الرئيسية / الرئيسية / الدولة العميقة في العراق

الدولة العميقة في العراق

بقلم: محسن الشمري

الشرق اليوم- الدولة العميقة كيان موجود منذ زمن بعيد في أكثر من دولة في العالم وفي دول المنطقة ويتكون من أربع مستويات غايتها تقويض الدولة الحقيقية (التعددية المدنية) وتمييع مؤسساتها وجعل المال العام سائب ليتم توجيهه حيث تشاء دائرة القرار(المستوى الأول) في الدولة العميقة التي بدأت ملامحها تظهر مع احتلال العراق 2003 حتى اكتملت مستوياتها الأربعة في 2007 وبعد عرض هياكلها وبرامجها وفعاليتها يستطيع أي مواطن عراقي معرفة مكانه ومساحته في الدولة العميقة وموقفه منها على مدى السنوات الماضية وفي الحاضر والمستقبل.

يتم تنفيذ برامج دائرة القرار في الدولة العميقة من خلال مكاتب اقليمية(المستوى الثاني) في دول شمولية تلتقي مصالحها مع مصالح دائرة القرار وتقوم المكاتب الاقليمية باستخدام مافيات محلية (المستوى الثالث) تدربها وتشرف عليها مافيات متمرسة ومعروفة دوليا فتقوم المافيات المحلية باختيلر وزرع ادواتها(المستوى الرابع) على اساس الولاء المطلق في اركان السلطة الاربعة(البرلمان والقضاء والحكومة والأعلام) ليكون فريق المستوى الرابع عبارة عن خط التماس الاول لتنفيذ وحماية والدفاع عن منهج دائرة القرار في الدولة العميقة التي استفادت  من:

1-الفقر الناتج عن الحصار قبل 2003.

2-النقمة الناتجة عن ظلم النظام الشمولي قبل 2003.

3-الجهل الواسع  في مفهوم الدولة الذي ابتلعته الانظمة السابقة.

4-الاندفاع العاطفي الديني والمذهبي والقومي.

5-الفراغ الهائل بسبب الانهيار السريع للنظام السابق.

6-الجهل المركب لدى اغلب المتصدين في ادارة الدولة.

7-الانانية المفرطة وحرصهم وتسابقهم على بناء امجاد شخصية على حساب الانسان والوطن والمعتقد.

8-مرارة الكثيرين ممن فقدوا السلطة والامتيازات والاستثناءات في النظام السابق من عائلة صدام وأجهزته ومن حزب البعث وممن يدور في فلكهم.

ان الملايين ممن ذكروا في الفئات الثمانية اعلاه؛كانوا ادوات ميدانية لتنفيذ برامج دائرة القرار صاحبة الفكر والمنهج الشمولي البديل للنظام الشمولي السابق ليتحول كل العراقيين الى وقود وارض وادي الرافدين الى محرقة لشعب كبيرة ينتشر  فيها القتل على الرأي والهوية والمال والمنصب.

تخضع المناصب العليا في الدولة وقرارت(المستوى الرابع وخط الصد الاول) لارادة الدولة العميقة والتي تقوم بتنفيذ وتبويب اراداة الدولة العميقة وفق القانون وبمستندات رسمية فلا تخلو أي مؤسسة رسمية اوشبه رسمية من عمليات غسيل اموال لصالح المستويات(الاول والثاني والثالث) ويكون توزيع النسب بين المستويات (الاول%70-80) و (الثاني10-20%) و (الثالث5-10%) و (الرابع1-5%).

الطبقة الحاكمة المتغانمة دخلت بارادتها تحت مسميات ومنطلقات متعددة وغير متطابقة فوجدت نفسها امام الغام وكمائن وشراك منصوبة فلا مفر من لغم او شبك او اصطياد من قبل المستويات(الاول والثاني) من مستويات الدولة العميقة ومنذ حوالي عشر سنوات تعيش حالة العزة بالاثم.

المال والسلاح والاعلام وشل المؤسسات الرقابية(التشريعية والتنفيذية والقضائية) ادوات العمل لحماية نفوذ الطبقة الحاكمة المتغانمة  التي ادركت مؤخرا وبعد فوات الاوات انها واجهة لمافيات محلية لها عمق اقليمي وادراكها المتاخر لم يرفع الغشاوة عنهم بسبب الخوف من التصفية ووجود بطانة وبسبب النفوذ في المؤسسات الرسمية والامتيازات والاموال والممتلكات الضخمة.

الطبقة الحاكمة مازالت تعتقد بانها تسير بالاتجاه الصحيح من خلال مسكها الارض في مؤسسات الدولة الدستورية(البرلمان والحكومة) رغم عزلتها وتراجعها  امام المد الشعبي الذي اجبر المجتمع الدولي على تبني مطالبه المشروعة في استعادة دولته المغيبة وتصحيح المسار الذي بدا بالانحراف منذ عقود.

لا ديقراطية ولا حاضر ولا مستقبل الا بعد انهاء نفوذ الدولة العميقة وتفكيك مستوياتها الأربعة باستخدام صلاحيات رئيس مجلس اﻻمن الوطني(رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة)والتي رفض او عطل استخدامها الرؤوساء السابقين اما لانهم جزء من الدولة العميقة او خاضعين لها او جاهلين بها وبامتدادتها أو إنهم  لا يملكون الشجاعة لمواجهتهما كما صرح اثنين منهم بشكل مباشر خلال فترات مختلفة واعترف غيرهما بفشله علنا(صدقا او نفاقا) في مواجهة الدولة العميقة.

شاهد أيضاً

ماذا حقق “حزب الله” من التضحيّة بمقاتليه وبجنوب لبنان؟

بقلم: فارس خشان- النهار العربيالشرق اليوم– فَصَلَ “حزب الله” الجنوب عن لبنان. لم تعد هموم …