الرئيسية / دراسات وتقارير / الإعلام الإسرائيلي يكشف ملامح صفقة الأسرى والهدنة

الإعلام الإسرائيلي يكشف ملامح صفقة الأسرى والهدنة

بقلم: أمال شحادة- اندبندنت
الشرق اليوم– 10 أيام تفصلنا عن شهر رمضان من دون بارقة أمل في تفاهمات تمنع تصعيد أمني على أكثر من ساحة، في ظل استمرار سياسة التعنت التي تتبعها إسرائيل والإصرار على إبقاء الصوت الحربي متفوقاً على الصدى السلمي، في حين تتزايد وتيرة السباق مع الوقت لضمان صفقة أسرى خلال هذه الأيام.

صفقة الأسرى وشهر رمضان والجبهة الشمالية هي ثلاثة محاور مترابطة وعدم ضمان تفاهمات في واحدة منها من شأنه إشعال جميعها معاً، وفي هذه المرحلة تشكل الصفقة النقطة المركزية.

مسودة الصفقة

وكشفت القناة “13” الإسرائيلية عن تفاصيل المرحلة الأولى من صفقة الأسرى، وجاء فيها أنه سيتم في المرحلة الأولى إطلاق سراح 40 أسيراً إسرائيلياً من المحتجزين لدى “حماس” في قطاع غزة، بينهم 15 فوق عمر 50 سنة و13 مريضاً وسبع نساء، كما تشمل إطلاق سراح خمسة آخرين.

في المقابل سيتم إطلاق سراح 404 أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كما سيفرج عن 15 أسيراً ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن لفترات طويلة و47 آخرين كان قد تم الإفراج عنهم في صفقة “شاليط” وعادت إسرائيل واعتقلتهم مجدداً.

وفي الوثيقة اتفاق الأطراف على زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع التعهد ببذل كل المساعي اللازمة لتمكين دخول 500 شاحنة مساعدات إلى القطاع يومياً، مع نهاية المرحلة الأولى من الصفقة.

واتفق الأطراف، بحسب الوثيقة، على السماح بالاستخدام الكامل لمعبري رفح وكرم أبو سالم لعبور المساعدات الإنسانية، والاتفاق كذلك على بذل جهود من أجل فتح ممر بحري يسمح بنقل المساعدات إلى قطاع غزة عبر سفن آتية من قبرص في نهاية المرحلة الأولى من الصفقة أيضاً.

الوثيقة أشارت إلى أن أهداف المرحلة الأولى من الصفقة بين “حماس” وإسرائيل الإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين المدمجين تحت اسم “الملف الإنساني”، بما يتضمنه ذلك من نساء وأطفال (أقل من 19 سنة) ومسنين (أكبر من 50 سنة) وكذلك المرضى، مقابل عدد محدد من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.

وبحسب القناة فإن الوثيقة تؤكد ما نفاه مسؤولون إسرائيليون بأن تل أبيب تلقت عرضاً بإطلاق سراح سبع إسرائيليات أخريات قبل إجهاض الصفقة السابقة، لكن إسرائيل أصرت على 10 نساء أو لا شيء.

من جهتها نشرت قناة “كان” الإخبارية أنه من المتوقع عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من قطر اليوم الخميس، ثم يجتمع الكابينت الحربي والكابينت الموسع لبحث مسودة الصفقة.

ونقلت القناة عن مصدر دبلوماسي قوله “قطعنا شوطاً طويلاً في انتظار رد السنوار”.

وبعث الوسطاء في المفاوضات برسالة إلى إسرائيل بأن الاحتمال كبير في التوصل للصفقة قبل شهر رمضان.

اجتماع الكابينت

الكابينت الحربي للحكومة الإسرائيلية يجتمع اليوم الخميس للاطلاع على ما تمخض من اجتماع أمس الأربعاء في قطر الذي ناقش فيه الوفد الإسرائيلي للمفاوضات رد حركة “حماس” على المسودة الأخيرة للصفقة.

في تل أبيب تفاؤل قليل وقلق كبير من إمكان التوصل إلى اتفاق مع “حماس” حول صفقة الأسرى قبل شهر رمضان، وبعد تلقي إسرائيل إشارات من الوسطاء وُصفت بالسلبية لعدم توافق مسودة باريس للصفقة والخطوط الحمراء التي وضعتها الحركة وإصرارها على شروطها، فيما أعلنت “حماس” أنها استجابت لجهود الوسطاء ووافقت على مسار المفاوضات حول وقف العدوان وأبدت جدية ومرونة عالية.

وأوضح رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية أن الحركة “تبدي مرونة في التفاوض حرصاً على دماء شعبنا ولكن في المقابل فإننا على استعداد للدفاع عنه”.

لكن في إسرائيل تشكل بعض مطالب “حماس” خطوط حمراء ترفض تل أبيب التراجع عنها وهي وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش من غزة، وهما شرطان تريدهما الحركة في هذه الصفقة، فيما تعتبر إسرائيل تنفيذهما في هذه المرحلة خطاً أحمر وتطالب بتأجيلهما إلى آخر مرحلة في الصفقة.

وقال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين إن المشكلة الأساسية تكمن في التوصل إلى تفاهمات ومسودة اتفاق، ولكن في نهاية المطاف يرفضها ممثلو “حماس” سواء داخل غزة أو في الخارج، و”هذا يتسبب في تداخل النتائح، ولذلك كانت هناك حاجة للتوصل إلى أي تفاهمات بعد عرض المسودة على الحركة”.
ووفق يدلين، هناك خطوط مركزية في مسودة صفقة الأسرى ثلاثة منها تم الاتفاق عليها ولا نقاش حولها بالنسبة إلى عدد أيام الهدنة وعدد الأسرى الذين ستشملهم الصفقة سواء في غزة أو في السجون الإسرائيلية وكذلك المساعدات الإنسانية، فيما الخلاف على طلبين لـ”حماس” لا يمكن لإسرائيل الموافقة عليهما وهما التزام وقف تام للنار وإنهاء الحرب والثاني إخراج الجيش من غزة”.

وأضاف المسؤول الاستخباراتي السابق أن “إسرائيل تصر على تنفيذ الطلبين بعد المرحلة الأولى، أي في المرحلة الثانية للصفقة، والمفترض أن تكون الأخيرة وتشمل الجنود فيما (حماس) تريدهما في هذه الصفقة”.

وبالنسبة إلى المساعدات الإنسانية هناك مطالبة بمضاعفة عدد الشاحنات من 250 شاحنة إلى 500 شاحنة يومياً.

وهناك إشكالية أخرى بين الطرفين حول عودة النازحين لشمال القطاع بحيث تصر إسرائيل على عودة تدريجية تبدأ بالنساء والأطفال وترفض إدخال من هم في عمر بين 18 و50 سنة، كما تطالب بإعادة تموضع قواتها خارج المناطق المكتظة ووقف الاستطلاع الجوي لمدة ثماني ساعات يومياً، فيما تطلب “حماس” منع أي نوع من الطيران الجوي خلال الهدنة.

نازحو الشمال

في هذا الجانب أعلن وزير الدفاع يوآف غالانت أن إسرائيل حسمت موضوع شمال القطاع بمنعها عودة النازحين، وخلال جولة له في الجنوب أعلن أنهم لن يعودوا للشمال من دون إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع.

وفي سياق التحذيرات الإسرائيلية من خطر أي تصعيد عشية رمضان اتهم غالانت حركة “حماس” بالتنسيق مع إيران و”حزب الله” من أجل استغلال شهر رمضان وتحويله إلى مرحلة ثانية من خطتها التي بدأت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان غالانت أجرى تقييماً للوضع بمشاركة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) رونين بار والمدير العام لوزارة الدفاع إيال زمير ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أهارون حاليفا وغيرهم.

وبحسب غالانت، فإن إسرائيل ستبذل كل ما في وسعها لمنع “حماس” من تحقيق أهدافها في شهر رمضان “والمعنى هو تهدئة المنطقة بأي طريقة ممكنة وبينها منع أي شخص من شأنه أن يشكل خطراً على تصعيد الأوضاع الأمنية”، وهدد بالتعامل بحزم مع كل نشاط أو عمل من شأنه أن يشكل خطراً على أمن الإسرائيليين.

وحديث غالانت جاء بعد عرض تقرير للجيش و”شاباك” حذر من خطر تداعيات أي إجراءات بحق المصلين في الأقصى خلال شهر رمضان، وطالب مسؤولو الجيش و”شاباك” رئيس الحكومة بعقد اجتماع طارئ لإجراء بحث من جديد حول القيود التي ستتخذها إسرائيل بحق المصلين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، في محاولة للتخفيف منها منعاً لإشعال الوضع سواء في القدس أو بين فلسطينيي 1948.

في هذا الجانب، توجه إسماعيل هنية إلى فلسطينيي القدس و48 بضرورة شد الرحال إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وهو مطلب اعتبره الإسرائيليون استفزازياً بل تحدياً لقراراتهم.

وحذر تقرير لجهاز الأمن من ارتفاع احتمال تدهور أمني في الضفة الغربية “في موازاة القتال وانتشار القوات عند جميع الجبهات”.

نافذة الفرصة

أمام هذه الوضعية وتفاقم إمكانات التوتر الأمني في غضون الأيام الـ10 المقبلة، صعدت عائلات الأسرى الإسرائيليين احتجاجاتها وضغوطاتها على متخذي القرار للتوصل إلى صفقة قريبة، واعتبر الرئيس السابق لدائرة الأسرى والمفقودين في شعبة الاستخبارات آفي كانو أن الصفقة باتت تتجاوز بعدها الإنساني إلى بعد استراتيجي يستدعي استغلالها لخفض مستوى التوتر.

ووفق ما يرى من تقدم في محادثات الصفقة فإن “مسألة الأسرى ووقف النار لا تزال تشكل عائقاً بصورة تلزم الوسطاء بذل الجهود للجسر بين مواقف الطرفين”، ويضيف أن “هناك أيضاً احتمال التقدم في حل مسألة المخطوفين، وبذلك وضع خطة ’لليوم التالي‘ في القطاع وفي مجمل الساحة الفلسطينية مع دحر ’حماس‘ قدر الإمكان عن الساحة”.

ومن تجربته السابقة في صفقات أسرى، توجه كانو إلى متخذي القرار بالقول إن “الجدول الزمني لتحقيق الصفقة حتى حلول شهر رمضان في الـ10 من مارس (آذار) هو تحدٍّ، لكن يمكن بلورة وإقرار قوائم السجناء الذين سيتحررون، والمصادقة على القرار في الكابينت والحكومة واستنفاذ الإجراءات القانونية التي ينطوي عليها الأمر، بما في ذلك إمكان الالتماس إلى العليا بحسب القانون لمتضرري الإرهاب، وهذه المساحة الزمنية يمكنها أيضاً أن تسمح للجيش الإسرائيلي بتنظيم نفسه تمهيداً لوقف نار لمدة نحو ستة أسابيع”.

أما من ناحية البعد الاستراتيجي للصفقة، فقال آفي كانو إن أهميتها في هذا البعد تكمن في “تثبيتها كحجر أساس لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، بل تسوية إقليمية تتجاوز حرب غزة”.

وتابع أنه “كجزء بنيوي من التوترات حيال حكومة إسرائيل يحتاج الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استقرار المنطقة قبيل الانتخابات الرئاسية هذا العام وتهدئة التوتر في الحدود اللبنانية، وبناء على ذلك أيضاً عودة سكان الشمال لبيوتهم، وحتى التوصل إلى تفاهمات مع الحوثيين تتيح حركة آمنة في مسارات الملاحة الدولية وتحرير عنق الزجاجة في سلسلة التوريد واستقرار الأسواق، بما في ذلك في الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني غلاء إضافياً في جداول البضائع المستوردة بسبب الأزمة”.

شاهد أيضاً

التأثير السلبي لحرب غزة على الأوضاع الحقوقية في إسرائيل

الشرق اليوم-  الصراع في غزة قد فاقم من حالة حقوق الإنسان في إسرائيل، وأشار التقرير …