الرئيسية / مقالات رأي / صفقة برسم التوافق

صفقة برسم التوافق

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- تراجَعَ منسوب التفاؤل الذي ساد مؤخراً عقب اتفاق باريس الإطاري، لإبرام صفقة تبادل حول الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، لتتحول الصفقة نفسها إلى رهينة للخلافات التي تعصف بين أطرافها، بانتظار عودة التوافق المحتمل بين هذه الأطراف.

سرعان ما تبخر الحديث الذي كان يدور حول إمكانية إبرام هذه الصفقة قبل حلول شهر رمضان المبارك، ليحل مكانه حديث التهديد والوعيد باجتياح رفح، الملاذ الأخير لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا تحت القصف الإسرائيلي إلى هذه المنطقة، باعتبارها منطقة آمنة.

كان يمكن أن تُفهم هذه التهديدات على أنها نوع من التفاوض بالنار للحصول على تنازلات أو تحسين شروط التفاوض، لكن سرعان ما تبين أيضاً أن المسألة أبعد من ذلك، بعد أن ربط نتنياهو خسارة إسرائيل للحرب بعدم اجتياح رفح، رغم التقديرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بعدم صحة ذلك، ورغم الضغوط الدولية لمنعه من ارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة.

وفي الحقيقة، لا يبدو أن المسألة تتعلق بانتصار نتنياهو، بقدر ما يتعلق الأمر بحساباته السياسية الداخلية والشخصية، والخلافات الإسرائيلية التي امتدت إلى داخل مجلس الحرب حول أولوية استعادة الرهائن أو الاستمرار في الحرب. فمَنْ تراجع عن ورقة باريس هو نتنياهو، على الرغم من تفويضه رئيس جهاز الموساد بقيادة المفاوضات، ليس بسبب طول فترة الهدنة أو عدد الأسرى الفلسطينيين الذين ينبغي الإفراج عنهم، كما يدعي، وإنما لأنه لا يريد أي اتفاق يفضي إلى إنهاء الحرب. فهو يعتبر أن إنهاء الحرب في هذه المرحلة يعني إنهاء مسيرته السياسية، وربما ذهابه إلى السجن لمسؤوليته عن إخفاق «7 أكتوبر»، والمحاكمات التي تنتظره في قضايا الفساد. وبالتالي فقد تعمَّد عرقلة مفاوضات القاهرة مؤخراً، بعدما اضطر لإرسال وفد مقيد الصلاحيات، تحت ضغط الولايات المتحدة التي تعول كثيراً على إبرام صفقة تبادل، بما يخدم مصالحها في المنطقة، وتوظيفها كإنجاز في حملة بايدن الانتخابية.

وعلى هذه الخلفية، يتزايد التوتر بين واشنطن ونتنياهو، المدعوم بحلفائه في اليمين المتطرف وأيدلوجيتهم القائمة على الاحتلال والاستيطان، بما يمكنه من إطالة أمد الحرب، والقدرة على مناكفة الولايات المتحدة، خصوصاً بعدما قيل عن فتح واشنطن قناة اتصال مباشرة مع عضو مجلس الحرب بيني غانتس.

ويذهب نتنياهو إلى أبعد من ذلك، في إظهار الخلاف مع واشنطن إلى العلن، حول اليوم التالي للحرب، بالإعلان عن رفضه قيام دولة فلسطينية، وتحشيد الرأي العام للحفاظ على قاعدته الانتخابية، وتأكيد أنه الوحيد القادر على مواجهة الولايات المتحدة. لكن ثمة من يقول إن نتنياهو يبحث من وراء كل هذا التصعيد، عن ضمانات شخصية بعدم محاكمته أو المساس به في حال إنهاء مسيرته السياسية. وبين هذا وذاك، تبقى صفقة التبادل رهينة لدى جميع الأطراف، ريثما تجد طريقاً للتوافق حولها.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …