الرئيسية / الرئيسية / الجريمة الأمريكية الخالدة

الجريمة الأمريكية الخالدة

الشرق اليوم- في 20 مارس 2003 بدأ “العبث” الأمريكي في الشرق الأوسط بالثأر من تنظيم “القاعدة” على هجمات 11 سبتمبر بغزو العراق الذي لا علاقة له بالأمر واحتلاله ثم تركه مصابا بالشلل.

في خضم هيجان الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، أعدت واشنطن العدة وقررت بعد غزو أفغانستان واحتلاله في عام 2001، الانتقام من العراق ونفذت عملية الغزو واحتلت البلد بشكل مباشر لنحو 9 سنوات من دون موافقة مجلس الأمن، بل وبمعارضة بعض أقرب حلفائها مثل فرنسا وألمانيا.

سارعت بريطانيا إلى الانضمام إلى الولايات المتحدة في حملة غزو واحتلال العراق، الأمر الذي علّقت عليه صحيفة الغارديان في وقت مضى بمناسبة الذكرى العاشرة للغزو بقولها إن بريطانيا دخلت تلك الحرب بطريقة “غير مسؤولة على الإطلاق”، مشيرة إلى أن نقص المعلومات الاستخباراتية عن هذا البلد وقتها كان “وصمة عار وطنية”.

وصاغ الأمريكيون ذرائعهم لغزو العراق رسميا من خلال محاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب الدولي في هذا البلد.

وكان وقتها وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول، حمل أمام مجلس الأمن في يده أنبوبة بمسحوق أبيض معلنا أنها تحتوي على جراثيم “الجمرة الخبيثة” العراقية، كما تم عرض أنابيب ألمنيوم، وزعم أن العراق اشتراها من أجل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

وتحدث بأول بملء فمه مؤكدا للعالم أن العراق انتهك قرارات الأمم المتحدة وهو يحتفظ بمخزونات أسلحة نووية وكيميائية، ما يعني أنه يشكل تهديدا للسلام.

علاوة على كل ذلك الضجيج الذي تبث لاحقا أنه تزوير متعمد وكذب مفضوح، أكدت إدارة جورج بوش الابن أن صدام حسين دعم تنظيم القاعدة.

هانز بليكس، الذي كان ترأس مفتشي الأمم المتحدة في عام 2002 علّق لاحقا على هذه المزاعم الأمريكية المنفصلة عن الواقع بالقول: “أرادت الولايات المتحدة وحلفاؤها ليس فقط العثور على مخزونات أسلحة الدمار الشامل المزعومة وتدميرها، ولكن أيضا القضاء على (تنظيم) القاعدة في العراق. ومع ذلك، في العراق نفسه، لم يسمعوا حتى عن القاعدة إلى أن غزته القوات” الأمريكية.

وعن اتهام واشنطن للعراق بحيازة أسلحة دمار شامل، قال هانز بليكس بلهجة ساخرة: “من الغريب أن الولايات المتحدة لديها مثل هذه الثقة بشأن وجود أسلحة الدمار الشامل، وليس لديها أفكار حول أين يمكن أن تكون”.

وسارع كولن بأول إلى الدفاع عن تهمة الكذب المفضوح بإلقاء اللوم على الاستخبارات المركزية الأمريكية، زاعما انها لم تخبره عن شكوكها في صحة المعلومات التي قدمتها، إلا أن ممثلي الاستخبارات الأمريكية أكدوا أنهم لفتوا إلى عدم دقة تلك المعلومات الاستخباراتية وطلبوا عدم الاعتماد عليها!!

وجميع المؤشرات تدل على أن “الأدلة” حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل جرى تزويرها عمدا. ما يؤكد ذلك أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت كان أبلغ الرئيس جورج بوش الابن بأن صدام حسين لا توجد لديه مثل هذه الأسلحة ولم تكن لديه بتاتا.

الغزو الأمريكي الضاري بدأ بضربة بصواريخ توماهوك أطلقت من السفن، وجرى قصف مكثف لبغداد والموصل وكركوك بواسطة قاذفات وطائرات هجومية.

وشاركت في عملية الغزو في أوقات مختلفة ما يصل إلى 49 دولة حشدتها الولايات المتحدة خلفها. بغداد سقطت في 9 أبريل، بعد مقاومة يائسة من الجيش العراقي.

قوات الغزو بعد معارك ضارية احتلت تكريت مسقط رأس صدام حسين في 15 أبريل. أطيح بنظام صدام حسين، وجرى تعقبه واعتقاله ثم شنقه ببغداد في ديسمبر عام 2006.

لم تتوقف المقاومة العراقية، واستخدمت الولايات المتحدة القوة الغاشمة بما في ذلك الشركات الأمنية الخاصة لقمعها، ثم ظهرت دوامة العنف العاتية ولاحقا خرجت “داعش” بكل أهوالها، وسقط العراق في هاوية من الفوضى والفشل، وهو لا يزال حتى الآن يعاني من العواقب الكارثية لذلك الغزو الوحشي.

وتقول تقارير إن غزو العراق واحتلاله كلف الدول المشاركة 1.7 تريليون دولار، وتتحدث مصادر أخرى عن 6 تريليون دولار، ناهيك عن الثروات العراقية التي نهبت بما في ذلك كنوز البلد الأثرية.

خسائر العراق البشرية تقدر بما يزيد عن المليون شخص، علاوة على تشريد 5 ملايين آخرين، في حين سقط لقوات التحالف في تلك الحرب أكثر من أربعة آلاف وثمانمئة قتيل و32 ألف جريح.

لم تتعلم الولايات المتحدة من الدرس العراقي، ما يدل على  تعمدها مثل هذه الأخطاء والإصرار على علاج المضاعفات الناجمة عن الأخطاء المتوالية من دون التوقف عن مثل هذا “العبث”.

ولاحقا تورطت الولايات المتحدة وتحدت إدارة أخرى في ليبيا، وأطاحت بنظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، وأسقطت هذا البلد أيضا في هوة الفشل والشلل. واشنطن لم تطح بصدام حسين والقذافي فقط، بل عمليا هي أطاحت بالعراق وبليبيا.

المصدر: روسيا اليوم

شاهد أيضاً

هل تواجه إسرائيل موجة أخرى من رفض الخدمة في جيشها؟

الشرق اليوم– رجحت صحيفة هآرتس أن تصل الأمور عاجلا أم آجلا، إلى النقطة التي يرفض …