الرئيسية / مقالات رأي / ترامب وكلينتون… في فخّ الموساد؟

ترامب وكلينتون… في فخّ الموساد؟

بقلم: عمّار الجندي- النهار العربي
الشرق اليوم– جيفري إبستين الملياردير الأميركي الذي اشتهر بسبب جرائمه الجنسية ضد قاصرات على مدى سنوات، و”صداقاته” مع العديد من أصحاب النفوذ والشهرة والثروة، كان أيضاً جاسوساً إسرائيلياً، كما يُشاع! سيرته مليئة بالتناقضات. وثمة فيض من الحكايات الرائجة عنه، التي يسبح بعضها في عالم الخيال، وبعضها الآخر تآمري مفعم بالإثارة.
قيل إن الممول الكبير كان يبتز شخصيات مثل الرئيسين الأميركيين بيل كلينتون ودونالد ترامب، وصديقهما إيهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل، والأمير البريطاني أندرو، علاوة على عشرات المشاهير، بواسطة المراهقات اللواتي استغلهن.

وأُفيد بأن إبستين توفي منتحراً في زنزانته. إلا أن صديقته وشريكته في جرائمه غيسلين ماكسويل، ترجح أنه قد قُتل. فهل تمت تصفيته بناءً على رغبة شخص أو مؤسسة كالموساد مثلاً؟

كاد العالم ينساه ويكف عن محاولة اكتشاف أسرار جرائمه. وعندما قررت محكمة أميركية أخيراً نزع السرية عن 19 من الوثائق المتعلقة بالدعوى التي رفعتها فيرجينيا جوفري ضده، والكشف عن أصحاب الأسماء الواردة في نحو 300 صفحة، تأجج الجدال حوله من جديد.

من الواضح أنه كان على علاقة بعدد من أصحاب الوزن الثقيل في عالم السياسة. ومن المرجح أيضاً أنه كان مولعاً بالتباهي بصداقاته المزعومة مع فنانين مثل ليوناردو دي كابريو وكاميرون دياز. وقد أنكر هذان أي صلة به. كما شدّد جميع من اتهموا بصداقته على أنهم عرفوه معرفة عابرة ولا علم لهم بجرائمه من قريب أو بعيد.

لم يكن المجرم الثري يعيش في عزلة عن الجميع مع “فتياته”! قد يغض المرء الطرف عن كلام مزعوم نِسب لإبستين من قبيل أن “كلينتون يحبهن صغيرات السن” ربما يكون قد أطلقه للتفاخر. لكن كيف لنا أن نتجاهل مديح ترامب العلني لصديقه والتلميح بأنهما يتشاركان الولع بالحسناوات وهن في مقتبل العمر؟

والصور لا تكذب دائماً. كما أن ثمة أدلة قاطعة إلى زيارات قام بها كلينتون وترامب وعدد من المشاهير إلى قصوره وجزيرته في البحر الكاريبي. وتفيد تقارير مثلاً بأن باراك التقاه نحو 30 مرة، وتوجه إلى دارته في مانهاتن عام 2016، في وقت شوهدت ثلة من الحسناوات وهن يدخلن إليها ويخرجن، على ذمة الرواة والصور التي نشرتها صحيفة “ديلي ميل”!

وربما كانت هناك أشرطة فيديو تثبت أن بعض كبار زواره قد تلقوا “خدمات” خاصة! ساره رانسوم (40 عاماً)، التي كانت من ضحايا إبستين، تقول إنه “ليس سراً أن كل شيء كان يجري تسجيله”. وتزعم أن الملياردير صور أشرطة فيديو لأصدقائه العديدين وهم في أوضاع فاضحة. وقالت: “لقد رأيت التسجيلات في مكتبه”.

في رسائل بعثت بها بالبريد الإلكتروني في 2016 وكُشف عنها بين الوثائق المنشورة أخيراً، لفتت رانسوم إلى أن هناك تسجيلات لكل من كلينتون والأمير آندرو وبرانسون وترامب في السرير مع امرأة مجهولة بعينها، أسرّت لها بتفاصيل ما عانته، وبإعجاب ترامب بها. وقد أجبرت تهديدات ماكسويل وآخرين رانسوم على التراجع عن هذه الأقوال علناً في 2019، كما أكدت قبل أيام حينما عاودت التشديد على أن ما ذكرته قبل 8 سنوات كان صحيحاً.

فهل عمد هذا “الوحش” إلى تقديم “خدمات” لشخصيات من نسيج كلينتون وترامب وبيل غيتس وباراك وبرانسون… ووثق الوقائع بالصوت والصورة لابتزازهم في مرحلة ما؟ والأهم هو هل حرص على جمع الأدلة عنهم لكي يستعملها هو، أم أنه عمل لمصلحة جهة ما كان يلبي رغباتها أولاً بأول؟

إحدى أبرز الإجابات، أتت من آري بن ميناشي عميل الاستخبارات الإسرائيلية السابق العراقي-الإيراني الأصل، الذي قال لتلفزيون روسيا اليوم في 2020 إن إبستين كان عميلاً لجهاز “الموساد” الإسرائيلي الذي استخدمه لسنوات عدة للحصول على “أدلة” من شأنها إجبار البعض على التصرف بطريقة “ودية” مع إسرائيل وقت الحاجة! وتقول ويكبيديا إن بن ميناشي كان أول من فضح شحنات الأسلحة التي كانت تقدمها أميركا إلى إيران في إطار صفقة “إيران-كونترا”.

ولماذا يصبح ملياردير أميركي له هذه المكانة المالية جاسوساً لدى جهة أجنبية؟ من ناحية ثانية، ما الذي يمكن أن يدفع أشخاصاً لهم هذا النفوذ والثروة على المجازفة في الانغماس بالملذات في قصور إبستين، مع أن بوسع كل منهم أن يحصل وحده وبشكل آمن على ما كان يوفره له الملياردير الراحل وأكثر؟

من المستحيل العثور على الجواب الشافي حول سؤال افتراضي من هذا النوع. بيد أن هناك صوراً له ولضيوفه و”الفتيات” ضمت الوثائق الأخيرة عدداً منها. كما أن سجلات أسطوله من الطائرات الخاصة المؤلف من بوينغ 727 واثنتين من طائرات غالف ستريم، على الأقل، وشهادات بعض موظفيه مثل الطيارين والحراس، تثبت أن كلينتون وباراك وترامب وغيرهم من النافذين قد سافروا على متنها مراراً.
وحتى إذا سلمنا جدلاً بأن بعض أولئك قد وقعوا في الفخ الذي نصبه لهم إبستين بتكليف من الموساد، فكيف يمكن تبرير تحايل الاستخبارات الإسرائيلية على باراك، أو على المحامي الأميركي الشهير آلان ديرشوفيتز، وتسجيل “شريط” فاضح لأي منهما؟ وهل يعقل أن يبتز جهاز الموساد من هو صهيوني أكثر منه ذاته؟

نفى ديرشوفيتز الاتهامات بشدة، مثله مثل جميع من وردت أسماؤهم في الوثائق. لكن يبدو أن ذلك لم يقنع حتى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قيل إنه كان حريصاً على تكليف ديرشوفيتز بقيادة فريق الدفاع عن إسرائيل في محاكمة لاهاي الأخيرة. ولا يستبعد أنه قد غيّر رأيه بعد نشر الوثائق والحديث عن أن هناك “تسجيلات خاصة” لزيارات قام بها المحامي البارع لقصور إبستين.

ربما كان ما قالته رامسون أو بن ميناشي عن إبستين و”أصدقائه” مليئاً بالثغرات. بيد أن لكل منهما صدقيته وسجلاً معروفاً لجهة الإدلاء بمعلومات صحيحة. فهي كادت تكسب دعوى رفعتها ضد الملياردير الذي اضطر إلى تسوية الأمر خارج المحكمة. ويكفي ميناشي ما قاله عن فضيحة “إيران كونترا” للتعامل بجدية مع مزاعمه عن إبستين.

على أي حال، المعلومات المنقولة عنهما إضافة إلى النتف المتداولة عن إبستين وجرائمه لا تساعد على فك ألغاز حياته الغامضة. ولعل شريكته ماكسويل التي كان قد قدمها له والدها، تعرفه أكثر من غيرها. وهذه السيدة التي دينت بالاشتراك بالإتجار بالبشر وتقبع حالياً في زنزانتها، تدرك أيضاً مدى خطورة التفوه بكلمة. ويقول بن ميناشي، إنها عميلة للموساد، مثل والدها الذي تخلص جهاز منه الاستخبارات الإسرائيلي حينما شكّل خطراً عليه!

شاهد أيضاً

تركيز أميركي على إبعاد الصين وروسيا عن أفغانستان!

بقلم: هدى الحسيني- الشرق الأوسطالشرق اليوم– لا شك في أن كل الأنظار تتجه إلى التطورات …