الرئيسية / دراسات وتقارير / هل يدخل “وسيط” عربي لتطبيق القرار 1680 بين لبنان وسوريا؟

هل يدخل “وسيط” عربي لتطبيق القرار 1680 بين لبنان وسوريا؟

بقلم: طوني بولس- اندبدنت
الشرق اليوم– حفلت المرحلة الممتدة من عامي 2004 إلى 2007 بإصدار مجلس الأمن الدولي سلسلة قرارات متعلقة بلبنان، بدأت في الثاني من سبتمبر (أيلول) من عام 2004 بالقرار 1559 الذي بموجبه انسحب الجيش السوري من لبنان ويتضمن بنوداً تطالب الدولة اللبنانية بسحب سلاح جميع الميليشيات، وفي الـ11 من أغسطس (آب) 2006 أصدر مجلس الأمن بالإجماع القرار 1701 الذي بموجبه توقفت الأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل، وفي الـ17 من مايو (أيار) صدر القرار 1680 الذي شجع سوريا على الاستجابة بصورة إيجابية لطلب لبنان تعيين الحدود وإقامة علاقات دبلوماسية بهدف تأكيد سيادة لبنان، وبعدها تم اعتماد القرار رقم 1757 بالإجماع في الـ30 من مايو 2007، الذي ينص على إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تحت الفصل السابع.

وعلى رغم مرور نحو 20 عاماً على صدور تلك القرارات فإنها بقيت مجمدة وطبقت جزئياً وانتقائياً في بعض البنود، إلا أنه مع اشتعال جبهة جنوب لبنان بين “حزب الله” وإسرائيل، عاد الحديث عن تلك القرارات، لا سيما القرار 1701، والذي بات محور الحركة الدبلوماسية الدولية لإعادة الهدوء إلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ومنع توسع الحرب.

إلا أن بعض الأوساط السياسية والدبلوماسية ترى أن الحل الجذري لترتيب الأوضاع في الجنوب لا تكتمل بتنفيذ القرار 1701 ومعالجة النقاط الـ13 المتنازع عليها مع إسرائيل، إذ تكمن المعضلة الكبرى في قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا البالغة مساحتها 200 كيلومتر مربع، والتي تحتلها إسرائيل تحت ذريعة أنها أراض سورية تابعة للجولان وغير مرتبطة بالقرار الدولي 425 الذي تعتبر أنها نفذته بانسحابها في الـ25 من مايو عام 2000، بالتالي لفك تلك العقدة يستوجب الأمر تطبيق القرار الدولي 1680 الذي يلزم سوريا ترسيم حدودها مع لبنان.

إطاحة القرار

وفي هذا السياق يؤكد عدد من الوزراء في حكومات متعاقبة أن “حزب الله” أجهض أكثر من محاولة داخل الحكومة اللبنانية في عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان لمطالبة سوريا بالتنسيق مع لبنان حول ترسيم الحدود، معتبرين أن الحزب يستغل “ضبابية” هوية مزارع شبعا ووضعها المعقد للتذرع بأن هناك أراضي محتلة بهدف إعطاء بعد شرعي لسلاحه.

ووفق المعلومات فإن “حزب الله” عبر الحكومة اللبنانية حاول خلال العامين الماضيين، وقبيل انعقاد جلسات مجلس الأمن الدولي لتجديد ولاية قوات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان، اقتراح نص لقرار التمديد يشطب الفقرة التي تشير إلى مرجعية القرارين 1559 و1680، إلا أن أياً من الدول الخمسة الكبرى لم توافق للإشارة إليها في مسودة الصيغة المقدمة لمجلس الأمن.

في حين يشير مصدر مقرب من “حزب الله” إلى أن المرحلة التي امتدت من عام 2011 شهدت سوريا حرباً كبرى بهدف إسقاط النظام فيها، وكان من الصعب حينها المطالبة بترسيم الحدود، لافتة إلى أن الحزب كان يعارض ترسيم الحدود ضمن أجندة دولية كالتي ينص عليها القرار 1680 وباقي القرارات التي برأيه هدفها إخضاع الحزب وتحويل لبنان إلى مستعمرة أميركية.

وسيط عربي

وفي الوقت الذي تزدحم فيه الساحة اللبنانية بالموفدين الدوليين لتطبيق القرار 1701، ولا سيما عبر الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين، الذي يسعى إلى استكمال نجاحه بالترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل بترسيم الحدود البرية والتوصل إلى حلول حول النقاط المتنازع عليها، إلا أن بعض المحللين يتخوفون من اصطدام مهمته بقضية مزارع شبعا كونها مرتبطة وفق القرار 1680 بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا في وقت لا تزال فيه الولايات المتحدة تقاطع النظام السوري وتخضعه لسلسلة عقوبات أبرزها قانون “قيصر”.

وفي رأيهم هناك ضرورة لتدخل جامعة الدول العربية، بخاصة بعد إنهاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة ومشاركة رئيسها بشار الأسد في قمة الرياض، أو دخول إحدى الدول العربية كوسيط لتطبق القرار 1680 الذي يضع حداً لضياع هوية الأراضي ويصبح بالإمكان إلزام إسرائيل الانسحاب منها في حال أقرت سوريا بلبنانيتها.

حسن النوايا

أوضح المتخصص القانوني المحامي سعيد مالك أن حل قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا لا يمكن أن يبدأ قبل أن تعترف الحكومة السورية بصورة رسمية بلبنانية تلك الأراضي كونها تقع على أراض غير مرسمة بين لبنان وسوريا، وذلك عن طريق وثيقة تبلغ إلى الأمم المتحدة، بالتالي الأمر في حاجة ماسة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات، وفي حاجة أيضاً إلى صدق في النوايا من قبل الطرفين والفريقين. وأكد أن مقاطعة أميركا والغرب للنظام السوري لا يمكن أن تعرقل عملية الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا، فإذا كانت الحكومة السورية صادقة بتسهيل هذا الأمر وبت هوية تلك الأراضي باستطاعتها إبلاغ وثيقة بذلك إلى الأمم المتحدة أصولاً، وتصبح إسرائيل ملزمة بالانسحاب منها كونها لم تعد بإمكانها التذرع بأنها تابعة للجولان السوري.

الحدود والميليشيات

من جانبه رأى المحلل العسكري العميد الركن خالد حمادة أن الظروف التي صدر فيها القرار 1680 أتت بعد انسحاب الجيش السوري تنفيذاً للقرار 1559 وبعد اجتماعات عدة لطاولة الحوار الوطني التي طالبت بمجموعة قضايا أهمها تطبيق الدستور ونزع سلاح جميع الميليشيات، وكذلك أتى القرار الدولي 1680 لمطالبة الحكومة السورية بالتجاوب مع لبنان على صعيد تحديد الحدود بين الدولتين، بما في ذلك مزارع شبعا، وكذلك طالب الحكومة بمزيد من التشديد في شأن دخول المسلحين والسلاح إلى لبنان.

هذا القرار أصبح حالياً، وفق حمادة، كغيره من القرارات التي وضعت في “الثلاجة”، أولاً لعدم تجاوب النظام السوري في هذا الخصوص، وثانياً يعود لهيمنة “حزب الله” على القرار السياسي في لبنان وعلى أي حكومة يمكن تشكيلها، بالتالي هو الذي منع الذهاب في أي من البنود التي نص عليها القرار. وقال “اليوم عندما يكون هناك نية وقدرة في لبنان للمطالبة بتحديد الحدود مع سوريا، أولاً يجب أن يكون هناك قبول من الطرفين، وهذا غير موجود من قبل الجانب السوري والطلب اللبناني لسوريا بترسيم الحدود، كذلك لا يمكن الاتفاق عليه بسبب التناقض في الحكومة، وبسبب هيمنة (حزب الله) الذي يعتبر أنه ليس من حق لبنان الطلب بتحديد الحدود، وهذا يجب أن يبحث بطريقة ما، مما يجعل ذلك متعذراً”.

وفي رأيه “لا علاقة لمقاطعة الولايات المتحدة للنظام السوري بهذه المسألة لأن سوريا دولة معترف بها، وهي عضو في الأمم المتحدة، ولبنان كذلك، وبالتالي من حقه أن يطالب بترسيم هذه الحدود، في المقابل يربط النظام السوري و(حزب الله) في الداخل وأنصاره من الفرقاء السياسيين هذه المسألة بالموقف من النظام، بالتالي الموضوع السيادي لا مكان له داخل هذه الحكومة في لبنان ولا داخل هذه التركيبة السياسية التي يسيطر عليها (حزب الله)، كذلك فإن النظام السوري ليس من الوارد أن يتجاوب لأنه قبل اندلاع الأحداث في سوريا في مارس 2011 حاول لبنان مرات عديدة، وكان النظام يلجأ إلى مجموعة من الافتراضات والتقنيات التي كانت تمنع المباشرة في هذا الموضوع”.

وفي هذا الجو الذي نعيش فيه يقول حمادة “إذا لم يثبت النظام الدولي قدرته على تثبيت الاستقرار واحترام سيادة الدول واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، أعتقد أن مسألة الحدود والقرار 1680، وحتى سيادة لبنان على أراضيه تضاف إلى القرار 1701 الذي يتعذر تطبيقه”.

قوات دولية

وفي السياق، اعتبر الصحافي والكاتب السياسي علي حمادة، أن الحديث عن القرار 1680 غير مطروح في الوقت الحاضر، والموضوع لا يعود فقط إلى مشكلة النظام السوري مع المجتمع الدولي ورفض النظام البحث في هذا الموضوع، إنما يعود لأسباب داخلية لبنانية، حيث هناك انقسام عمودي بين اللبنانيين في شأن القرار 1680.

ويضيف أن هذا القرار يتعلق بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، إضافة إلى إمكانية نشر القوات الدولية على الحدود الشرقية للبنان لوقف تهريب السلاح وجميع الممنوعات عبر الحدود بين البلدين، وهذا الأمر يرفضه “حزب الله” وأحزاب الممانعة المتحالفة معه.

وللتدليل على ذلك يقول حمادة إن القرار 1701 الذي وافق عليه “حزب الله”، كما كل القوى اللبنانية، ووافقت عليه الدولة أيضاً، ولا تزال حتى اليوم تطالب به، لم يعد بالإمكان تطبيقه نظرياً، وعلى رغم من وجود قوات دولية على الحدود الجنوبية، فهو غير قابل للتطبيق، بالتالي ليس هناك من إمكانية لمقاربة مسألة مزارع شبعا من زاوية القرار 1680 على اعتبار أن هذا القرار متعلق بسوريا وليس بلبنان الذي يعتبر من دون جدال أنه ليس في حاجة للتفاوض مع سوريا في شأن موضوع مزارع شبعا ولا مع إسرائيل، وأنها أراضٍ محتلة و”حزب الله” يضع هدف تحرير هذه المنطقة كغطاء أساس لاستمراره بنشاط عسكري ومسلح على الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل.

شاهد أيضاً

هل تؤثر تظاهرات الجامعات الأمريكية على إدارة بايدن؟

الشرق اليوم– ناشدت الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة الطلاب المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين إخلاء المخيمات، …