الرئيسية / دراسات وتقارير / الأحزاب تحاول العودة بحلة جديدة للساحة السياسية في تونس

الأحزاب تحاول العودة بحلة جديدة للساحة السياسية في تونس

بقلم: صغير الحيدري- اندبندنت
الشرق اليوم– تشهد تونس حراكاً سياسياً لافتاً مع توجه بعض الأحزاب إلى تجديد قياداتها أو الإعلان عن برامج للمرحلة المقبلة، مما يؤشر على عودتها للساحة إثر جمود دام أشهراً وأثار تكهنات واسعة النطاق في شأن مصير الحركة الحزبية بالبلاد.
وأعلن حزب “آفاق تونس” المعارض الذي كان رقماً مهماً في المعادلة السياسية في البلد بعد عام 2011، عن انتخاب ريم محجوب رئيسة له، خلفاً لفاضل عبدالكافي الذي استقال في ظروف غامضة، وفي المقابل كشفت حركة “النهضة” الإسلامية عن استعدادها لطرح عرض سياسي جديد على التونسيين خلال الأيام المقبلة.
وجاءت هذه التطورات بعد أيام قليلة عن إعلان ثلاثة أحزاب سياسية من بينها حركة “مشروع تونس” لرئيسها محسن مرزوق الذي شغل في وقت سابق منصب مستشار للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وكان أبرز مساعديه على الانصهار في حركة أطلقوا عليها اسم “حركة حق”.

عين على السباق الرئاسي

ويأتي الحراك الحزبي الذي تشهده البلاد مع بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل التي لم تتضح معالمها بعد، خصوصاً عقب توقيف معظم رموز المعارضة الذين يواجهون تحقيقات في قضية تعرف محلياً بـ”التآمر على أمن الدولة”.

ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت الأحزاب السياسية التي فقدت بريقها بصورة كبيرة ستنجح في استعادة شعبيتها لدى التونسيين الذين ينشغلون بأزمات أخرى تؤرقهم على غرار فقدان مواد أساسية عدة مثل الحليب والسكر والرز.
وقال الوزير السابق فوزي عبد الرحمن إن “التحركات الجديدة التي تقوم بها الأحزاب في تونس تؤكد أن عينها على الانتخابات الرئاسية، فهي أصبحت تدرك أن هذا الاستحقاق هو الذي يجذب التونسيين، لذا هو الأهم بالنسبة إليهم، خصوصاً في ظل الدستور الجديد الذي يكرس نظاماً رئاسياً لحكم البلاد”.

وأوضح عبد الرحمن لـ”اندبندنت عربية” أن “هذا الحراك يستهدف إيجاد مرشحين أو مرشح يكون حوله إجماع وتوافق، لا سيما وسط الانغلاق السياسي الراهن والظلم المسلط على المعارضة مع غياب أبرز رموزها الذين تم اعتقالهم وإبعادهم”، مشدداً على أن “شرعية الأحزاب التونسية والمنظومة التي أفرزتها انتخابات عام 2014 تراجعت في 2021، لكن هذه الأحزاب قادرة اليوم على العودة للساحة السياسية على رغم الهشاشة التي تشهدها في مواجهة قضايا حاسمة مثل إصلاح القضاء والإعلام والإدارة وغيرها”.
ومنذ أن نجح في إطاحة البرلمان والحكومة المنتخبين في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، قاد الرئيس التونسي قيس سعيد تعديلات سياسية واجهت معارضة جريئة لكنها من دون سند شعبي، مما كرس حالاً من عدم ثقة الشارع بالأحزاب السياسية التي أمسكت زمام الأمور بعد انتفاضة 2011.
وأعاد الرئيس سعيد تونس إلى نظام الحكم الرئاسي بعد إقرار دستور جديد من خلال استفتاء شعبي في الـ25 من يوليو 2022، ينص على تقليص صلاحيات البرلمان بصورة كبيرة.
ومنذ البداية، سعت الأحزاب المعارضة وتتقدمها حركة “النهضة” إلى تحريك الشارع وتعبئته بمواجهة السلطة، لكن مع تأييد شعبي قوي للتعديلات التي يقوم بها، نجح سعيد في تثبيت أركان حكمه متجاهلاً تحركات الأحزاب وأيضاً مبادرة طرحها “اتحاد الشغل” (المركزية النقابية في البلاد) لحل الأزمة بين الطرفين.

تغيير استراتيجيات

وجاءت هذه التحركات الحزبية الجديدة التي اكتسبت زخماً في وقت تتأهب البلاد لانتخابات محلية هي الأولى في تاريخها والمفترض إجراؤها في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في وقت لا تزال مكونات المشهد السياسي تواجه تهميشاً متزايداً على رغم بعض الدعوات إلى حوار وطني شامل. ولا تزال قيادات حزبية عدة على غرار الأمين العام لـ”الحزب الجمهوري” عصام الشابي ورئيسة “الحزب الدستوري الحر” عبير موسي ورئيس “حركة النهضة” راشد الغنوشي في السجن، فيما تجري السلطات تحقيقات واسعة في قضية “التآمر على أمن الدولة”.
وعلى رغم غلق مقرها الرئيس في العاصمة التونسية وإيقاف قيادات بارزة منها إلا أن “النهضة” تعهدت بتقديم عرض سياسي جديد إلى التونسيين.
من جانبه، أعلن حزب “الائتلاف الوطني” المعارض الذي يترأسه الوزير السابق ناجي جلول مساء الأحد الماضي أنه سيتقدم إلى الانتخابات الرئاسية المقبل، لافتاً إلى أن “كله ثقة بالفوز فيها”.
واعتبر المحلل السياسي محمد ذويب أن “غالبية الأحزاب في تونس اقتنعت بأنه بالأساليب المتبعة منذ الـ25 من يوليو لا يمكنها أبداً إيقاف قيس سعيد أو معارضته بطريقة فاعلة، لذلك ستسعى إلى تغيير استراتيجيتها”، مردفاً أنه “بالنسبة إلى آفاق تونس، فهو حزب بلا شعبية ولم يكُن له تأثير كبير. أما حركة النهضة، فستحاول المناورة وتغيير سياستها وهي ما زالت قادرة على التأثير في المشهد”.
ورجح ذويب أن “تحاول الحركة ترشيح شخصية مستقلة للانتخابات الرئاسية المقبلة من خارج صفوفها ويُحتمل أن يكون العياشي الهمامي”، وهو ناشط حقوقي وسياسي تونسي.
وفي ظل أزمات اقتصادية يعانونها، فإنه من غير الواضح ما إذا كان التونسيون سيصغون إلى الأحزاب السياسية، خصوصاً أن سعيد يطرح برامج رفعت من سقف طموحات الشعب مثل استعادة الأموال التي يقول إنها نهبت من قبل رجال أعمال، وأيضاً تأسيس الشركات الأهلية وهي مشاريع يجزم الرئيس التونسي أنها قادرة على انتشال البلاد من مأزقها الاقتصادي.

شاهد أيضاً

التأثير السلبي لحرب غزة على الأوضاع الحقوقية في إسرائيل

الشرق اليوم-  الصراع في غزة قد فاقم من حالة حقوق الإنسان في إسرائيل، وأشار التقرير …