن الولايات المتحدة تحتاج في هذا التوقيت إلي إعادة ترتيب الحسابات أصلاً انطلاقاً من وجود تحديات حقيقية، وإعادة تعريف المصالح المحددة مع أقاليم ودول ترتبط بشراكة مع الولايات المتحدة. ولا يمكن لإدارة بايدن تفكيك هذه العلاقات أو تحجيمها في دوائر ضيقة، مثلما هو جاري في التعامل مع الملف الإيراني كمثال، والتصميم على إدارته من مقاربة ضيقة قد تستثمرها إيران لاحقاً.
ستواجه الإدارة الأميركية تحدياً روسياً مباشراً لن يكتفي فقط بالتعامل مع سياسات العقوبات، ولا بالتدخل في الشأن الروسي نتيجة لموقف أميركي مسبق بشأن التعامل مع المعارض الروسي السجين «أليكسي نافالني» فقط بل بالسياسات الروسية في القرم وآسيا الوسطى، وبالتالي إذا استمر التوجهات الأميركية في التصعيد، فإن الجانب الروسي سينطلق في أقاليم أخرى يسجل حضوره، وتقوية أوراق ضغطه السياسية والاستراتيجية سواء في سوريا وفي ليبيا، وفي النطاقات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، وفي المتوسط.
وبالتالي لن تجد ادارة بايدن نفسها في فضاء سياسي كبير تتحرك فيه كما تتوهم، وتملي عليه شروطها لبناء علاقات أميركية مع دول العالم، وليس روسيا فقط، بل مع الحلفاء، وهو ما ينطبق على الجانب الإسرائيلي الرافض للنهج الأميركي في التعامل مع الجانب الإيراني. وقد خلصت سلسلة الاتصالات الإسرائيلية الأميركية في مستواها الأمني بأن إسرائيل قد تلجأ لعمل انفرادي في التعامل مع الخطر الإيراني، وحسم الأمر في ظل تقييمات استخباراتية إسرائيلية نقلت للجانب الأميركي أن إسرائيل لن تقبل بوصول إيران للعتبة النووية.
وستواجه إدارة بايدن تحدياً صينياً حقيقياً لن يكتفي بإعادة تعريف المصالح المشتركة، أو ضبط توجهاتها الراهنة والمحتملة خاصة وأن إعادة تصويب الاتفاقيات المشتركة، وفك الارتباط الاقتصادي غير مطروح على الجانب الأميركي، ومن ثم فإن الإدارة ستعمل علي الاستعانة بالحلفاء الأوروبيين، وباليابان لمحاصرة التمدد الصيني، وهو أمر لن يحدث لاعتبارات التشابك الكبير للاقتصاد الصيني في العالم.
والرسالة البليغة أن إدارة بايدن ستخسر الكثير من مقومات التعامل مع دول كثيرة إنْ مضت في انتهاج سياسة من جانب واحد بصرف النظر عن قيمتها المطروحة، خاصة وأن ما تردده يحتاج إلى آليات تنفيذ، وتطبيق على أرض الواقع، وفي ظل تحديات متمثلة في إيران وحركة «طالبان» كمثال، وتمتد إلى الصين وروسيا حيث تتوسع الدول الكبري في نطاقاتها الإستراتيجية، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية مطالبة بإعادة تقييماتها، وجعلها أكثر واقعية مقارنة بما يجري من متغيرات إقليمية ودولية تتطلب سياسات أكثر توافقية وليست صدامية.

شاهد أيضاً

ماذا حصل دبلوماسيّاً حتى تدحرج الوضع مجدداً على الجبهة اللبنانيّة – الإسرائيليّة؟

بقلم: فارس خشان- النهار العربيالشرق اليوم– بين 15 آذار (مارس) الجاري و23 منه، انخفض مستوى …