الرئيسية / مقالات رأي / لقاح كورونا: صراع السياسة والمال

لقاح كورونا: صراع السياسة والمال

بقلم: السيد زهره – أخبار الخليج البحرينية

الشرق اليوم– منذ بدأ وباء كورونا في الانتشار في العالم بكل ما صاحب ذلك من معاناة وآلام على كل المستويات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في كل دول العالم، اصبح التوصل إلى لقاح هو أمل البشرية.

ومنذ اللحظة الأولى لانتشار الوباء بدأ سباق الشركات الكبرى في مختلف دول العالم على انتاج اللقاح.

منذ البداية تم تسييس اللقاح، وتحول فورا إلى أداة كبرى من أدوات الصراع السياسي والمالي.

 تسيس اللقاح تم على مستويات عدة. أولها على المستوى الدولي، وتحديدا على مستوى صراع القوى العالمية الكبرى على النفوذ والمكانة في العالم.

الدول الكبرى دخلت في سباق محموم على انتاج اللقاح لإثبات مكانتها وريادتها العالمية، حتى ان البعض استخدم تعبير «دبلوماسية اللقاح» في هذا السياق. وكان ملفتا مثلا ان تحرص روسيا عل إعلان انها أول دولة انتجت لقاحا، وأطلقت عليه اسم «سبوتنيك في» في إشارة إلى القمر الصناعي السوفيتي وأول قمر صناعي يسبح في الفضاء، في عام 1957 ودشن تفوق روسيا في السباق الفضائي اثناء الحرب الباردة.

وبالتوازي مع ذلك اندلع بالطبع صراع عنيف بين الشركات الكبرى على انتاج اللقاح وتحقيق الأسبقية. والأمر كما نعلم يتعلق هنا بأرباح خيالية تتوقع هذه الشركات تحقيقها. هذا غير ان هذه الشركات هي أيضا رمز لقوة وجدارة الدول التي تنتمي اليها على صعيد الصراع العالمي.

وفي اطار الصراع بين الشركات وجدنا سباقا على من يعلن التوصل للقاح أولا، وعلى نسب فعاليته.. وهكذا.

وكما نعلم، تم تسييس قضية اللقاح في الصراع الداخلي في عديد من دول العالم الكبرى. والمثال الأكثر بروزا هنا هو ما حدث في أمريكا.

قبل اجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية اتهم الرئيس ترامب صراحة شركات الأدوية الكبرى بالتآمر عليه بتعمد تأجيل إعلان التقدم في انتاج اللقاح كي تحرمه من ورقة انتخابية يمكن ان يستخدمها. وأعاد نفس الاتهام بعد الانتخابات حين تم الإعلان عن النجاح في انتاج اللقاح بعد أيام قليلة من الانتخابات وهو ما اعتبره تأكيدا لما قاله سابقا. بالمقابل اتهم البعض ترامب نفسه بتعمد تسييس قضية اللقاح لأغراض شخصية.

ومن أكبر الجوانب السياسية التي ارتبطت باللقاح ما يتعلق بعدالة توزيعه.

هذه القضية أثيرت على نطاق عالمي واسع، اثارتها كثير من الدول والمنظمات الدولية المعنية. القضية تعلقت أولا، بهل سيكون توزيع اللقاح عادلا على الصعيد العالمي أم لا. بمعنى هل ستحصل الدول الفقيرة في العالم بالذات على حصة عادلة من اللقاح أم ان الأولوية ستكون للدول الكبرى؟. والجانب الثاني يتعلق بسعر اللقاح، وهل سيكون في متناول الدول الفقيرة وفي حدود امكانياتها المحدودة أم لا؟.

كل هذه الجوانب لتسييس لقاحات كورونا على هذا النحو ليست أمرا غريبا ولا تثير في حد ذاتها مشكلة. هذا أمر طبيعي في الحقيقة.

المشكلة ان هذا التسييس من شأنه ان يقلل من ثقة الناس في كل الدول في مدى فعالية اللقاحات وما إذا كانت آمنة أم لا، وبالتالي ما إذا كان عليهم ان يتلقوا اللقاح أصلا أم لا. وبالفعل، كثيرون جدا في العالم عبروا عن هذا.

الخوف هنا يتمثل في ان هذا الصراع على اسبقية انتاج اللقاح والسرعة الشديدة في انتاجه بالفعل واجازته جعلت الكثيرين يتساءلون عما اذ كان هذا قد حدث على حساب فعاليته. جرت العادة على ان انتاج اللقاحات امر يستغرق سنوات، لكن في حالة لقاحات كورونا استغرق الأمر بضعة اشهر فقط.

وصل الأمر مثلا إلى حد ان حاكم ولاية نيويورك أعلن ان سلطات الولاية سوف تجري اختباراتها الخاصة على اي لقاح يتم اعتماده فيدراليا بسبب تسييس القضية وللتأكد من فعاليته فعلا.

بطبيعة الحال، أي شركة كبرى تعلن التوصل إلى لقاح وتنتجه ويتم اعتماده بعد ان يمر بكل مراحل الاختبارات العلمية المتعارف عليها لا بد ان تكون متأكدة من فعاليته ومن أنه آمن، ولن تجازف أي شركة بسمعتها ومكانتها العالمية.

ومع هذا، يتحمل الخبراء والمختصون اليوم مسؤولية كبرى. هم مطالبون بأن يخاطبوا الرأي العام في كل الدول كي يقنعوا الناس بفعالية اللقاحات وبأنها آمنة ولا يوجد ما يدعو للخوف من تلقيها.

هذا أمر له أهمية كبرى لتبديد عدم الثقة الواسع لدى الكثيرين في العالم اليوم.

شاهد أيضاً

بصمة غزّية في بريطانيا

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج الشرق اليوم- فرضت الحرب الإسرائيلية على غزة نفسها على …