الرئيسية / مقالات رأي / بايدن أضعف من أن يصفع نتنياهو

بايدن أضعف من أن يصفع نتنياهو

بقلم: راغب جابر- النهار العربي
الشرق اليوم– من غرائب السياسة العالمية في هذهالأيام أن الدولة الأقوى اقتصادياً وعسكرياً في العالم تبدو في وضع سياسي مزر قياساً بأدوارها السابقة وبقدراتها الفائقة. الولايات المتحدة الأميركية الآن دولة مترددةمتخبطة في مواقفها رغم كل مظاهر الانحياز في خياراتها، تارة إلى أوكرانيا فيمواجهة روسيا وتارة إلى إسرائيل في حربها الوحشية على غزة وأهلها وعلى الضفةالغربية أيضا

هذه الدولة العظمى تبدو اليوم على صورةرئيسها جو بايدن العجوز الخافت الصوت الثقيل الحركة الضعيف الذاكرة، القليل الحيلةفي مواجهة أزمات دولية تتطلب مواقف حاسمة وسرعة بديهة وكثيرا من المنطق والجرأةوالعقلانية. والغريب أن هذا الرئيس يصر على تجديد رئاسته ولاية جديدة من 4 سنوات، ويخوض لذلك حربا قاسية ضد خصم مستقتل أيضاً على ولاية ثانية هو دونالد ترامبالجمهوري من خارج الحزب، الرئيس الإشكالي الذي ما زال العالم لم يفهم بعد سر نجاحهقبل ثماني سنوات، هو الآتي من عالم البيزنس والاستعراض والشعبوية.

مرشحان عجوزان لرئاسة أميركا في تشرينالثاني (نوفمبر) المقبل، واحد تخطى الثمانين وآخر على مشارفها، وفيما يخوض ترامبمعركته الانتخابية وهو متحرر نسبياً من الضغوط التي تفرضها حرب أوكرانيا وحرب غزةعلى البيت الأبيض، يتخبط بايدن في مواقفه ويجد نفسه في وضع معقد نتيجة المسؤولياتالكبرى عليه وللتعقيدات التي يواجهها في تعاطيه مع الحربين.

في أوكرانيا لم ينجح التحالف الغربيالداعم لكييف في إحداث انقلاب في موازين القوى مع روسيا التي تبدو اليوم في وضعمريح بعدما أوقفت الهجوم الأوكراني المضاد وثبتت وجودها في المناطق التي استولتعليها في أوكرانيا، فارضة أمراً واقعاً من الصعب تغييره، رغم مئات المليارات التي أنفقتها دوله على تسليح الجيش الأوكراني ودعم الاقتصاد المنهار. الواقعية تفرض على أميركا تغيير سياستها تجاه هذه الحرب، سواء أبقي بايدن أم عاد ترامب، والأخير صرحعلناً بأنه سيغير كل شيء، وبالتأكيد ليس لدفع المزيد من المليارات لفولوديميرزيلينسكي.

المعضلة الكبرى التي تؤرق بايدن وينجومنها ترامب حتى الآن هي الحرب الإسرائيلية على غزة التي بلغت وحشيتها حداً لا يمكن تجاهله. الرئيس الأميركي الضعيف يواجه حليفاً لدوداً عنيدا ومتطرفاً هو بنياميننتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لا يعير الرئيس العجوز أي انتباه ولا يأخذهعلى محمل الجد كما يبدو من ردود فعله على مقترحاته وطلباته. نتنياهو يعامل بايدنكرئيس دولة تابعة لإسرائيل وما عليها إلا تلبية رغباتها. يلعب نتنياهو لعبةالانتخابات الأميركية كما لعبتها إسرائيل دائماً، بكثير من الابتزاز والتهديداعتماداً على اللوبي اليهودي الفاعل في أميركا وعلى التخويف من تأثير هزيمة إسرائيلعلى أميركا ومصالحها في الشرق الأوسط والعالم.

يتصرف نتنياهو مع حليفه على قاعدة أن إسرائيل هي حاجة أميركية لا العكس، وأن المليارات التي تقدمها أميركا وبواخرالأسلحة المبحرة إلى حيفا هي فرض واجب على واشنطن التي عليها أن تدفع لإسرائيلضريبة أكبر. يرفض نتنياهو كل طلبات بايدن التي لا تعدو كونها “نداءات”انسانية لا تصرف أبداً لدى زمرة المتطرفين الحاكمة في تل أبيب. ليس معروفاً ما إذا كانت”نداءات” بايدن تنبع من حس إنساني حقيقي أم نتيجة ضغوط عربية ودولية أمنتيجة مصالح انتخابية داخلية أم نتيجة لمجموعها، لكنها تبقى مجرد كلام لا تعطيه أيمعنى عملية إسقاط بعض الحرامات وربطات المعكرونة ومياه الشرب من الطائرات في عمليةاستعراضية أظهرت عدم جدواها، ولا الميناء الاصطناعي الموقت لإمداد غزة بالمساعداتبإشراف إسرائيل نفسها التي تدمر غزة ومرافقها ومخازن غذائها وآبار مياهها.

يكثر الكلام في وسائل الإعلام، العربيةخصوصاً، عن قرب نهاية نتنياهو السياسية، ويراهن البعض على سقوطه لتغيير سياسة إسرائيلفي حرب غزة ومستقبل الصراع وحل الدولتين، لكن الوقائع الإسرائيلية تشير إلى تعاظم التطرففي إسرائيل، علماً أن الحكومات لا تتغير أثناء الحروب. الأنظار الآن هي باتجاه أميركا وصراع الفيل والحمار. أميركا اليوم في ظل حكم بايدن أضعف من أن تصفعنتنياهو.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …