الرئيسية / الرئيسية / التجربة السنغافورية مثالاً

التجربة السنغافورية مثالاً

بقلم: زيد نجم الدين

الشرق اليوم- تَفرض السلطة السنغافورية على مواطنيها أن لا يتجاور أكثر من ثلاث عوائل من عرق واحد في الزقاق الواحد دون أن يكون رابعهم من عرق مختلف، ربما يتفاجئ القارئ عند قراءته لهذه المعلومة وربما يصنفها البعض على أنها تقييد للحرية و تقاطع مع الديمقراطية وحرية الفرد.

لكن يرى مؤسس سنغافورة الحديثة لي كوان يو، أن الشعب السنغافوري (المكون من 3 أعراق رئيسية وهم ماليين وصينيين وهنود) يحتاج إلى تدريب على الاختلاف والتنوع والاختلاط في إطار مشترك، الوطن الواحد؛ من أجل ولادة أمة سنغافورية عابرة للعرق والدين، لذلك اتخذ مؤسس سنغافورة قرارات جريئة تمنع التكتل والاصطفاف الطائفي و تفرض التنوع في كل مرافق الحياة سواء في السكن و المدرسة والوظيفة ، ونتيجة لتلك الاجراءات الجريئة في مكافحة السلوك العنصري ، نجح لي كوان في بناء الامة السنغافورية داخل الفرد السنغافوري و خصوصا لدى الجيل السنغافوري الحديث، حتى فاق هذا الانتماء كل الانتماءات الاخرى في وجدان الفرد السنغافوري.

في الحديث عن العراق، أقول إن العراق دولة قائمه لها تأريخها و تراثها المشرف، فالانتماء للعراق لا يجلب الحرج لأهله كما هو في الدول حديثة التأسيس أو المستقلة نتيجة للصراعات العنصرية.

لكن ما عانى منه العراق أن السلطات المتعاقبة على حكم العراق دأبت على طمس الانتماء الاممي العراقي من خلال ممارسات وسلوكيات رسخت بعض ملامح التعنصر و التخندق الطائفي، و رغم ذلك بقيت الامة العراقية فطرية الوجود ترمم ذاتها بذاتها مستعينة بعراقتها وتأريخها المشرف في ضل إهمال السلطات الحاكمة.

و هنا اود أن أقول إن الأمم تصنع بطريقتين؛ إما الحكومة تصنع الأمه كما في سنغافورة، أو الأمة هي من تصنع الدولة كما فعلت الامة الألمانية بحادثة تحطيم جدار برلين و اجبار الحكومتين على الخضوع لإرادة الشعب في توحد الالمانيتين في نهاية عام 1989.

لذلك تتطلب المرحلة القادمة اجراءات حكومية جريئة لردم الفجوات المصطنعة بين فئات الشعب و ملاحقة اصحاب السلوك الغير منضبط وطنيا ، وأجرئ من ذلك ، على الدولة العراقية ان تعمل على بلورة نواة الأمه العراقية البعيدة عن الخندق الطائفي و يطبق ذلك في كل مرافق الحياة سواء في السكن او مكان التوظيف او الجامعات ، فلا بد من اعادة التداخل الديموغرافي بين الوان الشعب الواحد ، و على البرلمان ان يأخذ دوره من خلال سن و اقرار سلسلة تشريعات تصب في هذا المورد لا سيما ان حركات الاحتجاج الأخيرة بينت وجود رغبة كبيره لدى ابناء الشعب لولادة تلك الامة.

شاهد أيضاً

كيسنجر يطارد بلينكن

بقلم: غسان شربل – صحيفة الشرق الأوسط الشرق اليوم- ذهب أنتوني بلينكن إلى جامعة هارفارد. …