الرئيسية / مقالات رأي / أوروبا تجرب حظها

أوروبا تجرب حظها

الشرق اليوم- من أهم إنجازات عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، أنها أعادت وضع القضية الفلسطينية على رأس أولويات الاهتمام العالمي، بعد أن كاد يطويها النسيان، أوتتحول إلى قضية هامشية في مجرى الصراعات والمصالح الدولية.

خلال السنوات الماضية منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، الذي استضافته إسبانيا برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، ثم اتفاقية أوسلو عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل بشأن ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي وصولاً إلى قيام دولة فلسطينية بعد خمس سنوات، جرت مياه كثيرة في نهر القضية الفلسطينية كلها كانت مياهاً عكرة، لأن الجانب الإسرائيلي ومعه “الراعي الأمريكي” كانا يمارسان لعبة الهروب من تنفيذ أي استحقاق لفرض أمر واقع ينتهي بتصفية القضية الفلسطينية، من خلال المزيد من الاعتداءات على الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوسيع رقعة الاستيطان والتهويد، بحيث لم يعد من مكان تقوم عليه دولة فلسطينية. لقد جرب الفلسطينيون مؤتمر مدريد، واتفاقية أوسلو، ومؤتمرات واجتماعات متنقلة، ومفاوضات لأكثر من عشرين عاماً، واللجنة الرباعية التي وضعت خارطة طريق، وكلها تبخرت وتبخرت معها كل الجهود التي بُذلت، حتى إن خزانة الفلسطينيين امتلأت بالمبادرات في حين ظلت خزانة الحلول فارغة.

وأخيراً، قرر الاتحاد الأوروبي على وقع حرب الإبادة في قطاع غزة أن يتحرك، تزامناً مع دعوات كثيرة تطالب بالحل على أساس “الدولتين” في مسعى لوضع حد للطغيان الإسرائيلي وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الإسباني جوزيب بوريل قدم مبادرة من 10 نقاط لحل “شامل وموثوق” للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تستهدف تصميم إطار للسلام خلال عام واحد، وتحدد خطوات إجرائية، يمكن حسب بوريل أن تحقق السلام في قطاع غزة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بالإضافة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وضمان الأمن على المدى الطويل في المنطقة. وتتمحور المبادرة حول “مؤتمر تحضيري للسلام”، وتنص على جمع الجهات الفاعلة الرئيسية، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر والأردن والسعودية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، على أن تكون هذه الجهات على تواصل دائم مع إسرائيل والفلسطينيين، وعلى أن تتناول المبادرة العناصر الأساسية للسلام الشامل بناء على قرارات الأمم المتحدة السابقة.

المبادرة ستواجه الكثير من العقبات، من بينها ما إذا كان تم التشاور بشأنها مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي يتخذ بعضها مواقف مزدوجة، وما إذا كان يضمن موافقة إسرائيل عليها، إضافةً إلى الآليات والضمانات من جانب واشنطن وتل أبيب كي لا تلحق بغيرها من المبادرات والجهود الدولية والإقليمية.

جهد بوريل لإيجاد حل لقضية العصر، بعد أن عجز الكون كله عن حلها على مدى قرن من الزمان، يمكن أن يدخل التاريخ إذا نجح.. لا بأس أن يجرب بوريل لعله ينجح، حيث فشل غيره.

شاهد أيضاً

بأية حال تعود الانتخابات في أمريكا!

بقلم: سمير التقي – النهار العربي الشرق اليوم- كل ثلاثة او أربعة عقود، وفي سياق …