الرئيسية / مقالات رأي / لبنان 2021: الآتي أعظم!

لبنان 2021: الآتي أعظم!

بقلم: سابين عويس – النهار العربي 

الشرق اليوم – إذا كانت جائحة كورونا التي أصابت العالم بضررها قد أدت الى شل الاقتصادات العربية والدولية وتراجع النمو وفرص العمل والاستثمار، فكيف في بلد صغير مثل لبنان، تتآكله الصراعات السياسية والطائفية، وينهشه الفساد والزبائنية ومنطق المحاصصة على حساب المصلحة العامة؟

أقل ما يقال في توصيف العام المشرف على الانقضاء، أنه كان عام الانهيار والسقوط على كل المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، في ظل غياب الإصلاحات الكفيلة بإخراج البلاد من كبوتها، وغياب سلطة سياسية فاعلة قادرة على اتخاذ الإجراءات المطلوبة، وعزلة عربية معطوفة على ضغط غربي وأميركي تحديداً. لكن، مع كل الارتدادات السلبية التي طبعت هذا العام، ستبقى نتائجه وتداعياته أقل مما هو مرتقب في السنة الجديدة التي ستطل برأسها بعد أيام قليلة، محفوفة بالمخاطر والتحديات والاستحقاقات التي يعجز اللبنانيون عن تحمل وزرها. 

إنه عام الارتطام بالأرض بعد السقوط المتسارع الذي شهده عام 2020. لم يعد الوضع محصوراً بإدارة أزمة كما كان حاصلاً على مدى الأشهر الماضية، وتحديداً منذ انفجارها في السابع عشر من تشرين الأول / أكتوبر 2019. ذلك أن ما بات يحتاجه البلد يتجاوز الإدارة اللازمة ليبلغ حد مواجهتها، علماً أن أياً من المؤشرات والمعطيات المتوافرة لا تشي بأن السنة الجديدة ستكون سنة الحل والتسوية، بل سنة الانتظار مع كل ما يرتّبه ذلك من كلفة باهظة لا يملك لبنان ترف التلهي بها. 

فالآمال المعقودة على قيام حكومة جديدة من خارج المنظومة السياسية الحاكمة، تنفيذاً للمبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، اضمحلت تحت وطأة المناكفات الداخلية وعملية تقاذف المسؤولية بين أركان الحكم التي عكست جلياً عدم رغبة أي فريق في تشكيل الحكومة، وكلٌ بسبب حساباته الخاصة المرتبطة بأجندات خارجية. فالفريق الحاكم بقيادة “حزب الله” يراهن على الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن، وسط توقعات بأن يحمل استئناف التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران تسوية تشمل نفوذ الحزب في لبنان. 

الرهان عينه لدى الفريق المقابل على توقع استمرار سياسة بايدن على خطى السياسة الترامبية في ما يتعلق بالنووي والعقوبات، وإن بنِسَب متفاوتة وبنهج أقل تشدداً. 

أما في الوقت الضائع الفاصل عن وصول ملف المنطقة، ولبنان من ضمنها، الى جدول أولويات الرئيس الأميركي الجديد، والوقت لا يقل عن بضعة أشهر، فإن لبنان سيكون في عين العاصفة الاقتصادية والاجتماعية مع نفاد الاحتياطات الأجنبية الكفيلة باستمرار برامج الدعم للسلع الغذائية والمواد الحيوية الأساسية الأخرى، مثل المحروقات والطحين والأدوية لدى المصرف المركزي. ما سيؤدي إلى تفلّت سعر صرف العملة الوطنية وتدهورها أمام الدولار الأميركي. 

أخطر المؤشرات التي يواجهها لبنان في ظل اقتصاد منكمش بمعدل فاق 25 في المئة (سلبي)، أن البطالة بلغت مستويات غير مسبوقة فاقت 35 في المئة، بعدما فقد ثلث القوى العاملة عمله ودخل في حلقة البطالة، وسط غياب أي آفاق لنشاط اقتصادي أو استثماري يولّد فرص عمل جديدة. 

أما على المستوى الاجتماعي، فمع تجاوز نسبة الفقر 55 في المئة لدى الشعب اللبناني، فإن المجتمع تحوّل الى مجتمع فقير مع تفاوت كبير في الهوة الاجتماعية بين طبقة ميسورة جداً وأخرى مهدمة، وغياب الطبقة الوسطى التي طالما شكلت صِمَام الأمان المجتمعي في لبنان. 

وفيما لا تشي المعلومات المتوافرة باحتمال حصول خرق على الجبهة الحكومية، بما يذلل العقبات من أمام تشكيل حكومة جديدة، في ظل استمرار التصلب بالمواقف حيال المطالب المتصلة بالتشكيلة الوزارية، فإن كل التوقعات الاقتصادية حيال السنة الجديدة يشوبها الغموض والتشاؤم مع استمرار غياب الدعم المالي الخارجي وإقرار البرنامج المرتقب مع صندوق النقد الدولي. 

شاهد أيضاً

رهان أمريكا على الهدنة

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت غزة نفسها بقوة على صانع القرار …