الرئيسية / مقالات رأي / هل تشهد القمة 41 انطلاقة جديدة لمجلس التعاون الخليجي؟

هل تشهد القمة 41 انطلاقة جديدة لمجلس التعاون الخليجي؟

بقلم: زياد الفيفي – اندبندنت عربية

الشرق اليوم- لا ضمانات بحل نهائي للخلافات حتى الآن، إلا أن الأخبار التي بدأت بالتدفق في الساعات الأخيرة قبيل انطلاق القمة توحي بأن القمة الخليجية الـ41 ستكون ليلة تتويج لجهود الوساطة بين أطراف المقاطعة وقلب الصفحة، إذ أن الخطوات الآتية من الرياض والدوحة مسنودة بالترتيبات التي تسبق القمة، توحي بأن فرص أن يحمل البيان الختامي إعلاناً مهماً أمر مرجح جداً.

وقد عزز الانطباعات الإيجابية، ما أعلنه وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصباح، أنه تم الاتفاق على فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر اعتبارا من مساء اليوم، الأمر الذي أكده الطرفان بشكل رسمي.

فتأجيل الدورة الحالية لاجتماع قادة التكتل الخليجي من ديسمبر (كانون الأول) إلى الخامس من يناير (كانون الثاني)، وعقدها في العلا (شمال غربي السعودية) عوضاً عن المنامة تخلق سياقاً يسعى لضمان تتويج الجهود، لتهيئة الظروف المناسبة لحلحلة الخلافات العالقة والتحديات المطروحة، وإعلان المناسبة المرتقبة يوماً للأخبار الكبيرة.

لكن في كلا الحالين، فإن أي تحريك للملف العالق منذ 2017 يثير آمالاً حول إمكانية أن تشهد الطاولة ذاتها تحريكاً لملفات أخرى عالقة، أقدم من أزمة المقاطعة الرباعية، لطالما سعى المجلس للدفع بها فوق عقبات الخلافات منذ أن تم إنشائه قبل أربعة عقود بوعود التقارب وأحلام الاتحاد.

العودة لميثاق التأسيس

لم تكن دعوات تعزيز التقارب وتطوير عمل التكتل حديثة وهي التي انطلقت منذ اليوم الأول لإنشائه، إذ تقول المادة الرابعة من ميثاق التأسيس إن أهداف مجلس التعاون الأساسية  تتمثل في “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها”، إلا أن مياه الأزمات لا تلبث أن تدفع بالهدف بعيداً في كل مرة.

كان آخر حضور لهذه المفردة في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2011، عندما دعا العاهل السعودي الراحل، عبدالله بن عبدالعزيز، القادة الخليجيين إلى التحول للاتحاد بدلاً من “التعاون” عبر المؤسسات الحالية. كانت الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة وبعض الدول التي وجهت لها الدعوة، دافعاً وراء إثارته في ذلك الوقت بالتحديد، إلا أن الظروف ذاتها التي خلقتها موجة الثورات العربية أسهمت في تعميق الخلاف بينهم والدفع بالفكرة بعيداً من جديد.

إلا أن ارتباط الفكرة بميثاق التأسيس يجعل من السعي خلفه قدراً للمجلس حتى تحققه، بخاصة أنه نجح في أخذ خطوات عملية في ملفات عدة تأتي ضمن الخطوات المنصوص عليها للوصول للاتحاد.

إذ حددت اللائحة 6 مجالات رئيسية يعد تجاوزها تحقيقاً لشكل الاتحاد الذي طمح إليه الآباء المؤسسون، وهي الشؤون الاقتصادية والمالية، والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات، والشؤون التعليمية، والصحية والاجتماعية، والإعلامية والسياحية، والتشريعية والإدارية.

العملة أولاً

إلا أن أمراً آخر طوحت به الخلافات كان شرطاً قبل الوصول للوحدة، الاتحاد النقدي الذي عد خطوة لازمة لتمام عملية الاتحاد الجيوسياسي بين السداسي، فعلى الرغم من البداية المشجعة للملف الذي طرح بشكل جدي أول مرة في الدورة الـ22 في مسقط 2001، عندما أقرّ المجلس الأعلى لمجلس التعاون البرنامج الزمني لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة والقاضي بتطبيق الدولار مثبتاً مشتركاً لعملات دوله قبل نهاية عام 2002، الأمر الذي نجحت فعلاً في تحقيقه قبل نهاية العام.

وفي قمة أبوظبي 2005 اتفقت اللجنة المعنية بإتمام العملية على مهام السلطة النقدية المشتركة في ظل قيام الاتحاد النقدي وأن تكون هذه السلطة مستقلة في قراراتها، وأن تبدأ على شكل مجلس نقدي يتحول إلى بنك مركزي خليجي، لتبدأ المشكلات بعد ذلك.

إذ علقت عدد من الدول سعيها في هذا المسار لخلافات متعلقة بمقر البنك كما هي الحال مع الإمارات، في حين أبدت مسقط تحفظاً حول البرنامج الزمني للاتحاد النقدي وإصدار العملة الخليجية الموحدة لتعلن عدم استمرارها على رغم عدم ممانعتها في الوقت ذاته من استمرار بقية الدول الأعضاء في المشروع دونها.

لتلحق بهم الكويت التي بدلت موقفها في 2007 من المثبت المشترك للعملة “الدولار”، واستبدلته بالارتباط بسلة من العملات، ليبقى الملف عالقاً منذ ذلك الوقت بلا حراك حتى بدأت مشاريع بديلة تظهر على السطح بشكل ثنائي كالتي أعلن عنها بين السعودية والإمارات تحت مسمى “عابر” كعملة رقمية مشتركة يجري العمل عليها.

هيئة تسوية النزاعات

أحد الملفات التي يمكن أن تحركها المياه هي هيئة تسوية النزاعات، فبحسب النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي المكون من 22 مادة أهداف إنشاء المجلس، فقد شرّع النظام لثلاثة كيانات تشكّل المنظمة الإقليمية، فبجوار المجلس الوزاري والأمانة العامة، يوجد ما يسمى بـ “المجلس الأعلى” الذي تتبعه “هيئة تسوية المنازعات”.

وبحسب المادة العاشرة من النظام فإنه يكون للمجلس الأعلى تشكيل هيئة لتسوية النزاعات بين دوله في كل حالة على حدة بحسب طبيعة الخلاف، ترفع إليه تقريراً يتضمن توصيات أو فتاوى لاتخاذ ما يراه مناسباً.

هذا المسار كان مطروحاً من قبل متابعين طيلة فترة الأزمة، كأحد السبل المتاحة للتقريب بين تحفظات دول المقاطعة ومخاوف قطر من أن تؤدي الاستجابة لها إلى تنازلها عن جوانب سيادية، بحسب تصريحات رسمية.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، على الأقل من وجهة نظر الدكتور غازي الحمود، المتخصص في القانون الدستوري، إذ يقول “وفقاً للمادة العاشرة من النظام الأساسي لاتحاد مجلس التعاون الخليجي، فإن فرصة تعطيل عمل اللجنة وارد، والسبب أن القانون يحدد عمل اللجنة في إطار حل الخلافات الناجمة عن تفسير أو تطبيق النظام الأساسي التي يفشل المجلس الوزاري أو المجلس الأعلى في تسويتها، إذا ما افترضنا قبول المجلس تشكيل لجنة نزاعات”، ويضيف حول الثغرة في المادة “وبناءً على ذلك فلا يمكن إحالة الخلاف الخليجي بشكل كامل إلى لجنة فض منازعات تتأسس وفقاً لهذه الفقرة لأنه ليس خلافاً حول نظام المجالس بل حول السياسات الثنائية بين الدول”.

وأضاف الحمود “الجانب الذي يمكن أن تتولى أمره لجنة كهذه في هذا الملف، هو الخلاف حول مدى مشروعية الإجراءات المتخذة من قبل الدولة المقاطعة تجاه قطر”، حول من يراها لا تتوافق مع شكل العلاقات التي ينظمها المجلس وبين من يراها “ممارسة سيادية في قطع علاقات مضرة”.

ويرى القانوني الكويتي أن تفعيل دور الهيئة يتطلب إصلاحاً يطال تشريعات انعقادها وصلاحياتها “بناءً على ما قلناه سابقاً عن محدودية قدرتها على لعب دور يسهم في احتواء النزاعات داخل المؤسسة الخليجية، فالواجب النظر في تطوير أنظمتها بحيث تصبح ذات صلاحية في فض النزاعات التي تتجاوز الخلافات على النظام الأساسي وفق حاجة المجلس وخلافاته المستحدثة”، فالحدود التي وضعها كاتبو الدستور الخليجي في ظروف أقل توتراً مما هي عليه الآن لم تعد قادرة على التماشي مع التهديد الوجودي المتبادل بينهم، بحسب الحمود.

حد أدنى من التوافق

لكن وعلى الرغم من كل الأزمات التي ضربته، كان آخرها أشدها، إلا أن هذا الكيان يبدو أنه الأكثر قدرة في المنطقة على الانحناء أمام العواصف.

فبغض النظر عما سيرشح عن قمة العلا، إلا أن المجلس نجح في تجاوز المرحلة الأصعب من دون أن يخسر نفسه أو أحد أعضائه إلى حين الوصول لمرحلة التهدئة وخفض التراشق.

وفرص أن تشهد القرية الواقعة شمال غربي السعودية خطوة كبيرة باتجاه الصلح عالية جداً، فالظروف التي صاحبت أسباب ولادته تطل برأسها من جديد، بحسب ما يراه منيف الملافخ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود، “صاحبت إنشاء المجلس ظروف طارئة مثل الثورة الإيرانية، هذا التهديد على رغم تفاوت تقديره بين الدول الأعضاء إلا أنه خلق في حينها رغبة حقيقية في التوافق”.

وهو السبب ذاته الذي يجعل من المصالحة ضرورة في الفترة الحالية، بحسب الملافخ “التعامل مع الحكومة الأميركية الجديدة يتطلب رؤية خليجية مشتركة”، وسبب هذه الحاجة هي “ملف إيران النووي الذي من الوارد جداً إعادة فتحه من قبل السلطة الجديدة في واشنطن، لن يكون التعامل معه كما هي الحال في السابق، إذ ستكون لدول الخليج مشاركة فيه كما ورد في تصريحات للرئيس المنتخب”، وهو ما يتطلب حداً أدنى من التفاهم بين عواصم غرب الخليج في مواجهة الدولة المتربعة على شرقه.

شاهد أيضاً

إنصاف «الأونروا»

بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج الشرق اليوم- لم تكن براءة وكالة الأمم المتحدة لغوث …