الرئيسية / مقالات رأي / الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيليّة: الدبوماسيّة على حدّ السكين!

الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيليّة: الدبوماسيّة على حدّ السكين!

بقلم: فارس خشان- النهار العربي
الشرق اليوم– فشلت المساعي الدبلوماسيّة التي تنخرط فيها واشنطن وباريس ونيويورك، حتى تاريخه، في تحقيق أيّ خرق إيجابي، لمصلحة “احتواء” الجبهة اللبنانيّة- الإسرائيليّة التي أشعلها “حزب الله”، وذلك على خلفية استحالة التوفيق بين نقيضين: إسرائيل التي تبحث عن ترتيبات نهائية لحدودها المرسومة مع لبنان، في مقابل “حزب الله” الذي يضع حدود لبنان مع إسرائيل في خدمة “الأمة التي يقودها صاحب الزمان ونائبه بالحق، الولي الفقيه الإمام الخميني”، وفق ما كان قد أعلنه، قبل سنوات، الأمين العام ل”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، عندما حدّد مفهومه ك”مؤمن عقائدي” لدور لبنان في “الأمة الإسلاميّة”.

وإذا كان يستحيل على إسرائيل، في ضوء تجربة هجوم “حركة حماس” على غلاف غزة، في السابع من تشرين الأوّل( أكتوبر) الماضي، وانضمام “حزب الله” الى حرب “طوفان الأقصى” في اليوم التالي، التعايش مع الجناح العسكري ل”حزب الله” على الحدود، خصوصًا وأنّ فكرة اجتياح جزء من إسرائيل واحتلال بلداته وقراه، هي من “بنات أفكار” هذا الحزب، إذ طالما هدد بها نصرالله في خطاباته، فإنّه يستحيل، في المقابل، على “حزب الله” الذي يسهر على إبقاء لبنان “عمقًا استراتيجيًّا للجمهوريّة الإسلاميّة في إيران”، وفق تعبير مرشدها السيّد علي خامنئي، أن يتخلّى عن هذه الورقة، لأنّه بذلك ينسف جدوى وجوده بالنسبة للإستراتيجية الإيرانيّة، من جهة ومبرر استمراره بالإحتفاظ بسلاحه، بالنسبة للداخل اللبناني، من جهة أخرى.

وقد بذل “حزب الله” جهودًا جبّارة، من أجل تطويع القرار 1701 لمصلحته، إذ إنّه، بسيطرته، على القرار الإستراتيجي اللبناني، منذ فرضه، بعملية السابع من أيّار( مايو) 2008، معادلات “تفاهم الدوحة”، حوّل الجيش اللبناني الذي انتشر، في الجنوب، بموجب القرار 1701 إلى “وسيط” لمصلحته في العلاقة التنسيقية القائمة بينه و بين قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ( يونيفيل)، الأمر الذي أعان الحزي على تحديث قوته العسكريّة وتفعيلها، في منطقة محظور عليه العمل فيها.

ووفق ما يمكن فهمه من البيانات الأخيرة الصادرة عن “اليونيفيل”، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وذلك كلّما تعرض واحد من مراكزها للقصف الإسرائيلي، فإنّ يد “حزب الله” العسكريّة تمتد حتى الى نقاط ملاصقة لمقرات هذه البعثة الأمميّة. وفي هذا السياق، يأتي قول الناطق باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي ، قبل يومين، في بيان صادر عنه: ” أيّ استخدام للمنطقة المجاورة لمواقعنا لشنّ هجمات عبر الخط الأزرق هو أمر غير مقبول “.

إذن، نظرًا لاستحالة التوفيق بين الهدفين المتناقضين لكل من إسرائيل و”حزب الله”، وفي ظل انحلال السلطة السياسيّة في لبنان وخضوعها، بشكل مطلق، لإرادة هذا الحزب، فإنّ كثيرين ينظرون، بقلق كبير الى الأيّام المقبلة، خصوصًا مع بدء الحكومة الإسرائيليّة ضغطها على الإدارة الأميركية من أجل أن ترفع “الفيتو” الذي تضعه على توسعة الحرب ضد “حزب الله”، وفق ما حصل في الإتصال الهاتفي، أمس بين وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن والوزير في “الكابينت” الإسرائيلي، الآتي الى “حكومة الطوارئ” من المعارضة، بيني غانتس.

ولا تعتقد إسرائيل بأنّه يمكن الحصول على تنازلات من “حزب الله”، من دون تكبيده أثمانًا باهظة عسكريًّا، لأنّها لا تؤمن بوجود أيّ طرف في لبنان يملك القدرة على “عقلنة” هذا الحزب، من جهة ولا يمكنها ترك اللعبة الدبلوماسيّة مفتوحة زمنيًّا، إذ إنّها مضطرة على أن “تنظف الغسيل اللبناني بمياه غزّة”، على اعتبار أنّها لا يمكن أن تنتقل من حرب الى أخرى، فدمج الحربين زمنيًّا،أجدى، بالنسبة اليها، من تفريقهما، من جهة أخرى.

ولهذا السبب، فإنّ الجيش الإسرائيلي، بدأ، يومًا بعد يوم، يوسّع دائرة استهدافاته في الجنوب ونوعيّتها، ويسمح لطائراته العسكريّة بالتحليق على علو منخفض على امتداد الأجواء اللبنانيّة.

ولا يُبدي “حزب الله” في المقابل، خشية من خوض حرب واسعة، إذ يبدو مقتنعًا بأنّ الثمن الذي تطلبه إسرائيل بالدبلوماسيّة لن تستطيع أن تحصل عليه بالحرب، إذ إنّ الحرب، وإن كانت كلفتها غالية، فهي سوف تعطيه، مهما لان وتنازل لاحقًا، أرجحية سياسيّة، بحيث يعمّق بعد العام 2024 ما سبق أن بدأه، بعد العام 2006، أي تهميش “خونة الداخل”، بالترهيب والترغيب، نهائيًّا عن أيّ قرار استراتيجي، ممّا يوسّع نفوذه في الجيش ورئاسة الجمهوريّة والحكومة، فيستعيد بالسياسة ما سوف تخسره إيّاه الحرب، ويعود، رويدًا رويدًا، إلى حيث تريده إيران أن يبقى، أي الجنوب.

وفي اعتقاد “حزب الله”، فإنّ التسليم بالدبلوماسيّة لما تريده إسرائيل يخسره كثيرًا، لأنّ الداخل اللبناني سوف يكون أكثر جرأة عليه، وسوف يستفيد من “التعقل الحدودي” لفرض “تعقل داخلي”، إذ لا يمكن للحزب، والحالة هذه، أن يبرر، وهو المنسحب الى ما وراء شمال نهر الليطاني، الأسباب الموجبة التي تتيح له الإحتفاظ بسلاحه الذي يُدرجه تحت عنوان: المقاومة!

ولعلّ هذا ما تدركه واشنطن وفرنسا اللتان تتفقان على وجوب منع توسعة الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” في مقابل تفعيل الدبوماسيّة الى حدودها القصوى.

شاهد أيضاً

جامعات أميركا… حقائق وأبعاد

بقلم: إياد أبو شقرا- الشرق الأوسطالشرق اليوم– «الانتفاضة» التي شهدها ويشهدها عدد من الحُرم الجامعية …