الرئيسية / مقالات رأي / انقلاب ميانمار

انقلاب ميانمار

افتتاحية صحيفة الخليج

الشرق اليوم – فاجأ العسكر في ميانمار (بورما سابقاً) العالم بتنفيذ انقلاب ضد السلطة القائمة واعتقال قادتها، وفي مقدمتهم رئيس البلاد وين مينت، ورئيسة الحكومة أونج سان سو كي، وإعلان حالة الطوارئ لمدة عام، في خطوة اعتبرت مقدمة لتغيير النظام، الذي تصنفه الأمم المتحدة واحداً من أسوأ الأنظمة التي تمارس التطهير العرقي في العالم.

استيلاء الجيش على السلطة مؤشر على صراع داخلي في الدولة التي كانت تستعد لاجتماع للبرلمان، الذي جاء على وقع انتخابات تشريعية شهدتها البلاد في شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، وهي النتائج التي رفضها الجيش واعتبرت أحد الأسباب المعلنة من وراء الانقلاب، بعدما أكد أن الانتخابات كانت مزوّرة و”لم تحترم إرادة الشعب”، وتعهد بتسليم السلطة لمدنيين خلال عام بعد تنظيم انتخابات نزيهة، على حد تعبيره.

لم يكن قائد الجيش، مين أوج هلاينج، غريباً على السلطة، فقد كان قريباً منها ومن رئيسة الوزراء المعتقلة، وكانا على خط واحد في ارتكاب الكثير من الانتهاكات والجرائم ضد أقلية الروهينجا المسلمة في البلاد، وقد أدرجت الولايات المتحدة اسمه في قائمة المنتهكين.

طوال السنوات الماضية تجاهل العالم ما يحدث في ميانمار، حيث الاضطهاد الممارس ضد الروهينجا، الذي بدأ يأخذ أبعاداً مأساوية في كل يوم، فالقرارات التي اتخذتها حكومة رئيسة الوزراء المعتقلة كانت تؤكد عدم اكتراثها بالانتقادات والمناشدات الصادرة عن جهات إقليمية ودولية لمراعاة الجوانب الإنسانية في هذا الصراع، الذي حوّل حياة عشرات الآلاف من أبناء الروهينجا المسلمة إلى جحيم.

ارتكبت السلطات في ميانمار العديد من الأعمال البشعة التي لا تمت للإنسانية بأية صلة، فالتخلص من الناس هناك كان يتم عبر وسائل عدة، من بينها الإغراق في البحار والأنهار والرمي من شواهق الجبال والحرق والتعذيب عبر الضرب بالعصي والآلات الحادة بما يفضي إلى الموت، فيما تسببت عملية التهجير القسري التي كان يقوم بها الجيش النظامي، وعلى رأسه قائده الحالي، الذي تولى مقاليده في 2011، ضد الروهينجا بضوء أخضر من الحكومة، بتشريد الآلاف من الضحايا، ولا يزال هذا التشريد قائماً، ولم يتوقف.

ومع الأسف تحولت سياسة الاضطهاد ضد الروهينجا مع مرور الزمن إلى سلوك ممنهج، عجز العالم عن التصدي له، رغم ما يمتلكه من أدوات الإخضاع للأنظمة المستبدة كحال النظام في ميانمار، بل إن الأمم المتحدة اكتفت بالمطالبة بإصلاحات سياسية وقانونية لتفادي مثل هذه الانتهاكات.

انقلاب أمس لن يغير شيئاً من نهج السياسة القائمة في البلاد تجاه الأقلية المسلمة، فمن الواضح أن الجيش لا يختلف عن النظام المدني السابق، سوى أن قائد الانقلاب يحمل رتبة عسكرية، فيما رئيسة الوزراء المعتقلة، تحمل جائزة نوبل للسلام، لكنهما يلتقيان على هدف واحد، يتمثل في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تحت سمع وبصر العالم الذي يدّعي التحضر.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …