الرئيسية / مقالات رأي / دعم بايدن لإسرائيل يكلفه دعم الناخبين الشباب

دعم بايدن لإسرائيل يكلفه دعم الناخبين الشباب

بقلم: نيت كوهن- الشرق الأوسط
الشرق اليوم– حتى هذا الصيف، كان سيُعد من المثير للدهشة البالغة لو أن استطلاعاً للرأي أظهر تقدم الرئيس السابق دونالد ترمب في أوساط الناخبين الشباب.

ومع ذلك، أصبح الأمر مألوفاً الآن على نحو متزايد. وفي هذا الصدد، لم يكن استطلاع الرأي الجديد الذي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، بالتعاون مع «سيينا كوليدج»، على المستوى الوطني، استثناءً.

ولأول مرة، تقدم ترمب على الرئيس جو بايدن بين الناخبين الشباب في استطلاع وطني أجرته «نيويورك تايمز» و«سيينا كوليدج»، بنسبة 49 في المائة مقابل 43 في المائة. وتكفي هذه النسبة لمنح ترمب تقدماً طفيفاً بنسبة 46 – 44 على مستوى الناخبين المسجلين عموماً.

عادة، لا يستحق الأمر التوقف كثيراً عند عينة فرعية من استطلاع واحد، لكن اللافت أن هذه النتيجة تحولت إلى الرسالة الأساسية المرتبطة بالناخبين الشباب في جميع استطلاعات الرأي الرئيسية تقريباً خلال المرحلة الراهنة. وكشفت استطلاعات الرأي التي أجريناها داخل الولايات التي ستمثل ساحات المعارك الحقيقية في الخريف أمراً مشابهاً، مع تقدم بايدن بفارق نقطة واحدة في أوساط الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً. ويشكل هذا تحولاً كبيراً عن تقدم بايدن بفارق 21 نقطة في استطلاعنا الأخير قبل انتخابات التجديد النصفي، أو تقدمه بـ10 نقاط في استطلاعنا الوطني الأخير في يوليو (تموز).

في الواقع، ثمة تفسير معقول للتحول الذي طرأ خلال الأشهر الأخيرة: إسرائيل.

ومثلما أفاد زملائي جوناثان وايزمان وروث إيغيلنيك وأليس مكفادين، أبدى الناخبون الشباب في استطلاعات الرأي وجهة نظر سلبية للغاية تجاه سلوك إسرائيل الأخير؛ فهم يرون بأغلبية ساحقة أن إسرائيل لا تفعل ما يكفي لمنع سقوط ضحايا من المدنيين في قطاع غزة، ويعتقدون أن إسرائيل غير عابئة بالسلام، بجانب إيمانهم بضرورة أن توقف إسرائيل حملتها العسكرية، حتى لو كان ذلك يعني عدم القضاء على «حماس».

وربما يساورك اعتقاد بأن الناخبين الشباب الذين يميلون إلى الآراء التقدمية أو حتى اليسارية سيكونون من بين الأكثر احتمالاً لأن يتمسكوا ببايدن، على الأقل في الوقت الراهن. إلا أن الواقع على الأرض مختلف. الحقيقة أن ناخبي بايدن المنتمين إلى العشرينات من العمر أصحاب الآراء المناهضة لإسرائيل، هم الأكثر احتمالاً للتعبير عن تحولهم إلى معسكر ترمب.

وبشكل عام، يحوز ترمب على تأييد 21 في المائة من ناخبي بايدن الشباب المنتمين إلى العشرينات من العمر ممن يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من إسرائيل، بينما استحوذ على تأييد 12 في المائة من ناخبي بايدن الشباب الآخرين المنتمين للفئة العمرية ذاتها. وفي إشارة أشد لفتاً للأنظار إلى الانشقاقات بصفوف مؤيديه، تقدم بايدن بنسبة 64 – 24 فقط بين ناخبيه من الشباب في العشرينات الذين يرون أن إسرائيل تقتل المدنيين عمداً، مقارنة بتقدمه بنسبة 84 – 8 بين ناخبيه من ذات الفئة العمرية الذين لا يعتقدون أن إسرائيل تتعمد قتل المدنيين.

ثمة احتمال أن أنماط الناخبين الشباب المعارضين لإسرائيل عارضوا بايدن بالفعل قبل الحرب. هذا أمر لا يمكن استبعاده. ومع ذلك، تبقى هناك أدلة تشير إلى أن معارضة الحرب نفسها ربما تسهم في إضعاف موقف بايدن غير المعتاد بصفوف الناخبين الشباب.

وفيما يلي بعض النتائج الأخرى التي خلص إليها الاستطلاع:

هل يتقدم بايدن بأوساط الناخبين المحتملين؟ رغم أنه متقهقر بين الناخبين المسجلين، يظل بايدن متقدماً بالفعل على ترمب في أول قياس لدينا للناخبين المحتملين لعام 2024، بنسبة 47 في المائة مقابل 45 في المائة.

وتبقى هناك أسباب واضحة وراء هذا الأمر؛ فقد أظهرت استطلاعاتنا باستمرار أن أداء بايدن أفضل في أوساط الناخبين المنتظمين والمتفاعلين للغاية، خصوصاً أولئك الذين صوتوا في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة. خلال تلك الاستطلاعات، كان الناخبون الجمهوريون الأشد ولاءً هم أولئك الذين صوتوا عام 2020، وليس عام 2022. ويساعد ذلك في تفسير سبب استمرار الديمقراطيين في تقديم أداء جيد في الانتخابات الخاصة ذات الإقبال المنخفض، رغم أنهم يكافحون في استطلاعات الرأي للناخبين المسجلين أو البالغين.

إلا أنه في هذا الاستطلاع بالذات، لا يقتصر الانقسام على التمييز بين الناخبين في الانتخابات النصفية والناخبين الذين لم يصوتوا في الانتخابات النصفية، وإنما امتد إلى ما بين الأشخاص الذين صوتوا في الانتخابات العامة لعام 2020 وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وكشفت النتائج تقدم بايدن بفارق 6 نقاط بين الناخبين الذين شاركوا في انتخابات 2020، في حين تقدم ترمب بفارق 22 نقطة بين أولئك الذين لم يصوتوا عام 2020. من جهتنا نرى أن من لم يدلوا بأصواتهم عام 2020 أقل احتمالاً لأن يشاركوا في التصويت خلال عام 2024. ولهذا السبب يظهر بايدن في المقدمة بين الناخبين المحتملين.

في مجمله، يبدو هذا نمطاً مثيراً للاهتمام، لكن هناك ما يدعونا للحذر هنا.

أولاً: لم تكشف استطلاعات الرأي السابقة التي أجريناها أي شيء بهذا القدر من التطرف، بما في ذلك الاستطلاع الذي أجريناه قبل 8 أسابيع. هذا لا يعني أن هناك خطأ، وإنما ينبغي الانتباه إلى أن عينتنا من غير الناخبين في عام 2020 ضمت 296 مشاركاً فقط، وهي عينة صغيرة للغاية لا تتيح الخروج منها باستنتاجات جدية.

بجانب ذلك، كشفت استطلاعات الرأي أن الأشخاص الذين صوتوا عام 2020 دعموا بايدن في مواجهة ترمب بفارق 10 نقاط في انتخابات 2020، بنسبة 51 في المائة مقابل 41 في المائة، بينما في الواقع، فاز بايدن بفارق 4.5 نقطة.

الآن، هناك سبب وجيه ربما يدفع المشاركين أقل احتمالاً للإعلان عن دعمهم ترمب خلال الاستطلاع الذي أجريناه؛ فقد اختتمنا الجزء الموضوعي من الاستطلاع بسلسلة من الأسئلة حول المعارك القانونية القادمة لترمب، بما في ذلك ما إذا كان قد ارتكب جرائم، وما إذا كانت ستجري محاكمته، وما إذا كان ينبغي الزج به في السجن، وما إلى ذلك. وبعد ذلك، في نهاية الاستطلاع، سألناهم عن كيفية تصويتهم عام 2020.

وعليه، من المحتمل أن هذه الأسئلة حول مشكلات ترمب القانونية جعلت أنصاره أقل ميلاً للاعتراف بدعمه في انتخابات عام 2020. في الواقع، كان الجمهوريون المسجلون الذين لديهم سجل تصويت في عام 2020 أكثر احتمالاً بثلاثة أضعاف عن الديمقراطيين لأن يرفضوا إخبارنا بمن دعموه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ومع ذلك، من الممكن كذلك أن عينتنا قد تضمنت بالفعل عدداً كبيراً للغاية من ناخبي بايدن المنتمين إلى العشرينات بالعمر مقارنة بغير الناخبين، ما يؤدي إلى تحول غير متوازن في مكانته بين الناخبين المحتملين.

في كل مرة أرى فيها ما يبدو وكأنه نتيجة مجنونة – مثل تقدم ترمب بين الناخبين الشباب أو وجود فجوة تبلغ نحو 30 نقطة بين الناخبين لعام 2020 وغير الناخبين – أعتقد أنني سأتعمق أكثر في البيانات لتتبع العلامات التي تشير إلى وجود أمر ما مغلق لم أطلع عليه بعد.

شاهد أيضاً

أيهما أخطر؟

بقلم: محمد الرميحي – النهار العربي الشرق اليوم- جاء الزمن الصعب لنسأل أنفسنا: أيهما الأكثر …