الرئيسية / أخبار العراق / “العراق_نريد_وطن” يناقش آفة الفساد في العراق

“العراق_نريد_وطن” يناقش آفة الفساد في العراق

الشرق اليوم- ناقش أعضاء مجموعة “العراق_نريد_وطن”، مشكلة تعد من أهم المشكلات التي تواجه المجتمع العراقي، وربما تعد هي العمود الفقري لوضع العراق الصعب، وهي “تفشي الفساد”، حيث بدأ النقاش بقول رئيس المجموعة المستقلة للبحوث، منقذ داغر، إن مجموع الدخل النقدي للعراق من 2003 إلى الآن بلغ تريليون دولار، اعتماداً على ارقام رسمية موثقة، ليعلق الصحفي علي نبهان بسؤاله كم من المليارات من هذا الرقم ذهبت على مشاريع وهمية؟ ليكون جواب داغر؛ إن تقديرات لجنة النزاهة في البرلمان العراقي -الدورة السابقة- تقول إن الهدر يقدر بـ 300 مليار دولار، وهناك تقديرات دولية ترجح الهدر ما بين 500-700 مليار دولار وباختصار يعتبر هذا الرقم أشبه بالـ “كارثة”.

ليوجه علي نبهان، سؤالاً لكل أعضاء المجموعة: ما هي الخطوات الواجب اتخاذها واقعيا وعمليا لإنهاء الفساد في العراق؟

يعلق عمار كهية بقوله، إن سرقة المال العام موجودة في أغلب دول العالم، ولكن هنالك تفاوت بالنسب، وكل ما زاد التطور علمياً في بلد ما، كلما قلت فيه نسب الفساد، ولكن الكارثة ليس بالرشوة والفساد، ولكن بتهريب المسروق خارج العراق، فمجموع المبالغ المسروقة لو استغلها “الحرامية” بمشاريع سياحية وصناعية وزراعية، لأصبح العراق أجمل من تركيا ولبنان ودبي، والحل هو اعتماد التكنولوجيا في إدارة شؤون البلاد، وتقليل حلقات اتخاذ القرار.

وبهذا الخصوص، يروِ بهلول الكاظمي، قصة حدثت معه، حيث يقول، كنت مع أكثر من 40 مراجع على شباك “كدير ضريبة كربلاء”، ولما صاح أحدهم قائلاً “نحن بشر ماكو واحد يحس بينه، أريد اشوفه للمدير، أنا مواطن”، ولم يكمل حديثه حتى قبض عليه اثنين من الشرطة، واصفاً المشهد بأنه مشهد عصابات، ليعلق نبهان على الموضوع بقوله: “هذا الطبيعي أستاذي لأن مدير المكان x أو z، من يطلع يريد يشوف مشاكل المواطنين، ترافقه الحماية والناس تشبع دفع وإهانة حتى تگدر توصل لجناب السلطان وتشتكي وهم ماكو فايدة، ومحاربة الفساد ليست صعبة، إذا استنسخنا تجربة مهاتير محمد في ماليزيا، وكيف اعتقل كل الفاسدين ووضعهم في السجون وأعاد الأموال المهدورة”.

ويرى عزام القاسم، أن سماح المواطن لان يتم استغلاله، مع وجود منافذ للشكوى فهو شريك بالفساد، مضيفا أن الخطوات التالية تحد من الفساد بشكل ما: بداية من التوعية والتنبيه بخطورته مستقبلاً على المجتمع، وتذليل الروتين أو الأسباب التي تكون ثغرات يستغلها الفاسد، وبنفس الوقت تجبر المواطن على التهاون في سلوك مسلكه، والمحاسبة بأقسى العقوبات، وتوزيع الصلاحيات، وإعطاء نسبة لمن يبلغ عن الفساد، والحفاظ على هوية وسرية من يُبلّغ، وبالتأكيد تفعيل مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب.

ويرى عبد الكريم، أنه علينا بداية تعريف الفساد، فمتى ما تمكنا من وصف الفساد وآلياته يصبح من السهل تشخيصه ومراقبته ومحاربته، يرد عليه جون إسكندر، بأن تعريف الفساد، هو تقديم المصالح الشخصية على مصلحة العراق أو الدولة، وهنا بداية الخيانة، من ولاء للأحزاب أو للمليشيات التي تحمل السلاح، وهناك من يحب أن يرتبط بهم؛ ليرضي غروره، والمصلحة الشخصية التي تبدأ بالرشوة وإضاعة الوقت وتأخير مصالح الأخرين! مضيفا أن هناك عدة أشكال للفساد فهناك فساد سياسي وعسكري واجتماعي واقتصادي وجغرافي، ويعتقد نبهان أن بالعراق فساد اجتماعي وسياسي موروث من حقبة ما قبل 2003، ويؤيده إسكندر بقوله “صحيح وأعمق من ذلك الفساد الديني”.

ليعود عبد الكريم معلقا بقوله: مع جل احترامي للجميع.. يخطئ من يعتقد أن لا سياقات في إدارة الدولة العراقية، وهي سياقات صارمة جداً، وفيها توصيف دقيق لكل الفعاليات التي تكون الحكومة طرفا فيها، ومثال ذلك، عندما تسود القوانين والتعليمات الحكومية وتبرز للجميع، أقصد بالجميع أي أصحاب القرار والموظفين التنفيذيين والأجهزة الرقابية ومنظمات المجتمع المدني الرقابية.

كأننا بذلك مثلا نوصف الخط السريع الواصل إلى غرب العراق.. مازالت السيارات تسلك الطريق وفق المسارب والسرعات المحددة؛ إذن نحن ضمن الأطر النظامية، ولكن عندما تخرج إحدى السيارات من الخط السريع وتدخل من جانب الطريق إلى الصحراء المحاذية، كل الذين يشاهدون المشهد سوف ينتبهون ويعلقون أن هناك شيئا مريبا، إذن يجب أولا وصف الخط السريع بتفاصيله الدقيقة جدا؛ ليتسنى حصر أي ممارسة أو مخالفة.

ليرد الدكتور علي طارش، صحيح هذه مرحلة مهمة لتوصيف الخدمات، وفق ما يسمى مفهوم الأوامر الثابتة، لكن من التطور، أصبح من الضروري توصيف الخدمة إلكترونيا، وبالتالي أتمتة الإجراءات عبر نظم ليست عالية التكلفة، ولكن كثيرا ما نصطدم بمقاومة التغيير من قبل “مافيات متمكنة” تقوم بتأخير التنفيذ لأطول فترة ممكنة، مع العلم إن وجود أنظمة إلكترونية لا يعني بالضرورة توفر الخدمة الإلكترونية، بل تسهيلها فهنالك ضوابط ومعايير لهذه الخدمة، وبدونها يمكن خرق الاوامر الثابتة. مضيفا: “في كل مرة أتطلع إلى رئيس وزراء يأخذ المبادرة، وكل مرة التقي برئيس وزراء جديد، يثني على الفكرة ثم يتركها إلى اللجان الكسولة، والشهر المقبل سأحاول طرح الفكرة من جديد على رئيس الوزراء الجديد” ويختتم الأطرش مداخلته بعبارة: “لولا الأمل لهلك الناس”.

يعقب نبهان على الحوار بالقول: إن الدول قضت على الفساد بالقوانين الصارمة، لكن تقليل الاحتكاك بين العنصر البشري، يقلل من فرص الفساد عن طريق فرض التكنولوجيا، مضيفاً: “يمكن أن نتجاوز مشكلة الفساد، متى استطاع المواطن العراقي أن يأمن بأن حقوقه محفوظة ولا أحد فوق القانون”.

ويعلق أحمد عياش السامرائي، بقوله: نحتاج قبل كل شيء إلى إصلاح المجتمع وترسيخ ثقافة حب الوطن في داخله، لنأخذ مثال ليس ببعيد، تركيا الدولة الجارة للعراق، عندما حدث فيها الانقلاب خرجت المعارضة قبل غيرها لتحبط عملية الانقلاب، لأن الوطن أهم من مصالحهم الشخصية أو الحزبية، عندما يقرأ النشيد الوطني في المدارس يقف حتى المارة كالأصنام مُسبلي اليدين وكأن على راسهم الطير.

يتابع السامرائي: المطّلع على الشعب التركي في زمن حكم العثمانيين، يدرك أنهم لم يكونوا كذلك، كانوا من الشعوب “المتخلفة والمتطرفة”، وكل هذه المتغيرات حدثت في سنوات قلائل، على يد مصطفى كمال اتاتورك، الذي حول الشعب التركي من شعب جاهل ومتطرف إلى شعب حي.

من جهته، يرى عمار كهية، أن الخطوات الفعلية التي يجب اتخاذها، تبدأ من الإسراع بإنجاز مشروع بطاقة الوطنية لكل العراقيين، بالداخل والخارج، مؤكداً بوجود الإدارة لذلك، فمن الممكن إنجاز ذلك خلال عام؛ لإنهاء ملف التزوير والتلاعب والتهريب، والإسراع في انجاز توطين الرواتب للجميع ومن ضمنها رواتب الإقليم، وكذلك إدارة المنافذ الجوية والبرية والبحرية، مركزيًا والتي تشمل كذلك الإقليم، واعتماد التكنولوجيا في إدارتها، وجعل الدوام في المؤسسات الحكومية من الساعة 9-5 ومع توقف لمدة ساعة للغداء، واعتماد التكنولوجيا لإيقاف تهريب النفط وشبكة الإنترنت، ومباشرة الإدعاء بالوزارات، وتعديل قانون مجلس القضاء الأعلى، وجعل منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضائه يتم من خلال انتخابات يشارك بها قضاة الصف الأول، ليولد لنا قضاء مستقل لا شأن للبرلمان به، ووضع آلية لنزاهة الانتخابات، منها اعتماد بطاقة وطنية وبطاقة ناخب طويلة الأمد، واعتماد العد والفرز اليدوي بحضور قضاة في كل دائرة.

يرد علي نبهان على ما سبق بقوله: اختلف معك بالتالي، لأنه بد من تعيين وزير كفؤ لوزارة الداخلية، من أجل الحد من الفساد المستشري؛ بحيث يتمكن كل مواطن من الحصول بسهولة على البطاقة الوطنية أو إجازة السوق أو تسجيل المركبة، ناهيك عن موضوع تأشيرة الدخول للأجانب، وهذا حديث ذي شجون وأنا مطلع على تفاصيله، وقبل توطين الرواتب نحن بحاجة إلى تصحيح حقيقي للنظام المصرفي العراقي، والحد من مصارف بيع العملة وخطابات الضمان والحوالات غير الحقيقية، موضحاً أن إدارة المنافذ مركزيا تحتاج لحكومة مركزية قوية غير خاضعة لشروط الإقليم وخصوصا ما يخص وزارة المالية، وليومنا هذا وأنا اتساءل ما هو دور الادعاء العام؟ ومن هو المدعي العام العراقي؟

عزام القاسم بدوره يقول: إن كادر تشغيل منظومة البطاقة الوطنية، كامل ومقتدر على إدارة المنظومة، وتم تغطية محافظة بغداد بالكامل، والعمل جارٍ بخطة الانتشار الخاصة بأتمتة الدوائر، مؤكداً أن سير الخطة مقارب للوقت المقدر له.

ويرى ضياء أبو معارج الدراجي، أن محاربة الفساد في العراق يحتاج إلى نظام رئاسي، ورئيس دولة منتخب من قبل الشعب، يستطيع أن يطبق القانون باسم وقوة الشعب، ويضيف الدراجي، أن النظام البرلماني هو سبب الفساد وتسلط الكتل على رئيس الحكومة وتهديده بالعزل مما يضعفه ويقوي أحزاب الكتلة.

ويرى خالد الغرباوي، أن أول الخطوات الآن؛ لمكافحة الفساد هو كيفية إعادة الثقة مع الشعب العراقي -الركيزة الاساسية للقضاء على الفساد- ومن ثم:

  1. رئيس وزراء انتقالي لديه حكومة مصغرة مؤقتة باختياره، تكون من خارج هذه المنظومة، ويقوم بتحديد موعد الانتخابات المبكرة ليكون حل مجلس النواب أمراً حتمياً، معززاً سطوته وسيطرته بالقضاء العراقي، وجهاز مكافحة الإرهاب، والمؤسسة العسكرية لتكون سطوتهم ضد الفاسدين وليس ضد العراقيين المطالبين بحقوقهم.
  2. تقوية المؤسسة العسكرية والأمنية وتنقيتها من الفاسدين ومحاسبتهم، ومحاكمة كبار الفاسدين، واللصوص في العملية السياسية، الذين لديهم ملفات فساد، وملاحقتهم قانونيا، ليتعظ المسؤولين الصغار.
  3. العمل على تفتيت الدولة العميقة التي أسستها أحزاب المحاصصة ابتداء من معاون مدير عام صعودا إلى الوزراء بما فيها الهيئات المستقلة، وإبعاد نظام المحاصصة الحزبية عنها، والقضاء عليها تدريجياً وصولاً لبناء مؤسسات حقيقية.
  4. إيقاف نزيف بيع العملة في البنك المركزي، والحفاظ على سعر الصرف من خلال سياسة اقتصادية ترتكز على رؤية اقتصادية، وإعطاء دور كبير للقطاع الخاص ودعم المنتج الوطني.

ويطرح مشارك تحت اسم عبد الكريم، مجموعة حلول تتلخص فيما يلي:

– نفض الغبار عن التعليمات والأوامر الثابتة التي تحكم اداء مؤسسات الدولة.

– توصيف وظيفي عال الدقة للصلاحيات والواجبات.

– تقليل الاحتكاك بين الموظف والمستفيد، إلا من خلال نظام الكمبيوتر لتقليل المزاج والنية المبيتة.

– التقيد بالتعليمات الحكومية وعدم تجاوزها لأي سبب كان، ومراقبة أهم رافد من روافد مستنقع الفساد وهو المناقصات الحكومية.

أما أحمد العبادي، فيرى أن الفساد في العراق أصبح ثقافة مجتمع، شارحاً ذلك بعبارة: “بالعربي شطارة وعند البعض ليس حراماً”، والفساد ينتهي عند تشديد عقوبة الراشي والمرتشي والوسيط، ولا بد من وجود ملائكة تطبق القانون بشكل حرفي وصارم، وإصدار فتوى من المرجعية بتحريم المال العام بكل أشكاله، لأن البعض يعتبره مال مباح وليس حراماً، وإطلاق حملة إعلامية ومجتمعية واعتبار الفساد عار، وتسهيل  المعاملات في المرور والطابو والتقاعد والضرائب والجنسية والجوازات.

شاهد أيضاً

الجيش الإسرائيلي يستهدف مركز قيادة لحماس داخل موقع للأونروا وسط غزة

الشرق اليوم- أفاد الجيش الإسرائيلي، مساء أمس الأحد، أنه استهدف مركز قيادة تابع لحركة “حماس” …