الرئيسية / منوعات / أنصار ترمب يستعينون بالذكاء الاصطناعي لاستهداف الناخبين السود

أنصار ترمب يستعينون بالذكاء الاصطناعي لاستهداف الناخبين السود

الشرق اليوم- أنتج أنصار دونالد ترامب صوراً مزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي لناخبين سود مع الرئيس الأمريكي السابق، بهدف تشجيع الأمريكيين من أصل أفريقي على التصويت لصالح الحزب الجمهوري، وتداول أنصار ترامب هذه الصور على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

واكتشف برنامج بانوراما، الذي يُذاع عبر بي بي سي، العشرات من الصور المزيفة التي يظهر فيها مجموعات من السود وهم يدعمون الرئيس الأمريكي السابق.

وسبق لترامب أن تودد إلى الناخبين السود علناً، بعد أن لعبوا دوراً بارزاً في فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020.

رغم ذلك، لا يوجد أي دليل قاطع على وجود علاقة بين هذه الصور المزيفة وحملة ترامب.
وقال الشريك المؤسس لجماعة “بلاك فوترز ماتر” – وهي جماعة تشجع السود على التصويت – إن الصور التي تم التلاعب بها تُصدِّر للناخبين “رواية استراتيجية” تستهدف إظهار ترامب على أنه يتمتع بشعبية كبيرة داخل مجتمع السود الأمريكيين.
وقال أحد منتجي هذه الصور لبي بي سي: “أنا لا أزعم أنها دقيقة”.

وتندرج الصور المزيفة لمؤيدي ترامب السود، والتي تمت معالجتها بواسطة الذكاء الاصطناعي، ضمن واحدة من اتجاهات التضليل التي ظهرت قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي من المقرر أن تُجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وعلى عكس ما حدث في 2016 عندما كانت هناك أدلة على حملات التأثير الأجنبي في الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الصور المعالجة بالذكاء الاصطناعي، والتي كشفتها بي بي سي، نُشرت على نطاق واسع على بعلم من ناخبين أمريكيين.

وكان أحد منتجي هذه الصور هو مارك كاي وفريقه الذي يقدم برنامجاً إذاعياً محافظاً في ولاية فلوريدا.

وعالج هؤلاء الأشخاص صورة لترامب وهو يبتسم، واضعاً ذراعيه حول مجموعة من النساء السود في إحدى الحفلات، ونشروها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عبر حساب “كاي” الذي يتابعه أكثر من مليون شخصاً.

وتبدو الصورة حقيقية من الوهلة الأولى، لكن بتفحصها بعناية، نكتشف أن بشرة جميع من في الصورة تُظهر لمعة غريبة، علاوة على أن بعض أصابع يدين الأشخاص الذين يظهرون فيها مفقودة، وهي إشارات إلى أن هذه الصور معدلة بالذكاء الاصطناعي.

وقال مارك كاي من الاستديو الإذاعي الخاص به: “لست مصوراً صحفياً”.

وأضاف: “أنا لا أخرج لالتقاط صور لتغطية ما يحدث، أنا فقط أروي قصصاً”.

ونشر كاي مقالاً عن الناخبين السود الذين يدعمون ترامب وأرفق معه هذه الصورة، مما أعطى انطباعاً بأن هؤلاء الأشخاص جميعاً يدعمون الرئيس السابق في مسيرته نحو البيت الأبيض.
وكشفت التعليقات على هذه الصور بعد نشرها عبر فيسبوك، أن الكثير من المستخدمين لموقع التواصل الاجتماعي العملاق يعتقدون أنها صور حقيقية.

وقال كاي: “لا أدّعي أن هذا دقيق، ولا أقول: انظروا، كان دونالد ترامب في هذه الحفلة مع كل هؤلاء الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي. انظروا كم يحبونه!”.

وأضاف: “إذا صوت أي شخص بطريقة أو بأخرى بسبب صورة واحدة يراها على صفحة فيسبوك، فالمشكلة في هذا الناخب، وليست في الصورة المنشورة نفسها”.

وهناك أيضا صورة أخرى تمت معالجتها بالذكاء الاصطناعي انتشرت على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ورصدها تحقيق لبي بي سي، تُظهر ترامب وهو يقف مع ناخبين سود على شرفة أمامية لأحد المنازل، ونُشرت الصورة في الأصل عبر حساب ساخر يعالج صوراً للرئيس السابق، لكنها لم تحظ باهتمام على نطاق واسع إلا عندما أعيد نشرها مع تعليق جديد يدعي كذباً أن ترامب أوقف موكبه للقاء هؤلاء الأشخاص.

وتعقبنا الشخص الذي يقف وراء هذا الحساب ويُدعى شاغي، وهو مؤيد بشدة لترامب ويعيش في ولاية ميشيغان.

وقال شاغي في رسائل أرسلها إلى بي بي سي على وسائل التواصل الاجتماعي: “اجتذبت (منشوراتي) الآلاف من المتابعين المسيحيين الرائعين وذوي القلوب الطيبة”.

وعندما حاولنا سؤاله عن الصورة المعالجة بالذكاء الاصطناعي، حظرني. وحصدت الصورة أكثر من 1.3 مليون مشاهدة، على موقع التواصل الاجتماعي إكس. وفي حين استنكر بعض المستخدمين على الموقع معالجة الصورة بالذكاء الاصطناعي، اقتنع آخرون بأنها حقيقية.

ولم نجد صوراً تم التلاعب بها على نحو مماثل لجو بايدن مع ناخبين من فئة سكانية معينة من الناخبين، إذ تحاول الصور المعالجة بالذكاء الاصطناعي للرئيس الأمريكي إظهاره بمفرده أو مع زعماء العالم الآخرين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

وفي يناير/ كانون الثاني، كان المرشح الديمقراطي نفسه ضحية لعملية انتحال شخصية بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وحثت مكالمة صوتية معالجة بالذكاء الاصطناعي، من المفترض أنها بصوت بايدن، الناخبين الأمريكيين على تخطي الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، واعترف أحد أنصار الحزب الديمقراطي بمسؤوليته عن معالجتها، قائلاً إنه كان يريد إلقاء الضوء على احتمالات إساءة استخدام التكنولوجيا.

ورجح كليف أولبرايت، الشريك المؤسس لجماعة “بلاك فوترز ماتر”، أن يكون هناك عودة لتكتيكات التضليل التي تستهدف مجتمع السود كما حدث في انتخابات 2020.

وقال أولبرايت: ” هناك محاولات موثقة لاستهداف مجتمعات السود بمعلومات مضللة مرة أخرى، وخاصة الناخبين السود الشباب”.

وعرضنا عليه الصور المعالجة بالذكاء الاصطناعي في مكتبه في أطلنطا في ولاية جورجيا، وهي ولاية رئيسية تمثل ساحة معركة انتخابية حيث يمكن أن يكون إقناع شريحة صغيرة من إجمالي أصوات السود بالتحول من بايدن إلى ترامب أمراً حاسماً.

وأظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز وكلية “سيينا” أن 71 في المئة من الناخبين السود في ست ولايات “متأرجحة” رئيسية قد يدعمون بايدن في انتخابات 2024، وهو انخفاض حاد مقارنة بنسبة 92 في المئة على مستوى الولايات المتحدة التي ساعدت الرئيس الأمريكي على الفوز بمقعد الرئاسة في 2020.

وقال أولبرايت إن الصور المزيفة تتفق مع “الرواية الاستراتيجية للغاية” التي يُصدِّرها المحافظون في حملة ترامب للمؤثرين على الإنترنت بهدف استمالة الناخبين السود، إذ يستهدف هذا الخطاب الشباب السود بشكل خاص، وهي الفئة التي يرجح أنها أكثر انفتاحاً على التصويت لصالح ترامب من النساء السود.

ومن المقرر أن تطلق مؤسسة “ميغا أي إن سي”، وهي لجنة العمل السياسي الرئيسية التي تدعم ترامب، حملة دعائية تستهدف الناخبين السود في ولايات جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا.

ومن المقرر أن تستهدف تلك الحملة أشخاصاً مثل دوغلاس، الذي يعمل كسائق سيارة أجرة من أطلنطا.

وقال دوغلاس إن لديه مخاوف حيال الاقتصاد والهجرة، وهي القضايا التي شعر أن ترامب كان يركز عليها بشكل أكبر أثناء فترة ولايته، مؤكداً أن رسائل الديمقراطيين عن تهديد ترامب للديمقراطية لن تدفعه إلى التصويت لبايدن، نظرا لما شعر به من إحباط بسبب العملية الانتخابية الماضية.

ورغم أن أداء الاقتصاد الأمريكي جيد بشكل عام، بعض الناخبين – مثل دوجلاس – لا يشعرون بتحسن أحوالهم بسبب أزمة تكلفة المعيشة التي لا تزال تفرض نفسها على الواقع الاقتصادي في البلاد.

وسألته أيضا عن رأيه حول الصورة المعالجة بالذكاء الاصطناعي لترامب مع ناخبين سود، وعندما عرضتها عليه للمرة الأولى، صدق أنها حقيقية، وقال إن ذلك يؤيد وجهة نظره التي يشاركه فيها بعض السود الآخرين الذين يعرفهم، وهي أن ترامب يدعم مجتمعهم.

ثم أخبرته بأنها صورة مزيفة، فقال لي بعد ذلك: “حسناً، هكذا تسير الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي، من السهل أن تخدع الناس”.

وتطورت أساليب التضليل التي استخدمت في التأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية منذ عام 2016، عندما فاز دونالد ترامب.

ففي ذلك الوقت، كانت هناك محاولات ناجحة من قبل قوى أجنبية معادية، مثل روسيا، لاستخدام شبكات من الحسابات الزائفة لمحاولة زرع الفرقة بين الناخبين وغرس أفكار معينة.

لكن في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، كان التركيز على المعلومات المضللة المحلية – خاصة الروايات الكاذبة التي تقول إن الانتخابات الرئاسية سُرقت – والتي انتشرت على نطاق واسع بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي المقيمين في الولايات المتحدة وأيدها ترامب وغيره من السياسيين الجمهوريين.

ويحذر خبراء من إمكانية تعرض انتخابات الرئاسة 2024 لمزيج من أساليب التضليل التي استخدمت في عامي 2016 و2020.

وقال بن نيمو، الذي كان مسؤولاً عن مكافحة عمليات التأثير الأجنبي في شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستغرام، إن الارتباك الناجم عن مثل هذا المحتوى المزيف قد يفتح الباب أمام حكومات أجنبية تسعى للتلاعب بنتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية، ويوفر لهم المزيد من الفرص لتحقيق ذلك.

وأضاف: “يحتاج أي شخص لديه جمهور كبير في عام 2024 أن يبدأ في التفكير حول كيف يمكن التحقق من أي شيء يصله؟ وكيف يمكن أن يضمن أنه لن يتحول دون قصد إلى جزء من حملات التأثير الأجنبي؟‘”.

وأشار نيمو إلى أن مستخدمي التواصل الاجتماعي ومنصاته أصبحوا قادرين أكثر على التعرف على الحسابات المزيفة، مما جعل عملية جذب جمهور كبير أكثر صعوبة، لذا بدأت عمليات التأثير تعتمد على حسابات حقيقية لتعزيز انتشار المعلومات المثيرة للانقسام أو المعلومات المضللة.

وتابع: “أفضل رهان الآن هو محاولة إيصال (المحتوى الخاص) عبر أحد المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، هذا بالنسبة لأي شخص لديه جمهور كبير على وسائل التواصل الاجتماعي”.

وقال نيمو إنه يشعر بالقلق إزاء ما يمكن أن تتعرض له انتخابات 2024 من ممارسات على يد أشخاص لديهم استعداد لنشر معلومات مضللة لجمهورهم الذي يتابعهم بالفعل. كما قد يتحول أولئك الأشخاص إلى ناقلين لعمليات التأثير الأجنبي دون أن يعلموا أنهم كذلك”.

وأوضح أن القائمين على عمليات التأثير قد ينشرون المحتوى بالتعاون مع مستخدمين لديهم جمهور كبير – سواء بشكل سري أو علني – وقد يشجعوهم على نشره بأنفسهم حتى يبدو أنه نُشر على يد ناخب أمريكي حقيقي.

كما سلط عدد من كبار السياسيين في جميع أنحاء العالم الضوء على مخاطر المحتوى المعالج بالذكاء الاصطناعي هذا العام.

وانتشرت روايات عن سرقة انتخابات 2020 – والتي نُشرت على نطاق واسع دون توفر أدلة على ذلك – عبر منشورات بسيطة وميمات وخوارزميات. لكن لم تكن هناك صور أو مقاطع فيديو معالجة بالذكاء الاصطناعي، مع ذلك أثارت تلك المزاعم التي تم الترويج لها أعمال شغب في الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2020.

هذه المرة، هناك مجموعة جديدة من الأدوات المتاحة للحزبيين السياسيين والمحرضين، يمكن أن تؤجج التوترات مرة أخرى.

المصدر: BBC

شاهد أيضاً

تحذيرات من استخدام سماعات الأذن طويلا.. وهذه أضرارها

الشرق اليوم- لا يستغني معظم الناس عن استخدام سماعات الأذن يوميًا أثناء المكالمات الهاتفية، والاستماع …