الرئيسية / دراسات وتقارير / الانتخابات الأميركية… قلق وترقب وسيناريوهات قد تقود إلى المجهول

الانتخابات الأميركية… قلق وترقب وسيناريوهات قد تقود إلى المجهول

بقلم: طارق الشامي- اندبندنت
الشرق اليوم– على رغم أن السؤال يبدو غريباً للبعض، فإنه ما زال مطروحاً بقوة في الولايات المتحدة نظراً إلى اعتبارات كثيرة، منها أن المرشحين الرئاسيين جو بايدن ودونالد ترمب كبيران في السن ويواجهان مشكلات متعددة، إذ سيتجاوز بايدن 82 سنة بحلول يوم التنصيب في الـ20 من يناير (كانون الثاني) عام 2025، وتم وصفه رسمياً بأنه يتمتع بقدرات ذهنية متضائلة وضعف في الذاكرة، بينما سيتجاوز ترمب 78 سنة في يوم التنصيب، ويواجه 91 تهمة جنائية في أربع قضايا تبدأ جلسات محاكمته في شأنها خلال أسابيع أو أشهر، وربما ينتهي بعضها بإدانته قبل يوم التنصيب، فما الذي سيحدث في موقف افتراضي ينسحب فيه أي من المرشحين من السباق لأنه أصبح عاجزاً أو غير لائق صحياً، أو مداناً بتهم، أو انتهى به الأمر في السجن؟

أشهر من الترقب

سوف ينتظر الأميركيون بكثير من الشغف والقلق ما الذي ستحمله الأيام على مدى أكثر من تسعة أشهر وحتى ينتهي التصديق على انتخاب رئيس البلاد بصفة نهائية في السادس من يناير 2025، فما زالت هناك ثلاثة أشهر حتى تنتهي الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية في الولايات الأميركية المتبقية في منصف يونيو (حزيران)، وبعدها ستعقد المؤتمرات الوطنية للحزبين لاختيار المرشح الرسمي لكل منهما، الجمهوري في منتصف يوليو (تموز) في مدينة ميلواكي بولاية ويسكنسن، والديمقراطي في الـ19 من أغسطس (آب) بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي.

وبعد ذلك، تبدأ الاستعدادات والحملات والمناظرات الانتخابية بين مرشحي الحزبين، وصولاً إلى يوم الانتخابات العامة الحاسم في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، ثم تبدأ الإجراءات التالية للتصديق على الرئيس المنتخب من خلال اجتماعات الهيئة الانتخابية أو المجمعات الانتخابية في عاصمة كل ولاية بحلول الـ17 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 لتوقيع الوثائق التي يتم إرسالها إلى رئيس مجلس الشيوخ (نائب الرئيس) لأغراض الفرز، والتي تكون في السادس من يناير عام 2025.

وطوال هذه الأشهر الطويلة يظل السؤال دائماً، ماذا سيحدث في كل مرحلة من مراحل الانتخابات، وصولاً إلى إقرار انتخاب الرئيس رسمياً، بخاصة أن احتمالات الوفاة أو الخروج من السباق الانتخابي لأي سبب من الأسباب تظل محتملة بنسبة أكبر بكثير مما كانت عليه في أي انتخابات رئاسية أميركية سابقة، لذا، كيف يمكن أن تسير الأمور إذا انسحب بايدن أو ترمب من سباق 2024 للبيت الأبيض؟

الانتخابات التمهيدية

يقترب الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترمب من جمع أعداد المندوبين اللازمين لتأمين ترشيح كل منهما في المؤتمر الوطني، إذ يقترب بايدن من جمع 1968 مندوباً وترمب من 1215 مندوباً خلال فترة وجيزة جداً بعد انسحاب نيكي هايلي من السباق الجمهوري ومع عدم فوز أي مرشح منافس آخر لكل من بايدن وترمب بأي مندوبين باستثناء عدد قليل من المندوبين الذين ذهبوا لخيار “غير الملتزمين” في ولايتي ميشيغان ومينيسوتا للتعبير عن سخط الأميركيين العرب والشباب من سياسة بايدن الداعمة لإسرائيل في حرب غزة.

لكن إذا انسحب أي من المرشحين قبل المؤتمرات الوطنية، فإن طريق العثور على المرشح التالي يصبح أكثر تعقيداً، حيث يتم تخصيص عدد معين من المندوبين للمرشح بناءً على عدد الأصوات التي حصل عليها في كل ولاية، ويمثل هؤلاء المندوبون المرشح في مؤتمر كل حزب.

وتقوم كل ولاية بتخصيص عدد المندوبين للمرشحين للانتخابات اعتماداً على نظامها، ففي بعض الحالات، يحصل الفائز الأول بالولاية على جميع عدد مندوبي هذه الولاية، لكن في ولايات أخرى، يتم تقسيم المندوبين على أساس نسبة الأصوات التي يحصل عليها المرشح عندما يصوتون في المؤتمر الوطني لكل حزب.

ويعود سبب التعقيد إلى أنه في بعض الولايات، يكون لدى الجمهوريين مندوبون غير مقيدين، أي يمكنهم الإدلاء بصوتهم لأي مرشح يختارونه، ولدى الديمقراطيين نسخة خاصة بهم، إذ لديهم مندوبون غير ملزمين بالتصويت لمرشح معين، لكن هؤلاء لا يمكنهم المشاركة في عملية التصويت إلا إذا جرى التنافس على الجولة الأولى حينما لا يحصل أي مرشح على غالبية الأصوات.

وفي حين أن الانتخابات التمهيدية تحدد عدد المندوبين التي يحصل عليها المرشح، يشير المتخصص في مجال العلوم السياسية وقواعد تحديد المندوبين في الانتخابات جوش بوتنام إلى أن اختيار المندوبين مهم بالنسبة لمن سيتخذ القرار في المؤتمر في شأن من سيكون البديل.

وعلى سبيل المثال، تعمل حملة ترمب على ضمان أن أي مندوبين يتم تخصيصهم لترمب سيدعمون الرئيس السابق بغض النظر عن أي إدانات قد تواجهه.

وفي السيناريو الذي ينسحب فيه بايدن أو ترمب قبل انتهاء عملية اختيار المندوبين، فإن الأمر يصبح مفتوحاً للجميع في ما يتعلق بكيفية مشاركة هؤلاء المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب، وربما يرشحون شخصاً لم يكن على بطاقة الاقتراع.

المؤتمرات الوطنية للحزبين

إذا انسحب أحد المرشحين بين موعد انتهاء الانتخابات التمهيدية، وليلة مؤتمر ترشيح حزبه، سيكون المندوبون غير ملتزمين، مما يعني أنهم لا يدعمون مرشحاً محدداً وعليهم أن يقرروا من سيكون المرشح التالي، وفي هذا السيناريو يقوم مرشحو الحزب المحتملون بزيارة وفد كل ولاية من المندوبين لإقناعهم بدعمهم، ولكن في حالة انسحاب ترمب، سيظل السؤال هو ماذا عن المرشحين الجمهوريين الذين خاضوا الانتخابات التمهيدية مثل سفيرة الأمم المتحدة السابقة نيكي هايلي أو حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس اللذين انسحبا من السباق، لكنهما جمعا حفنة قليلة من المندوبين؟
يقول استراتيجيون في الانتخابات إنه في موقف لم يعد فيه ترمب موجوداً في الصورة، يمكن للمندوبين المرتبطين بالرئيس السابق أن يقرروا دعم شخص مختلف تماماً عن هايلي أو ديسانتيس، ويمكنهم اختيار شخص لم يطلق حملة انتخابية مطلقاً خلال موسم الانتخابات التمهيدية.

غير أن المحلل في معهد “أميركان إنتربرايز” جون فورتيير، يرى أنه إذا انسحب ترمب من السباق قبل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، من الممكن أن يعيد المتنافسون الآخرون من الحزب الجمهوري الذين انسحبوا سابقاً من السباق تنشيط حملاتهم على أمل الفوز بترشيح الحزب الجمهوري.

بعد الاجتماعات الوطنية للحزبين

تختص اللجان الوطنية للحزبين بانتقاء واختيار المرشح البديل إذا انسحب مرشح كل منهما من السباق بعد ترشيحه رسمياً في مؤتمر الحزب، وتعقد اجتماعات خاصة لاختيار مرشحهما التالي.

وعلى سبيل المثال، حدثت عملية مماثلة خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 1972، حيث كان المرشح الديمقراطي للرئاسة السيناتور جورج ماكغفرن، قد اختار السيناتور الديمقراطي السابق توم إيغلتون لمنصب نائب الرئيس، والذي كان يعالج من مرض عقلي، ولهذا أجبر على الانسحاب، واختار ماكغفرن بديلاً لمنصب نائب الرئيس، لكن كان لا بد من التصديق عليه رسمياً من قبل اللجنة الوطنية الديمقراطية.

في هذا السيناريو، تقول خبيرة الانتخابات في معهد “بروكينغز” إيلين كامارك، إن رئيس اللجنة الوطنية هو الذي يتخذ القرار في شأن موعد انعقاد الاجتماع الخاص للجنة كي يتم التصديق على المرشح البديل، من الممكن أن يرغب رئيس اللجنة في عقد الاجتماع بسرعة للسماح للمرشح الجديد بشن حملة ضد الحزب المقابل، ولكن قد يختار أيضاً الانتظار بضعة أسابيع لمعرفة ما إذا كان هناك مرشح مختلف سيدخل السباق.

غير أن فورتييه يشير إلى أن التوقيت الذي ينسحب فيه مرشح الحزب قبل يوم الانتخابات ربما يجعل الأمور صعبة عندما يتعلق الأمر بالاسم الذي يظهر على ورقة الاقتراع، نظراً إلى أنه يجب طباعة بطاقات الاقتراع وإرسالها في بعض الحالات قبل 45 يوماً من يوم الانتخابات، وقد يظهر اسم المرشح السابق على بطاقة الاقتراع.

بعد يوم الانتخابات

إذا انسحب أي من المرشحين بين يوم الانتخابات ويوم التنصيب، فإن ما يحدث بعد ذلك يعتمد على ما إذا كانت الهيئة الانتخابية قد اجتمعت بالفعل للتصديق على نتائج الانتخابات، والتي يتم إرسالها لاحقاً إلى مجلس الشيوخ للتصديق على نتائج الاقتراع، ففي بعض الولايات، تتطلب القوانين من الناخبين أو المندوبين الذين يتم اختيارهم من المجالس التشريعية في الولايات بناءً على الفائز المعلن بالولاية، أن يصوتوا للمرشح الفائز في اجتماع الهيئة الانتخابية (المجمع الانتخابي)، لكن إذا انسحب الفائز المعلن قبل اجتماع الهيئة الانتخابية، فقد يتعين على هذه الهيئات التشريعية تغيير القواعد بحيث تظل أصوات الناخبين المرتبطة بالفائز تحتسب لمرشح آخر.

وبحسب فورتيير يمكن لكل من الحزبين حث الناخبين أو المندوبين على التصويت لمرشح معين في حالة كون الفائز الأصلي عاجزاً، لكن المحكمة العليا قضت في عام 2020 بأنه يمكن للولايات أن تطلب من الناخبين الرئاسيين التصويت للمرشح الذي تعهدوا دعمه، وإذا لم يفعلوا ذلك، يمكن عزل الناخب واستبدال آخر به.

ومع ذلك، فإن أحد أكثر السيناريوهات غير الواضحة يظهر إذا أصبح الرئيس المنتخب عاجزاً في الأسابيع التي تلي تصويت الناخبين في منتصف ديسمبر، وقبل أن يصدق الكونغرس على نتائج الانتخابات، حيث تقع مسؤولية فرز الأصوات على عاتق الكونغرس، ومن غير الواضح كيف سيتعامل الكونغرس مع فرز الأصوات لمرشح معين لم يعد موجوداً في الصورة، ولهذا السبب قد تبدو هذه الفترة غامضة ومربكة للغاية.

لكن إذا انسحب الرئيس المنتخب لسبب ما خلال الأسابيع التي تلي فرز الأصوات في الكونغرس قبل يوم التنصيب، يصبح المرشح الفائز لمنصب نائب الرئيس هو الرئيس وسيتم تنصيبه في حالة عدم قدرة الرئيس المنتخب على أداء مهامه.

ماذا سيحدث إذا دين ترمب؟

لا توجد إجراءات أو قواعد تمنع الرئيس السابق قانوناً من قضاء فترة ولاية ثانية إذا تمت محاكمته أو إدانته أو قضاء عقوبة السجن، ووفقاً لكريس إيدلسون، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية والحكم بالجامعة الأميركية، فقد كانت فكرة إدانة مرشح رئاسي أو سجنه بمثابة أمر يجعله غير مؤهل للحكم بالنسبة للناخبين، ولكن بغض النظر عن المعايير، لا يوجد شيء غير قانوني في هذا الشأن، والآن تتجه الولايات المتحدة نحو هذا الوضع المجهول الذي يشبه ما حدث عام 1920.

قبل نحو 100 عام ترشح المرشح الاشتراكي “يوغين دبس” لمنصب الرئيس بينما كان يقضي عقوبة السجن لمدة 10 سنوات بتهمة التحريض على الفتنة، وحصل دبس على ما يقارب مليون صوت، لكنه لم يفز بالانتخابات، وبالمثل يرى إديلسون أنه على رغم عدم وجود فرصة واقعية لأن يكون ترمب في السجن عام 2025، فإنه قد تتم إدانته على مدار العام المقبل.

لكن إذا دين ترمب، قبل اجتماع الهيئة الانتخابية في منصف ديسمبر، فمن غير الواضح ما إذا كان المندوبون من الولايات المرتبطين بالرئيس السابق مطالبون بالتصويت له إذا لم ينسحب من السباق، وهو أشار مراراً إلى أنه لن ينسحب في أي حال.

ووفقاً لقواعد اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، يجوز للولايات أن تقوم بإلغاء التزام المندوبين بالتصويت للمرشح الفائز بالولاية، ولكن فقط إذا انسحب المرشح، لكن عندما سئلت رئيسة اللجنة الوطنية الجمهورية السابقة رونا مكدانيل عما إذا كان ترمب سيكون المرشح المناسب للحزب الجمهوري في حالة إدانته، قالت “إن من يختاره الناخبون هو المرشح المناسب، وإذا اختاروا ترمب فسندعمه”.

شاهد أيضاً

التأثير السلبي لحرب غزة على الأوضاع الحقوقية في إسرائيل

الشرق اليوم-  الصراع في غزة قد فاقم من حالة حقوق الإنسان في إسرائيل، وأشار التقرير …